لم تمنع أكبر وأشد إجراءات أمنية تشهدها اسكوتلندا لمناسبة افتتاح قمة قادة الدول الصناعية الثماني فيها أمس، المحتجين من عرقلة حركة المرور وسد الكثير من الطرق المؤدية إلى مكان عقد القمة في منتجع غلين إيغلز، الأمر الذي أجبر مئات الصحافيين وعشرات أعضاء الوفود الرسمية على تحويل خطوط سيرهم، بعدما أعلن منظمو الاحتجاجات أن هدفهم الرئيس هو عرقلة وصول أعضاء الوفود إلى مكان عقد القمة. وهدد المتظاهرون بمحاصرة المجتمعين الذين انضم إليهم ثلاثة عشر رئيس دولة يمثلون دولاً صناعية فاعلة وأخرى تمثل الدول النامية والفقيرة، للتداول في الخطوات الواجب اتخاذها من أجل التوصل إلى حلول لملفات ساخنة ومعقدة، في مقدمها التغيير المناخي ومكافحة الفقر في أفريقيا، وإلغاء ديون الدول الفقيرة، إضافة إلى تبادل أزمات دولية في مقدمها الصراع العربي - الإسرائيلي، والأزمة الكورية والوضع الأمني في العراق والتنسيق في مجال مكافحة الإرهاب. الافتتاح وجدول الأعمال وافتتحت القمة أعمالها بمأدبة عشاء دعت إليها الملكة إليزابيث الثانية على شرف زعماء الدول الصناعية الثماني، وحضره عشرون رئيس دولة وحكومة، إضافة الى رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ورئيس منظمة الوحدة الأفريقية ألفا عمر كوناري، إضافة إلى رؤساء البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي. ووفقاً لمعلومات أدلى بها ناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ل"الحياة"، فإن اجتماعات قادة الدول الصناعية الثلاثة ستتم على ثلاث مراحل أو جلسات عمل لا تقل مدة الواحدة منها عن ساعة على الأقل،. أما المرحلة الثانية من اللقاءات، فيشارك فيها إلى جانب قادة الثماني، زعماء الصين والهند والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا، إضافة إلى رؤساء المنظمات الولية. ومنذ مدة، تعقد اجتماعات على هذا المستوى بين ما يعرف بقادة المجموعة الثلاثة عشر، وهي الدول الصناعية والدول الخمس الآنفة الذكر. وينضم إليهم بعد ذلك زعماء بعض الدول الأفريقية القوية. ويشارك في اجتماعاتهم إلى جانب قادة الثماني رؤساء منظمات الوحدة الأفريقية والمفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة والبنك الدولي. واستبق وزير المال البريطاني غوردون براون نتائج أعمال القمة، وحذر قادة الحملات الدولية لمكافحة الفقر من خيبة أمل قد تصيبهم من جراء النتائج التي ستخرج بها القمة، موضحاً أن ما يمكن تحقيقه من اجتماعات الأيام المقبلة في اسكوتلندا يعتمد إلى حد كبير على تفاهم الدول الغنية في ما بينها. وتسلم الوزير الأول الاسكوتلندي جاك ماكونيل مقترحات قدمها أطفال من دول العالم عقدوا قمة في أدنبره، على أن يقدمها إلى زعماء الدول الغنية عند اجتماعه بهم، وقد تولت منظمة اليونيسف لرعاية الأطفال تنظيم قمة الأطفال. الخلاف البريطاني - الفرنسي وطغى فوز بريطانيا بتنظيم الألعاب الأولمبية في لندن في العام 2012، على افتتاح القمة. وخرج توني بلير أمام وسائل الإعلام ليعبر عن فرحته بفوز لندن. وقال إنه لم يتحدث إلى الرئيس الفرنسي جاك شيراك بعد الفوز مباشرة، بسبب وجود الأخير على متن الطائرة التي تقله إلى اسكوتلندا. وأوضح أن زعماء أربع دول يشاركون في القمة تقدمت دولهم بعروض لاستضافة الألعاب الأولمبية، وأن الأمر لا يقتصر على فرنسا وحدها. وذكر بلير أن الخلافات بين فرنساوبريطانيا تقتصر فقط على الموضوع الأوروبي ومعالجة الفقر في القارة الأفريقية، وليس سائر القضايا الدولية. من جهة أخرى، قالت رئيسة إيرلندا السابقة ماري روبنسون التي تتولى حالياً رئاسة منظمة"أوكسفام"الخيرية، إن عدم إلغاء ديون الدول الفقيرة والخروج باتفاق واضح حول التغيير المناخي، سيعقد الكثير من المشكلات على الساحة الدولية. في المقابل، أزيح الستار في أدنبره أمس عن تمثال يهدف إلى لفت انتباه القادة المشاركين في القمة إلى أهمية مكافحة الفقر. وقال المشرفون على الحفل في مدينة أدنبره إن طفلاً واحداً على الأقل يموت كل ثلاث ثوان. متظاهرون ميدانياً، قام متظاهرون بصدامات وأعمال شغب صباح أمس في محيط غلين إيغلز، ما حمل الشرطة على توقيف 16 شخصاً. وقطعت الشرطة الطريق العام"إي-9"، وهو الطريق الرئيسي المؤدي إلى غلين ايغلز، وضاعفت عمليات المراقبة على جميع المحاور الفرعية. وافادت عن وجود"جيوب"مقاومة في قطاع غلين إيغلز. وجاء ذلك في وقت أعلن ناطق باسم الشرطة أن التظاهرة التي كانت متوقعة بالقرب من غلين إيغلز ألغيت"لأسباب أمنية"إثر الاشتباكات. وفي أدنبره، قامت قوات الأمن"باحتواء مجموعة صغيرة"من المتظاهرين ومنعت"من باب الحيطة"السير في بعض شوارع وسط المدينة. وفي ستيرلينغ، هاجم نحو مئتي متظاهر سيارات بقضبان حديد وألقوا حجارة على واجهة مطعم من سلسلة برغر كينغ، فيما قام آخرون بتحطيم واجهات زجاجية. ونشر 10500 شرطي في غلين إيغلز ومناطق أخرى من اسكوتلندا لضمان أمن المشاركين في قمة مجموعة الثماني التي تبدأ مساء اليوم الاربعاء وتستمر حتى الجمعة. شرودر وقبل ساعات قليلة من افتتاح القمة، كتب المستشار الألماني غيرهارد شرودر مقالة في صحيفة"تاغز شبيغل"الألمانية حض فيها نظراءه في القمة على إلغاء كل الديون المتوجبة على الدول الأفريقية الأكثر فقراً. وذكر"ان مثل هذا القرار سيزيح العبء بمقدار 56 بليون دولار إضافية". واشترط أن يخصص الإعفاء من الديون"سيخدم بالفعل التغلب على الجوع والفقر". وأكد شرودر أنه سيطرح في القمة موضوع الأعباء الاقتصادية المتزايدة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار النفط.