دعت زعيمة الحزب المسيحي الديموقراطي أنغيلا مركل حزب المستشار المنتهية ولايتة غيرهار شرودر إلى تشكيل"ائتلاف كبير"تحت زعامتها، بعدما أقرّت بأن ما من قوة سياسية في ألمانيا تملك الغالبية المطلقة. وقالت مركل في مؤتمر صحافي إن معارضة الوسط واليمين فازت بعدد اكبر من المقاعد التي نالها الائتلاف الخارج من الحكومة، وهو ما يعتبر تفويضاً واضحاً للحكومة. كما كرّرت نيتها بدء محادثات مع الأحزاب كافة باستثناء حزب اليسار الجديد الذي يضم شيوعيي ألمانياالشرقية سابقاً. وجاء كلام مركل في وقت يدرس الحزبان الرئيسان في ألمانيا موقفهما الحالي والاختيارات المتاحة أمامهما في ضوء النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد. ويرجح ألا تتمكن مركل من تشكيل الائتلاف الذي كانت تطمح إليه، وسيتعين عليها الانضمام إلى تحالف يسار الوسط. وكانت النتائج الرسمية أظهرت فوز الائتلاف المحافظ، بزعامة مركل، بفارق ثلاثة مقاعد فقط، وبذلك لم يتمكن المحافظون من الحصول على غالبية تضمن له تشكيل حكومة بمفرده، الأمر الذي أدخل البلاد في حالة من التشوش السياسي. وقالت مركل:"كنا بطبيعة الحال نريد تحقيق نتيجة أفضل". لكنها أصرت على أنها تتمتع"بتفويض واضح"لأن تكون أول مستشارة للبلاد. رفض الإقرار بالهزيمة من جهته، قال رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي فرانتز موينتيفيرينغ ان شرودر فاز بثقة الناخبين، مضيفاً أن الحزب يريد أن يبقى شرودر في منصب المستشار. ودعا موينتيفيرينغ الأحزاب الحليفة الأخرى باستثناء الحزب اليساري الجديد، إلى تشكيل ائتلاف حكومي متضافر يذهب قدماً في سياسة الإصلاحات وحماية مبدأ العدالة الاجتماعية. ورفض شرودر الإقرار بالهزيمة وأصر على أنه لا يزال يتمتع بنسبة من الأصوات تكفي لاحتفاظه بمنصب المستشار. وقال شرودر إن بمقدوره توقع تشكيل ائتلاف موسع بين أكبر حزبين، شرط أن يكون هو زعيم الائتلاف. ويرى كل من شرودر ومركل أن نتيجة الانتخابات تكفل له الفوز بمنصب المستشار. نتائج الانتخابات وأظهرت النتائج الأولية فوز تحالف حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحزب الاتحاد المسيحي الاشتراكي بنسبة 35.2 في المئة من الأصوات أو 225 مقعداً، مقابل 34.3 في المئة أو 222 مقعداً للحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة غيرهارد شرودر. وحصل حزب الديموقراطيين الأحرار، الشريك المتوقع في تحالف حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي، على نسبة 9.8 في المئة من الأصوات وهو ما يضمن له 61 مقعداً، لكنها لا تكفي لتأمين حصول التحالف على غالبية مقاعد البرلمان. كما حصل حزب اليسار على 8.7 في المئة من الأصوات أو 54 مقعداً بينما حصل حزب الخضر، الشريك في ائتلاف شرودر، على 8.1 في المئة من الأصوات أو 51 مقعداً. وبلغت نسبة الإقبال على الانتخابات 77.7 في المئة. وستحدد نتائج آخر مقاعد البرلمان في مدينة درسدن في الثاني من تشرين الأول أكتوبر المقبل بعدما تأجل التصويت هناك بسبب وفاة أحد المرشحين. ردود دولية وجاءت أبرز الردود على نتائج الانتخابات الألمانية من تركيا، إذ دعا رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أنغيلا مركل إلى إعادة النظر في معارضتها انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي. وأضاف أردوغان أن عدم فوز مركل بطريقة واضحة يبرهن أن عليها إعادة النظر بطروحاتها ومنها معارضة انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي. وفي باريس، قال النائب الاوروبي بيار موسكو فيسي اشتراكي فرنسي ان الالمان رفضوا البقاء على المستشار شرودر لانه نفذ إصلاحات صعبة وغير شعبية، لكنهم في الوقت نفسه، رفضوا برنامج منافسته مركل، الليبرالي. ورأى النائب الاوروبي آلان لاماسور من حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية، اليمين الحاكم في فرنسا ان الالمان احتاروا في الخيار بين مرشحي الحزبين الكبيرين، لكنهم بالنهاية حبذوا مركل واختاروا بذلك المضي على درب الإصلاح. ويشكل هذان التعليقان نموذجاً للآراء التي تتجاذب الوسط السياسي الفرنسي غداة الانتخابات الألمانية، التي تابعتها فرنسا عن كثب. ومرد هذا الاهتمام الفرنسي لا يعود بالطبع للعلاقات المميزة القائمة تقليدياً بين فرنساوألمانيا، وانما الى انتخابات الرئاسة الفرنسية المقررة سنة 2007.