يقول السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، ان هناك حملة على الفصيل من اطراف عدة ترى ان الوضع الراهن لا يتحمل حماس بقوتها الشعبية والعسكرية، لذلك تحاول هذه الأطراف تحجيم حماس او ضغطها الى حجم سابق، او حجم تتحمله المرحلة. وهو يضيف ان التحجيم قرار اسرائيلي بضوء اخضر اميركي، مع تواطؤ بعض الأطراف العربية والسلطة الوطنية الفلسطينية، والسيد محمود عباس يتصرف كرئيس فصيل لا رئيس فلسطيني. كنت رأيت أبو الوليد خلال زيارة لي لسورية ولبنان الأسبوع الماضي، وحاولت ان أسمع منه حقيقة موقف حماس من المواجهة الدائرة مع السلطة من جهة، ومع اسرائيل من جهة اخرى. السيد مشعل قال:"هناك نية مبيتة ضد حماس مع اننا الأكثر التزاماً بالهدنة. هناك حساسية. اذا ردت الفصائل على اعتداءات اسرائيل يسلط الضوء على حماس وحدها، ولا يتحملون منها أي سلوك سياسي او عسكري". وهو يرى ان الهدف"تشويه صورة حماس، وتأليب الشارع الفلسطيني عليها، وإيجاد فجوة بينها وبين الشعب". ويعيد رئيس حماس الوضع الحالي الى تصريحات رئيس الوزراء آرييل شارون. ويقول انه على رغم كل الكلام عن الديموقراطية، فإن الضغط الحالي هدفه حمل حماس على مقاطعة الانتخابات، وهناك اطراف في السلطة الفلسطينية"لا يتحملون الذهاب الى انتخابات بنتائج غير محسومة سلفاً". ويعطي ابو الوليد مثلاً ان اسرائيل اعتقلت الشهر الماضي في الضفة الغربية نحو 400 عضو في حماس خلال ثلاثة ايام فقط. وشملت الاعتقالات رموز القيادات السياسية، والقائمين على الحملات الانتخابية، وعدداً كبيراً من المرشحين، حتى ان سبعة من مرشحي حماس في قرية شُقْبة، قرب رام الله، فازوا بالانتخابات البلدية وهم معتقلون. حماس ترى انها تتعرض لحملة سياسية وأمنية تهدف الى إضعافها، وتعتقد ان حادث مخيم جباليا يصب في هذا الاتجاه، فعندما وقع الانفجار خلال مهرجان لحماس بمناسبة الخروج الإسرائيلي من غزة كانت طائرات بلا طيار يسمونها في غزة زنانات وطائرات هليكوبتر اباتشي في الجو، وردت المقاومة، بإطلاق الصواريخ. ولم تمض نصف ساعة، بحسب ملاحظة السيد مشعل، حتى صدرت اربعة بيانات فلسطينية تقول ان سبب الانفجار سلاح حماس المعروض. وقد دخل كل رموز السلطة في هذه التهمة قبل أي تحقيق، وبمن فيهم ابو مازن، وكان أبو العلاء الاستثناء الوحيد. قال السيد مشعل ان حماس لا تزال تحقق في الانفجار، والصواريخ في المهرجان كانت مجسمات من دون متفجرات، ولم تكن هناك في المكان متفجرات كافية لمثل الانفجار الذي حصل، وحماس لا تزال تعتقد ان المسؤول اما قصف اسرائيلي، او فاعل آخر يريد ان يلقي التهمة على حماس. وفي حين تصر السلطة الوطنية على ان الانفجار سببه متفجرات لحماس، وأنه اعطى اسرائيل العذر لتقصف وتقتل وتدمر، فإن حماس ترد انها مستهدفة، والأخ ابو الوليد يقول انه في كل مرة يُطلق صاروخ من أي فصيل تتهم حماس من دون تحقيق، وهي تواجه حملة من السلطة تحت شعار اخلاء الشوارع من أي سلاح سوى سلاح قوات الأمن الرسمية. ولكن حماس ترى فارقاً بين عرض السلاح، او ان يكون مقاوم في سيارته ومعه سلاحه للانتقال من مكان الى آخر. سألت السيد مشعل هل تعود حماس عن قرار المشاركة في الانتخابات امام الحملة التي يتحدث عنها، وهو قال ان قرار المشاركة، اتخذ، وستخوض حماس المرحلة الرابعة والأخيرة من الانتخابات البلدية التي تشمل المدن الرئيسة وانتخابات المجلس التشريعي في كانون الثاني يناير المقبل. والحملة لن تصرف حماس عن مسارها، وكل قرار بالمشاركة أو الامتناع يتخذ في حينه. السيد مشعل يقول ان ليس صحيحاً ان السلطة الوطنية حريصة على اجراء الانتخابات، فقد أجلتها مرة ولعلها تفضل تأجيلها مرة ثانية. والولايات المتحدة ترفض ان يجمع أي فصيل بين المشاركة السياسية والمقاومة، في حين ان شارون يعارض مشاركة حماس اصلاً. وقد وفّر هذا الوضع غطاء للسلطة وهي تحاول تطويق حماس للحد من مشاركتها، ولمنعها من اظهار قوتها الحقيقية بين الفلسطينيين. ويضيف رئيس المكتب السياسي لحماس ان هذا السيناريو لا يخدم المصلحة الفلسطينية، فالذي يحاول اضعاف حماس وعزلها سيعزل نفسه في غزة، لأن امام الفلسطينيين معركة لاستكمال الحقوق في الضفة الغربية، فالمعركة يجب ان تبقى بين الفلسطينيين كلهم والاحتلال، لا بين فصائل المقاومة، او بين فصيل منها والسلطة. مصادر السلطة تقول ان حماس ارتكبت اخطاء كبيرة في قطاع غزة، وستدفع ثمنها في الانتخابات، وتزيد ان هناك خلافاً على ما يبدو بين قيادتي الداخل والخارج، وأن قيادة الداخل تراجعت بسبب الاغتيالات والاعتقالات، وحماس كلها لم تحسم امرها بعد بين السياسة والمقاومة. ثم ان تصريحات السيد محمود الزهار عن دولة اسلامية من نمط ايراني لو فازت حماس هي جرس انذار لجميع الذين يعتقدون ان حماس يمكن ان تصبح جزءاً من ممارسة ديموقراطية. حماس ترد ان الحملات ضدها جزء من مخطط بغطاء اسرائيلي وإقليمي ودولي لتشويه صورة حماس وإضعافها لأنها تمثل المنافس الأقوى لفتح بين الفلسطينيين، والانتخابات هي الحَكَم. * أحيي الصديق العزيز محمد البرادعي على فوزه بجائزة نوبل للسلام. احييه مرتين، مرة لفوزه، ومرة لأنه ألقم المتطرفين في الإدارة الأميركية حجراً.