تحققت للمستشار الألماني غيرهارد شرودر رغبته أمس في فقدانه ثقة البرلمان الاتحادي بعدما حصل طلب الثقة الذي طرحه على 151 صوتاً من أصل 201 صوت تمثل نصف عدد نواب البرلمان زائد واحد. وصوت نواب المعارضة وعددهم 296 نائباً ضد الثقة بالمستشار، فيما امتنع 148 نائباً من الائتلاف الحكومي عن التصويت. وتتمتع حكومة شرودر بغالبية ضئيلة تبلغ 304 أصوات. وبعد اعلان النتيجة، توجه شرودر فوراً الى مقر رئاسة الدولة حيث قابل الرئيس هورست كولر لاعلامه بالأمر والطلب منه حل البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكرة في الخريف المقبل. وبحسب الدستور الألماني الذي يحدد معايير عالية لطرح الثقة، يتعين على كولر التأكد مما اذا كان المستشار فاقداً بالفعل لثقة غالبيته النيابية أم ان الأمر مختلق لرغبة شخصية منه. ولدى الرئيس مهلة ثلاثة أسابيع للقبول بنتيجة التصويت وحل البرلمان أو الرفض ورفع الأمر الى المحكمة الدسورية العليا. ولم تأت خطوة المستشار شرودر بطرح الثقة والدعوة الى انتخابات قبل سنة من موعدها، مفاجئة، اذ أعلن عنها مباشرة إثر الهزيمة الانتخابية المرة التي لحقت بحزبه في ولاية شمال الراين ووستفاليا في 22 أيار مايو الماضي، على رغم ان تلك الولاية ظلت قلعة منيعة للاشتراكية طيلة أربعة عقود. ويشكل ذلك آخر العنقود تقريباً لسلسلة من الهزائم الانتخابية المحلية الأخرى لشرودر خلال السنوات الأربع الماضية. وعلى رغم ان شرودر يتمتع بغالبية نسبية في البرلمان، فإنه رأى في الخطاب الذي ألقاه أمام النواب قبل طرح الثقة على التصويت، ان معاقبة الناخبين له ولحزبه جاءت بسبب برامجه الاصلاحية الضرورية لاخراج البلاد من ازمتها الاقتصادية والاجتماعية، كما ان ابتزاز الجناح اليساري في حزبه الاشتراكي الديموقراطي وفي حزب الخضر الحليف له بصورة مستمرة،"عطلا قدرته على مواصلة النهج الاصلاحي الذي لا عودة عنه". وأضاف:"ان اكمال المعارضة المسيحية والليبيرالية سيطرتها الكاملة على مجلس اتحاد الولايات الألمانية بعد انتخابات شمال الراين جعلها تمعن في تعطيل القوانين التي يسنها البرلمان وعطلت عمل حكومته". وتابع: انه أمام كل ذلك لا يجد أمامه سوى طرح الثقة بهدف عدم نيلها، لفتح الباب أمام حل البرلمان واجراء انتخابات جديدة للحصول على تفويض جديد له. وبرر شرودر عدم لجوئه الى الاستقالة بقوله ان لها تبعات دستورية وقانونية تؤدي الى التخلي عن النشاط السياسي في الوقت الذي ينوي تزعم حزبه في الانتخابات المقبلة. وتحدث في الجلسة رؤساء الكتل والأحزاب الحليفة والمعارضة, وأعربت زعيمة المعارضة المسيحية آنغيلا مركل المرشحة لمنصب المستشار، عن احترامها لقرار شرودر، لكنها اتهمته بالفشل في تحقيق الشعارات التي فاز على أساسها عامي 1998 و2001، مؤكدة ان حزبها وغالبية الألمان يريدان تغييراً حكومياً في البلاد. وكشفت في كلمتها انها ستدخل تعديلاً جذرياً على كامل السياسة الخارجية للحكومة في حال فوز حزبها في الانتخابات. واستأثرت بالاهتمام الكلمة التي ألقاها النائب في حزب الخضر فرنر شولتس الذي خرج على موقف حزبه، واتهم المستشار"بإخراج مسرحية فقدان الثقة"و"اللعب بالديموقراطية البرلمانية"بحجة بحثه عن تفويض جديد له، الأمر الذي يرفضه الدستور. وكان شولتس أعلن مع نائبة اشتراكية أول من أمس، انهما سيطعنان في صدقية فقدان الثقة، أمام المحكمة الدستورية العليا، اذا وافق رئيس الدولة على حل البرلمان. لكن المراقبين، وعلى رغم اختلاف أساتذة القانون على"دستورية"خطوة شرودر، ينطلقون من أن الرئيس كولر سيوافق في النهاية على نتيجة التصويت تحت ضغط رغبة كل الأحزاب الألمانية بذلك، وكذلك 68 في المئة من الألمان المؤيدين لاجراء انتخابات جديدة. وعلى رغم ان الاستفتاءات الجارية لا تزال تشير الى ان المعارضة المسيحية والليبيرالية ستفوز بفارق كبير على حزبي الحكومة 51 في المئة مقابل 35 في المئة لو أجريت الانتخابات اليوم، أظهر استفتاء نشر أمس تفوق المستشار شرودر من جديد على منافسته مركل في المفاضلة المباشرة بينهما 40 في مقابل 26 في المئة.