شهد لبنان أمس إحدى محطات التحولات السياسية الكبيرة في أوضاعه الداخلية، بخروج قائد"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع من السجن، ومخاطبته اللبنانيين بكلمة سياسية لخص فيها بعضاً من الماضي القريب ومعاناته، وبعضاً من توجهاته المستقبلية، في سياق التغييرات المتسارعة التي يشهدها مسرحه السياسي منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري والانسحاب السوري من لبنان. راجع ص2 و3 وعكس جعجع الذي اقامت له"القوات"احتفالاً سياسياً مختصراً، لخروجه الى الحرية، ووداعياً لمغادرته بيروت الى فرنسا التي وصلها مساء للراحة وإجراء فحوص طبية بعد مضي 11 سنة ونيف في السجن، هذه التحولات بأن استهل كلمته مخاطباً اللبنانيين بالقول:"خرجتم من السجن الكبير فأخرجتموني معكم من السجن الصغير". وبانتقال جعجع الى الحرية من ظروف"اعتقال قاسية، حقاً قاسية... على مساحة ستة أمتار مربعة فقط". فإن حديثه عن المستقبل في أول اطلالة له، ظل محكوماً بمفردات طغت عليها آثار مدة السجن الطويلة. لكنه مزج في كلمته التي القاها في مطار بيروت الذي انتقل إليه مباشرة من زنزانته في وزارة الدفاع قرابة التاسعة والربع صباح امس، بين الوجدانية والسياسة وأطلق اشارات ايجابية في اتجاه الكثير من الأطراف اللبنانيين، فأكد للبنانيين"ان السنوات السود وراءكم وبيض الأيام امامكم... علينا ان نتعاون جميعاً بروح مختلفة كلياً عن سنوات الحرب". واضاف:"لكي نتعاون جميعاً يجب ألا ننظر الى الآخرين معتمدين على حكم مسبق مبني على نظرتنا السابقة إليهم ابان سنوات الحرب لأنه كان لتلك الحرب منطقها الذي لم يعد قائماً او صالحاً ليومنا هذا". وفيما كرس كلامه هذا اساساً للمصالحة الوطنية اشار الى ان"بيتنا الداخلي في حال اختلال وعدم توازن... لكننا لن نألو جهداً لمزيد من التفاهم مع حلفائنا على اعادة التأهيل". وحرص جعجع الذي برهن عن ذاكرة متوقدة، وسرعة بديهة، خلال الساعات السبع التي امضاها في مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل مغادرته الى باريس بطائرة عادية، الرابعة بعد الظهر، اثناء سلامه على النواب والسياسيين والقواتيين في صالون الشرف، على شكر جميع الذين ساهموا في اطلاق سراحه خاصاً بالذكر البطريرك الماروني نصرالله صفير والمطارنة، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، رئيس تيار"المستقبل"سعد رفيق الحريري، لقاء قرنة شهوان والعماد ميشال عون و"التيار الوطني الحر"ورئاسة المجلس النيابي والنواب. وتميزت لقاءات جعجع في صالون الشرف مع بعض السياسيين بالحميمية احياناً وبالمفاجأة احياناً اخرى وبدا متحفزاً الى تلمس طريق المستقبل مشدداً على ان عقارب الساعة لن تعود الى الوراء... ولوحظ غياب أي من نواب الكتلتين الشيعيتين الرئيسيتين في البرلمان أي"امل"و"حزب الله"وحلفائهما، وحزب الكتائب بقيادة كريم بقرادوني وحضر النائب ميشال موسى موفداً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وقالت مصادر"القوات"انها وجهت الدعوة الى كل الكتل النيابية التي صوتت على قانون العفو، بما فيها كتلة الرئيس بري لحضور استقبال جعجع. وإذ لاحظ بعض الحضور خلو كلمة جعجع من ذكر المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي لاحظ البعض الآخر إغفاله لاتفاق الطائف، لكن انصار جعجع اشاروا الى بدء كلمته بالحديث عن ان الأيام السود بدأت باغتيال الرئيس الشهيد رينيه معوض ولم تنته باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كرمزين لاتفاق الطائف. الى ذلك، أكد وزير خارجية فرنسا فيليب دوست - بلازي في مؤتمر صحافي امس انه ينبغي على حكومة فؤاد السنيورة ان تقوم بأسرع وقت ممكن بالإصلاحات الاقتصادية لأن من دون الإصلاحات لا يمكن ان يكون هناك مسار سياسي وهي التي تجعل الأسرة الدولية تساعد لبنان. واضاف دوست - بلازي، في رد على سؤال"الحياة"، حول زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الى بيروت الأسبوع الماضي"لا يُسمح لأي بلد ان يتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية إن كان سورية او أي احد آخر ولذا المطلوب احترام القرار 1559"، وقال:"ليس هناك أي سبب ايضاً ليكون على الحدود اللبنانية -السورية ايقاف وتفتيش الشاحنات اللبنانية". وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية امس ان جعجع سيزور فرنسا"بصفة خاصة".