طغى أمس الاهتمام الرسمي والسياسي والشعبي بمحاولة اغتيال الاعلامية في المؤسسة اللبنانية للارسال LBC مي شدياق على ما عداه، سعياً لكشف مرتكبي الجريمة ومعاقبتهم، علّ الامر يقود الى وقف مسلسل الارهاب، في حين حذَر مصدر فرنسي مطلع من ان"المرحلة الراهنة في لبنان بالغة الصعوبة". راجع ص 5 و6 وترافق الاهتمام المحلي بمحاولة اغتيال شدياق باهتمام دولي تجاوز ردود الفعل التقليدية الى ابداء دول عدة وفي مقدمها الولاياتالمتحدة الاميركية استعدادها، وبناء لرغبة نقلها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى السفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان، للمساعدة على كشف الفاعلين وذلك من خلال ارسال خبراء في المتفجرات من مكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي آي للمشاركة في الكشف على مسرح الجريمة أسوة بما حصل سابقاً عندما اغتيل الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي والكاتب سمير قصير. لكن الاهتمام الرسمي، على رغم الحرص الذي أبداه السنيورة الذي ترأس اجتماعاً لقادة الاجهزة الامنية في حضور وزيري الداخلية حسن السبع والدفاع بالوكالة يعقوب الصراف، بقي في إطار الاقوال وإظهار العزم على وضع حد لمسلسل الارهاب، ولم يتجاوزه الى تسجيل أي تقدم يتعلق بالتحقيق الذي بوشر فيه فور استهداف شدياق. وكان لافتاً في الاجتماع الموقف الذي نقل عن السنيورة من ان مسلسل الارهاب الذي يضرب لبنان سيحتضر عاجلاً او آجلاً كلما اقترب جلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مجدداً ربطه بين استمرار هذا المسلسل وبين مشارفة المحقق الدولي في الجريمة القاضي الالماني ديتليف ميليس على الانتهاء من مهمته، خصوصاً انه انشغل طوال يوم امس في الاشراف من مقر اللجنة في المونتيفردي على ترجمة اقوال الضباط والمسؤولين السوريين الذين التقاهم أخيراً فريق المحققين الدوليين في دمشق، كشهود في الجريمة استعداداً لرفع تقريره النهائي الى مجلس الامن الدولي من خلال الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان قبل 25 تشرين الاول اكتوبر المقبل. كما كان لافتاً ايضاً الموقف الذي اعلنه الوزير السبع في مؤتمر صحافي عقده في نهاية الاجتماع الامني من انه"حين يحكى عن الجهاز الامني المشترك اللبناني - السوري، كان التركيز على اربعة اشخاص فقط، لكن كانت هناك شبكات كبرى ومن جميع الفئات، من مديري مصارف وأصحاب شركات وإعلانيين وإعلاميين، فإذا ضبط اربعة وادعي عليهم فهذا لا يعني ان مشروعهم انتهى، وان ضخامة الامر بضخامة التفجيرات الحاصلة". وتأكد ل"الحياة"ان الاجتماع الامني، وان كان قد خصص للبحث في المشروع الذي اعده السبع والصراف لتطوير الاجهزة الامنية وتفعيل صلاحياتها وزيادة انتاجياتها الاستعلامية في كشف الجرائم قبل حصولها، فإن محاولة اغتيال شدياق استحوذت على اهتمام المجتمعين اضافة الى النقاط الواردة في المشروع وخصوصاً بالنسبة الى توحيد المرجعية في تبادل المعلومات الامنية وضرورة عقد اجتماعات دورية للتنسيق في كل ما له علاقة بالوضع الامني، والتركيز على الجهدين الاستعلامي والقضائي اضافة الى طلب مساعدة من دول معينة لتعزيز القدرات التقنية في مكافحة الجرائم المنظمة والتشدد في فرض مزيد من التدابير عند المعابر الدولية أكانت برية أم بحرية، لوقف استمرار عمليات تهريب الاسلحة وتسلل اشخاص في صورة غير شرعية الى لبنان وتحديداً المقاتلين الفلسطينيين الذين يعبرون اليه من داخل الاراضي السورية. وفي دمشق الحياة قال الامين العام المساعد ل"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"طلال ناجي"ليس صحيحاً ان السلطات اللبنانية اوقفت مسلحين او عناصر تابعة لجبهتنا". وقالت مصادر فلسطينية اخرى ان الفلسطينيين الذين ابعدتهم السلطات اللبنانية ينتمون الى"فتح - الانتفاضة". وينتظر ان يفرض الوضع الامني، بعد عودة مسلسل التفجير والارهاب، نفسه على طاولة مجلس الوزراء بعد غد الخميس في محاولة لرفع مستوى المواجهة الامنية والسياسية لهذا المخطط في ضوء توقعات عدد من الوزراء ل"الحياة"بأنه سيتصاعد تدريجاً كلما اقترب ميليس من اعداد تقريره النهائي، مشيرين الى انهم يخشون من وجود مخطط ليس لتهديد الاستقرار العام في البلد وانما لإشاعة الفوضى فيه بغية استحضار موضوع يستأثر باهتمام اللبنانيين لأنه يهدد حياتهم بالخطر من شأنه ان يغطي على تقرير لجنة التحقيق الدولية. وبالنسبة الى سير التحقيق في محاولة اغتيال شدياق، علمت"الحياة"بأن القضاء اللبناني لم يتمكن من الاستماع الى افادتها نظراً الى حالها الصحية، ونصح اطباؤها بتأخير تسجيل اقوالها خمسة ايام ريثما تستطيع التحدث الى قاضي التحقيق العسكري. كما علمت"الحياة"بأن الاجهزة الامنية اجرت في الساعات الاخيرة مسحاً امنياً شاملاً للمنطقة الممتدة من أدما الى غادير، أي الطريق الذي سلكته اثناء خروجها من عملها في المؤسسة اللبنانية للارسال الى المكان الذي يقع فيه منزل المحامي جورج فارس الذي قصدته للزيارة بعد أن اتفقت واياه على اللقاء في اتصال جرى قبل نصف ساعة من تركها مبنى المؤسسة. اما بالنسبة الى ما تردد من ان شدياق كانت تعرضت الى تهديدات، قالت مصادر امنية انها تلقت معلومات في هذا الخصوص لكنها تفضل الاستماع الى افادتها اولاً، مشيرة الى ان هذه الاجهزة اجرت مسحاً للاتصالات التي كانت اجرتها او تلقتها لمعرفة ما اذا كان مجهولون غير معروفين منها اتصلوا بها. وفي انتظار الاستماع الى افادة شدياق، فإن لبنان كان امس أسيراً للاشاعات المتنقلة في العاصمة، والتي احدثت ارباكاً لدى المواطنين قبل التأكد من انها كناية عن ضبط لغم غير قابل للاستعمال وجد فجر امس في محلة مونو القريبة من الجعيتاوي التي كانت شهدت انفجاراً قبل 11 يوماً أدى الى قتل شخص. وتبين ان اللغم من بقايا الحرب في لبنان وان صاعقه نزع منه وان بائع خردة وجده في ارض خلاء في المكان المذكور. كما عاشت المنطقة المحيطة بمبنى الجامعة الاميركية في بيروت حالاً من الرعب استمرت دقائق بعدما تأكد ان السيارة التي وجدت مركونة قبالة المبنى على اوتوستراد المنارة، وفي داخلها حقيبة يد وعلب تحوي على أشرطة فيديو تعود الى طالب في الجامعة كان أوقفها هناك. وفي المواقف، أجرى رئيس"كتلة المستقبل"النيابية النائب سعد رفيق الحريري محادثات مع قائد"القوات اللبنانية"سمير جعجع في حضور النائبة ستريدا جعجع ومسؤول القوات في اوروبا ايلي براغيد. وأصدر الجانبان بياناً مشتركاً وضعوا فيه الاعتداء على مي شدياق في سياق مسلسل التفجيرات"الهادفة الى ترهيب المواطنين وإخضاعهم"، داعين اللبنانيين الى التماسك، والسلطات المعنية الى مضاعفة جهودها للتصدي للمسلسل. ولاحظ البيان تركز التفجيرات في المناطق المسيحية، معتبرين انها تهدف الى تعكير الاجواء الداخلية"وتخويف المسيحيين"كما جرت العادة"مع كل مطالبة بالانسحاب السوري من لبنان"، ومحذرين من"دفع اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً الى اليأس من حماية الدولة لأمنهم". وقرر المجتمعون، بحسب البيان، عقد لقاءات دورية"للخروج بخطة عمل شاملة"لانقاذ لبنان، مثمنين تحرك رئيس الحكومة في نيويورك، ومعتبرين ان التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري"شأن يتعلق باللبنانيين جميعاً". بدوره قال حمادة بعد زيارته وزميله نعمة طعمة للمستشفى:"ان من حاول قتل شدياق هم الذين حاولوا قتلي والذين اغتالوا الحريري"، مشيراً الى ان"الجميع يعرفهم وكما قلت في السابق انظروا الى محور دمشق - بعبدا وأقبية الاستخبارات ولا أتراجع عن ذلك وان وجود اربعة من هؤلاء الزمرة في السجن ليس كافياً فالعملية تحتاج الى تنظيف كاملة والى اقتلاع ذهنية التبعية من الكثيرين في لبنان". من جهة ثانية، نظم مساء امس اعتصام حاشد في ساحة الشهداء استنكاراً لمحاولة اغتيال شدياق تحدث فيه عدد من الوزراء والنواب وشخصيات حزبية وسياسية مطالبين بالكشف عن الحقيقة وداعين الحكومة الى تحمل مسؤولياتها في الإسراع بملء الشواغر في المراكز الامنية القيادية. وغمز كثيرون من قناة سورية وحملوها تبعات مسلسل التفجير الذي يستهدف لبنان. تحذير فرنسي وفي باريس، اعلن رسميا ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك أجرى اتصالا هاتفيا امس بنظيره المصري حسني مبارك تناول في منطقة الشرق الاوسط وخصوصا لبنان. وقال المتحدث باسم الرئاسة جيروم بونافون ان الاتصال يمهد للزيارة التي يفترض ان يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي هذا الاسبوع الى القاهرة. وقال مصدر فرنسي مطلع ل"الحياة"ان فرنسا"ترى ان المرحلة الراهنة في لبنان بالغة الصعوبة، لان السوريين متوترون بشكل خاص". واضاف المصدر ان"الرئيس السوري بشار الاسد أبلغ مبارك بأن لجنة التحقيق الدولية برئاسة القاضي الالماني ديتليف ميليس لم تجد شيئا ضد سورية"، متوقعا ان" الاتهام سيوجه رغم ذلك الى دمشق، لان هناك مؤامرة تستهدفها، متمنياً على مصر الوقوف الى جانبها، ونصحه الرئيس المصري بالتعاون مع اللجنة طالما ان سورية بريئة وبعدم اعطاء الانطباع بانه لا يريد ان يتعاون". وقال المصدر ان"شيراك يوافق مصر الرأي بانه ينبغي على سورية التعاون مع المحققين الى النهاية". واشار المصدر من جهة ثانية الى ان اللقاءات التي تعقدها المعارضة السورية في باريس"خاصة وليست منظمة من قبل الطرف الفرنسي الذي لا يمكنه ان يتدخل فيها". واضاف ان زيارة رئيس الاستخبارات العسكرية السورية اللواء آصف شوكت الى فرنسا جرت بموجب تأشيرة، موضحا انه"لا يمكن حجب التأشيرة عن شخص غير خاضع لعقوبات ولا يواجه اي اتهام". واشار الى ان"شوكت لم يلتق اي مسؤول فرنسي لا في الخارجية ولا في الرئاسة، لكنه التقى مسؤولين في الاستخبارات الفرنسية ونقل اليهم كلاماً مشابها لما قاله الاسد لمبارك بشان تحقيق ميليس". ودعا الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان، الأسرة الدولية الى"عدم التسامح"مع العمل الارهابي الذي تمثل في محاولة اغتيال مي شدياق وطالب الحكومة اللبنانية بالمجيء الى العدالة الذين"اقترفوا"محاولة الاغتيال وكذلك الذين"حرضوا"عليها. ودعا انان، عبر بيان للناطق باسمه ستيفان دوجاريك"جميع الأطراف في لبنان الى الحفاظ على وحدته الوطنية في هذه الأيام الحاسمة الخطيرة".