أحاول في التعامل مع بريد القراء أن أنشر من الرسائل ما يضم رأياً مكملاً أو مخالفاً، أما الآراء الموافقة فلا تحتاج الى نشر لتجنب التكرار، وعادة ما أرسل الى أصحابها ردوداً خاصة، فأنا لا أهمل عمداً أي رسالة، ولكن أتصور أن بعضها قد يضيع، لأنني إذا غبت عن مكتبي أسبوعاً فالبريد الالكتروني يتراكم على شكل ألوف الرسائل من كل شكل ونوع، وقد يضيع بينه قليل من رسائل القراء، وهي جزء بسيط من البريد العام الذي يأتي من دون طلب لكل الناس. بضعة عشر قارئاً علقوا على ما كتبت عن لبنان صباح نشر خواطري العابرة، وأختار ممثلاً عن الجميع الصديق عبدالهادي البكار، مع ان رسالته كانت بالفاكس، في حين أن بقية الرسائل الكترونية. هو أشار الى"مقالي المنعش"عن لبنان السلام والمحبة والبهجة والفرح والعبقرية الاجتماعية التي عرفت كيف تحافظ على ذاتها على رغم كل ما أصاب لبنان من بلاء في العقود الأخيرة عندما تحول هدفاً لأسراب الجراد القارضة كل أخضر ويابس. غير انه يضيف ان لبنان مثل طائر الفينيق قادر على النهوض من رماده أحلى وأكثر بهاء وأقوى من الموت. ويسأل هل يجوز القول ان كل ما أصاب لبنان من بلاء في العقود الأربعة الأخيرة شكّل عوامل وقاية وحصانة لذاته العبقرية الجميلة ضد عودة ذلك البلاء؟ ويجيب بالقول نعم، وان لبنان المتجدد سيكون قدوة للمجتمعات العربية الأخرى لنمضي جميعاً الى آفاق السلام والمحبة والفرح. أرجو ذلك وأشكر جميع القراء الذين أعلنوا عزمهم على زيارة لبنان في الصيف، خصوصاً تلك التي تعتقد انني سأستقبلها في المطار. وأكمل بمجموعة رسائل عن رسالتي المفتوحة الى الرئيس بوش. القارئ أحمد سكر يقول لي:"لا حياة لمن تنادي"، والقارئ م. سعيدي يقارن بين صدام حسين وجورج بوش ويساوي بينهما. وقد اعترضت على كثير من السياسة الأميركية وعلى الحرب نفسها، إلا انه يحب الايضاح ان لا شيء يقارن بجرائم صدام حسين بحق شعبه والمنطقة. والقارئ ميدو محمد يقول انه يختلف معي، ويرى ان لا خلاص لنا إلا في احترام النفس، وفهم معنى الإيمان، والتزام ديننا. أما القارئ عبدالواحد عبدالله فيقول انني أرسلت مثل رسالتي الأخيرة الى الرئيس بوش في السابق ولم أتلق رداً. وأقول ان الهدف ليس الرد، وإنما نشر الرأي في السياسة الأميركية. وقد أشار القارئ الى رسائل مماثلة كتبها توماس فريدمان، وأقول له انني كتبت رسائل مفتوحة الى قادة عرب وأجانب منذ أوائل السبعينات عندما كنت رئيس تحرير"الديلي ستار"في بيروت، وقبل أن ينضم فريدمان الى"نيويورك تايمز". والقارئ نامر او نمير البرج، أو البرق يسألني نيابة عن بوش ماذا اقترح، وهل أريد عودة نظام صدام، أو تجاهل الانتخابات، أو سيطرة الدول العربية أو إيران. وطبعاً لا أريد شيئاً من هذا، وإنما أريد سلاماً وأمناً للعراقيين، والوجود العسكري الأميركي لا يساعد على تحقيق هذا. وأكمل بتوم فريدمان وكتابه الجديد"العالم مسطح"، والكاتب صحافي مشهور تفرض شهرته أن يكون له معجبون ومعارضون. وكنت في الأشهر الأخيرة خضت حواراً امتد اسابيع مع قارئ هو ينتقد توم وأنا أدافع عنه. عرض الكتاب أثار مجموعة ردود جديدة، والقارئة منى في رسالة الكترونية بالعربية تقول انها لا تؤيد فريدمان أو تعارضه، وإنما تعترض على قولي أنا"ان ما يقربني منه هو حسن نياته، وانه يريد عالماً أفضل للجميع". وتزيد ان الولاياتالمتحدة حسنة النيات، وتريد الديموقراطية والحرية للجميع والدليل غزوها العراق. منى تختتم رسالتها بالقول لي:"أعتقد انك انت مَن نياته حسنة". وتلقيت عدداً كبيراً من الرسائل موضوعها عرض كتاب نورمان فنكلستين"ما وراء خوتزباه الوقاحة"، خصوصاً قولي انني سأحاول تمويل ترجمة الكتاب ان لم أجد من يتولى ذلك. والأخ أيمن الدالاتي يطلب مني أن أفي بوعدي وأنقل الكتاب الى العربية. والقارئ شكر شكر يقول ان المهم ان يقرأ الأميركيون الكتاب ليعرفوا مدى الكذب المحيط بالقضايا العربية، ويقترح أن أموّل توزيع الكتاب مجاناً في الولاياتالمتحدة. وأقول انني لست بهذا الثراء، والكتاب سيلقى رواجاً كبيراً لموضوعه الجدلي. أما القارئ حازم عقيل أو عقل في رسالة الكترونية بالانكليزية، فيقول ان الكاتب يخاطب الغربيين، والمعلومات في الكتاب نعرفها نحن العرب، وهو يقترح بالتالي ترجمة كتاب فريدمان لنستفيد منه. طبعاً هناك منطق كبير في هذا الكلام، ورغبتي في ترجمة الكتاب سببها الأساس أن عرباً كثيرين يعتقدون ان كل يهود العالم هم آرييل شارون، مع ان غالبية منهم تريد السلام، وأمثال نورمان فنكلستين موجودون من الولاياتالمتحدة الى اسرائيل. وقد أشرت باستمرار الى جماعات السلام الاسرائيلية والنساء الاسرائيليات المدافعات عن الفلسطينيين، لأن الأخبار هي عادة عن شارون وعصابة القتلة التي يترأسها. وكتاب فنكلستين قد يساعد على تصحيح الصورة عن أن اليهود من نوع المحامي الدجال آلان ديرشوفيتز. واختتم برسالة طويلة، الكترونية وبالعربية هذه المرة، من حيان نيوف عن المعارضة السورية وموقفها من قضايا المنطقة، وازاء السياسة الأميركية. وهو يقول ان المعارضة لم تعلن موقفاً واضحاً من الحرب على العراق، أو من القرار الدولي 1559، وتحدثت مثل أميركا وإسرائيل عن ظروف استشهاد رفيق الحريري وهاجمت السياسة الخارجية السورية. بصراحة، لا أعرف المعارضة السورية، فهي ليست فريقاً واحداً، وهناك معارضون في الداخل ومعارضون في حضن الولاياتالمتحدة. ورأيي ان المعارضة حق، وأؤيد كل معارضة عربية في ابداء رأيها بحرية وبمأمن من الملاحقة. ولكن أدين كل معارضة انتهازية عميلة، من دون ان أبرئ أي حكومة عربية.