تخطت منذ أعوام قليلة ظاهرة الحقوق الحصرية للأحداث الرياضية في الفضائيات التي"تناسلت"وتكاثرت تباعاً، الموضة الرائجة وتثبيت الوجود، لتبلغ مرتبة"التشفير"وعروضه، ودخلت مرحلة الاختصاص والتفرغ مع انشاء فضائيات رياضية صرفة بباقات وقنوات متنوعة، تقدم الغث والسمين، العربي والأجنبي... مواد وبرامج ثرية تستحق المشاهدة والمتابعة وتثير الإعجاب، وأخرى من"سقط المتاع"إكمالاً للعدد. وبعدما تسابقت بعض المحطات العربية على الفوز بحقوق الأحداث الدولية، لا سيما بطولات الدوري الأوروبي، في مقابل"ثروات"وفق حجم السوق المحلية - الإقليمية، بتنا نلاحظ الاتجاه نحو هدوء الريح والفرز النوعي الذي سيغربل الساحة من دون شك، وهي وفق رأي كثر من المتابعين خصوصاً الضالعين بشؤون الصفقات وحقوق البث، مبالغ فيها في أحيان كثيرة، فكانت الخسارة مضاعفة اذا ما نظرنا الى الأسلوب الضعيف في تقديم المواد والإنتاج السيىء. ولأن الإعلام أضحى"سلاحاً"أكثر منه وسيلة، ترى بعض الأندية المقتدرة الراسخة شعبياً في الفضائيات باباً لتعزيز مداخيلها وايصال صوتها، ومنها نادي الأهلي المصري الذي اقترب موعد البث التجريبي لقناته ضمن باقة شبكة"راديو وتلفزيون العرب". وسنشهد قريباً اعلان قناة"الجزيرة الرياضية"اطلاق قناة مشفرة لعدد من برامجها لا سيما بطولات الدوري القطري والإسباني والإيطالي، الذي انتقلت اليها حقوقه اخيراً في مقابل 12 مليون يورو. انها مرحلة الانتقال من نظام البث الى نظام التشفير، لبلوغ آفاق أرحب يؤمل ان تثمر تسويقاً وانتشاراً وفي ظل دراسات الجدوى الاقتصادية والعروض المغرية المصاحبة. وتأتي النقلة الجديدة ل"الجزيرة الرياضية"مرسية تعاوناً مع شبكة راديو وتلفزيون العرب تحصل بموجبه على أربعة ملايين دولار في مقابل دخولها"باقة الأوائل". ولأن الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، يتطلع القائمون على المؤسستين الى الكثير..."معاهدة"من بنودها حصول الجزيرة الرياضية على بعض مباريات بطولات الدوري الأوروبية التي تبث حصرياً على الپ"أي آر تي"ومنها الإنكليزي والألماني والفرنسي، وتنقل"الشبكة"بعضاً من مباريات الدورين الإسباني والإيطالي. والملاحظ حتى الآن ان في غالبية المحطات والقنوات الرياضية وغير الرياضية العربية، يحصر التشفير عموماً ببطولات كرة القدم ومن منطلق شعبيتها وحاجة الجميع الى متابعتها، وبالتالي فإنها استثمار مميز... غير ان الاختراقات والالتفاف على الحقوق والحصرية ومنها"شبكات الشوارع"جعل القائمين على المحطات امام أمر واقع مر أحياناً. وطرح مبدأ كيفية جذب هواة الرياضة الى مشاهدة احداثها المهمة مشفرة بسعر معقول... اما العائدات المالية غير المباشرة من الحقوق الحصرية التي تدخل صناديق الاتحادات والأندية، فلا بد من ان تسهم من دون شك في تطور الرياضة وانتشارها، على غرار ما حصل في اوروبا وأستراليا والولايات المتحدة وعدد من الدول الآسيوية... لكن يبقى المطلوب أيضاً تطور في الإنتاج واجتهاد في التقديم والتعليق بعيداً من التقليد و"التقليعات"، التي ربما تصلح في الأعمال الفنية الاستعراضية وعروض السيرك والتهريج، لكنها تعدم الرياضة وأحداثها.