} لمناسبة التهديدات التي أطلقها الرئيس الاميركي بيل كلينتون بعد فشل قمة كامب ديفيد الثانية ب"العواقب الدولية" التي سيجرّها الموقف الفلسطيني واحتمال مقاطعة الجانب الفلسطيني، ووقف المساعدات الاقتصادية ونقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس وإبراز مرونة باراك في مقابل تصلّب عرفات. وبالنظر الى ان مساعي واشنطن المحمومة ما زالت مستمرة من اجل التوصل الى اتفاق وآخرها جولة ادوارد ووكر مساعد وزيرة الخارجية الاميركية في المنطقة العربية للحصول على دعم القادة العرب. وبما ان آل غور نائب الرئيس الاميركي هو مرشح الحزب الديموقراطي لانتخابات الرئاسة في تشرين الثاني نوفمبر القادم، وبالتالي فإنه رئيس محتمل للولايات المتحدة على رغم تفوق جورج دبليو بوش المرشح الجمهوري عليه وفقاً للاستطلاعات بفارق ثماني نقاط حتى الآن. وفي ضوء الحملة الاعلامية الاميركية على مصر بسبب وقوفها مع تمسك الشعب الفلسطيني بالثوابت والحقوق. ولعل من أبرز مظاهر الحملة تلك الرسالة الخالية من الحنكة والكياسة والذوق الديبلوماسي التي وجهها الكاتب الاميركي اليهودي الوثيق الصلة بالبيت الابيض توماس فريدمان في "نيويورك تايمز"، باسم الرئيس كلينتون الى الرئيس المصري وفيها يتهم مصر بالسلبية تجاه مساعي واشنطن نحو السلام. وحيث ان فترة الشهور الثلاثة القادمة - ما تبقى من ولاية كلينتون الرئاسية - ستشهد ضغوطاً اميركية حثيثة نحو التسوية وربما اتفاقاً بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، فقد ارتأيت - من باب التذكير والتذكّر - ونحن نقف على اعتاب مفصل زمني دقيق وخطير جداً، ان أعيد نشر مقال كتبته في هذه الصحيفة وعلى هذه الصفحة بالذات قبل حوالى ثماني سنوات، اي في 28/10/1992 الموافق 3 جمادى الاول 1413ه، اي قبل انتخاب كلينتون للرئاسة الاميركية. والمقال عبارة عن ترجمة حرفية قمت بها للقسم الخاص بالشرق الاوسط والوارد في كتاب اصدره يومئذ بشكل مشترك كل من كلينتون وآل غور وعرضا فيه، ضمن اشياء اخرى، رأيهما في اسرائيل والقدس والعرب كرؤية سياسية وبرنامج انتخابي. فهل يا ترى تغيّر شيء خلال هذه السنوات، خصوصاًوان احدهما يسعى إلى صياغة سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين قبل ان يغادر البيت الابيض، بينما يسعى الآخر للولوج الى داخل البيت الابيض مكانه؟ انها دعوة إلى مجرد التأمل في الاطار الذهني السياسي للثنائي كلينتون وآل غور لئلا تسود الاوهام مكان الواقع. اصبح الرئيس جورج بوش بحاجة الى معجزة حتى يفوز بفترة رئاسية ثانية. فالدلائل تشير الى ان كلينتون هو الرئيس القادم للولايات المتحدة. والحديث في الولاياتالمتحدة اليوم يتمحور حول ما اذا كان كلينتون سيفوز فقط ام انه سيسحق بوش. لقد تبخّرت امجاد الرئيس بوش التي شهدتها فترة رئاسته الاولى سواء بالنسبة لحرب الخليج او انهيار الشيوعية او تفكك اوروبا الشرقية او بدء عملية السلام في مدريد، وذلك تحت وطأة التدهور الاقتصادي في بلاده. ويبدو ان الناخب الاميركي قد عقد العزم على معاقبة بوش ليس حباً بكلينتون ولكن بسبب سوء الاحوال الاقتصادية وسعياً للتغيير. والحقيقة ان الازمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها الولاياتالمتحدة تكاد تكون عالمية لانها تنسحب على اجزاء كثيرة من العالم، لكن مسؤولية بوش عن الازمة ناتجة اساساً من عزوفه عن الاعتراف بوجودها وبالتالي التعاطي معها. وعندما احسّ بوش ان مياه الازمة الاقتصادية لامست قدميه بدأ في التحدث عن كيفية معالجتها قبل اسابيع فقط، مما يعتبر متأخراً جداً. وفي الولاياتالمتحدة الاميركية اليوم كتاب يتصدر واجهة المكتبات بشكل ملفت للنظر بجانب كتاب يتناول سيرة الرئيس الاسبق هاري ترومان وآخر هو مذكرات نورمان شوارتزكوف. والكتاب بقلم بيل كلينتون وآل غور مشتركين، وهما مرشحا الحزب الديموقراطي لمنصب الرئيس ونائب الرئيس. وقد اختارا نشر برنامجهما الانتخابي بأسلوب مبتكر وعلى شكل كتاب مقسم الى فصول عدة تتناول الاوجه المختلفة للحياة الاميركية. وعنوان الكتاب "مصلحة الشعب اولاً: كيف يمكننا جميعاً تغيير اميركا". وواضح ان الكتاب صدر قبل ايام قليلة فقط في كل من نيويورك وكندا عن دار ال"تايمز" للكتب وهي فرع من مؤسسة "راندوم". وامعاناً من المرشحين الديموقراطيين في نسب الكتاب الى نفسهما حتى يكون وثيقة، فقد قاما بتوقيع مقدمة الكتاب بخط يدهما. ومما جاء في المقدمة: "… ان سياساتنا ليست ليبرالية او محافظة وليست ديموقراطية او جمهورية، انها سياسات جديدة وانا على ثقة انها ستنجح". والذي يعنينا من الكتاب هو الفصل الخاص بمنطقتنا وعنوانه "اسرائيل والشرق الاوسط" ونظراً لأهمية هذا الفصل كسياسة موثّقة ومنشورة وممهورة بتوقيع الرئيس ونائب الرئيس القادمين، فإننا في ما يأتي نعرض ترجمة حرفية له: اسرائيل والشرق الاوسط "ان نهاية الحرب الباردة لا تعني نهاية المسؤولية الاميركية في الخارج بخاصة في الشرق الاوسط حيث الشعوب هناك ما زالت محرومة من السلام والديموقراطية. واسرائيل صديقة أميركا ما زالت مهددة من قبل جيرانها. ان للولايات المتحدة مصالح حيوية في الشرق الاوسط. ولهذا أيّدنا جهود الرئيس بوش لإخراج صدام حسين من الكويت. وعلينا ان نظل مرتبطين بالمنطقة وان نسعى لتوطيد الديموقراطية وحقوق الانسان والاسواق الحرة. ومن بين جميع دول الشرق الاوسط فإن اسرائيل فقط هي التي تعيش تجربة الانتقال السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات وليس بالرصاص، ولذلك فإننا لن نتخلى عن اسرائيل ابداً. ان ادارة الرئيس بوش قد الحقت الأذى بشكل خطير بعلاقاتنا باسرائيل. وقد أخطأت على النحو التالي: * ضغطت على اسرائيل لتقدم تنازلات من جانب واحد في عملية السلام. * تجاهلت المقاطعة الاقتصادية القاسية والمعطلة التي يفرضها على اسرائيل جيرانها العرب وأهملت الاهتمام بحواجز اخرى على طريق السلام. * تنكرت لطلب اسرائيل الخاص بالمساعدة الانسانية لتوطين اليهود السوفيات. * نالت من امن اسرائيل عندما باعت جيرانها العرب اسلحة متطورة قيمتها بلايين الدولارات. * اننا نعارض أفعال ادارة بوش ونعتقد ان هذه ليست الوسيلة التي نعامل بها صديقاً لا يتزعزع ولديه ديموقراطية مستقرة. وفي ما يأتي ما سنفعله اذا جئنا الى الحكم: ضمانات القروض اننا نؤيد طلب اسرائيل الذي طال عليه الزمان بشأن تقديم مساعدتنا لجهودها الرامية الى استيعاب الأعداد الضخمة من اللاجئين اليهود القادمين من الاتحاد السوفياتي سابقاً. ولن نقبل بأن تصبح قضية مئات الألوف من الرجال والنساء والأطفال أسيرة عراك سياسي خصوصاً واننا طالبنا بحرية هؤلاء الناس على مدى عقود عدة. اننا نفهم ونؤيد بعزم حاجة اسرائيل للاستمرار في تفوقها النوعي العسكري على خصومها العرب مجتمعين. ونحن نذكر مساهمات اسرائيل خلال حرب الخليج وبخاصة صبرها الذي كان ضرورياً لإنجاح المجهود الحربي. كما أننا نعلم أنه لو لم تقم اسرائيل بضربتها الجراحية ضد مفاعل العراق النووي عام 1981 لكانت قواتنا واجهت قوات لصدام حسين عام 1991 معززة بالأسلحة النووية. شراكة اقتصادية ان أعظم مورد لاسرائيل هو عبقرية شعبها. ولقد استفادت أميركا دوماً من هذه العبقرية. وفي عام 1991 بلغت الصادرات الأميركية لاسرائيل 3.3 بليون دولار. ومن المتوقع خلال السنوات الخمس القادمة ان تشتري اسرائيل بضائع أميركية تصل قيمتها الى 30 بليون دولار. وهذه ستساعد على توفير الفوائد والوظائف للاقتصاد الأميركي. ومعاً فإن شعبينا يجب أن يقيما هيئة عليا أميركية - اسرائيلية مشتركة للتعاون في مجال البحث وتنمية التكنولوجيا للقرن الواحد والعشرين. ضد سباق التسلح لقد تعلمنا من غزو صدام حسين للكويت ان الصواريخ والطغاة العسكريين يشكلون مزيجاً خطراً. ولقد آن الأوان لكي تقود أميركا المجهود الرامي للسيطرة ليس فقط على الانتشار الخطير للأسلحة الفتاكة ولكن أيضاً على مخازن الأسلحة التقليدية. اننا ملزمون مساعدة اسرائيل ضد هذه الأسلحة الخطرة عن طريق التأكد من إتمام صناعة الصاروخ "أرو" المضاد للصواريخ العابرة. ونحن بحاجة الى إدارة تفعل ولا تكتفي بالوعود حتى نوقف انتشار الصواريخ الخطرة في الشرق الأوسط. ونحن نحتاج الى جهد دولي قوي وحظر صارم لإبعاد الأسلحة الفتاكة عن أيدي طغاة كهؤلاء الموجودين في ايرانوالعراق وليبيا وسورية. السلام ان الولاياتالمتحدة ستعمل مع الحكومة الاسرائيلية الجديدة على دفع عملية السلام ولكن الولاياتالمتحدة خلال مسعاها هذا لن تحكم مسبقاً على نتائج المفاوضات أو تفرض سلاماً على أي طرف. انه بإمكاننا ويجب علينا أن نقوم بدور الوسيط الأمين وفي حالات معينة بدور المبادر أو المحفز ولكننا لا نتوقع من أي طرف أن يقدم تنازلات من جانب واحد. والقدس هي عاصمة دولة اسرائيل ويجب أن تبقى غير مقسمة ومفتوحة لأصحاب جميع الأديان. والسلام الذي لا يراعي أمن اسرائيل لن يكون سلاماً آمناً ودائماً. الدولة الفلسطينية ان من حق الفلسطينيين كما ورد في اتفاقيتي كامب ديفيد، المشاركة في تقرير مصيرهم ولكن ليس من حقهم تقرير مستقبل اسرائيل، وبسبب ذلك فإننا نعارض قيام دولة فلسطينية مستقلة. الديموقراطية ان سياستنا الخارجية يجب أن تعمل على توطيد الديموقراطية والاستقرار. ولا نستطيع تجاهل العلاقة بين الاثنين كما فعلت ادارة بوش - كويل. يجب أن نسعى لتوطيد الديموقراطية في الشرق الأوسط وفي العالم كله. ان ادارة بوش - كويل قد أهدرت فرصة اقامة الديموقراطية في الكويت. ان ادارة كلينتون - غور لن تقيم علاقات استراتيجية مع أنظمة ديكتاتورية خطرة. ولقد فشل بوش في التعلّم من سياسة التهدئة التي اتبعها مع صدام حسين حين شاركه المعلومات السرية وقدم له الاعتمادات وعارض فرض حظر عليه حتى قام الأخير بغزو الكويت. واليوم تكرر ادارة بوش الخطأ نفسه حين تغض النظر عن ممارسات سورية الخاطئة بشأن حقوق الانسان ودعمها للارهاب. علاقة استراتيجية ان للولايات المتحدة مصلحة اساسية ليس فقط في أمن اسرائيل ولكن أيضاً في التعاون الاستراتيجي بين الشعبين الأميركي والاسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط. وبعكس الادارة الحالية فإن ادارتنا ستفي بالالتزامات الأميركية بشأن تخزين السلاح في اسرائيل، وستعمل على اغناء التعاون اللوجستيكي لدعم القوات الأميركية في المنطقة". انتهى الفصل وقد يقول قائل ان هذا كلام انتخابي وان بعضه لا يختلف عن سياسات بوش. وربما يكون في ذلك قدر من الصحة إلا أن المهم ان ما ورد على لسان المرشحين لم يكن مجرد خطاب أو تصريح انتخابي، ولكنه برنامج معلن ومسجل في كتاب يحمل اسميهما ويعكس التزاماً علنياً بما يجول في فكرهما. وفي معرض تحليل هذا الفصل من الكتاب تحضرني الملاحظات العامة التالية: أولاً: تكريس أهمية اسرائيل كإحدى كفتي الميزان. اما الكفة الأخرى فهي الشرق الأوسط كله. أي ان اسرائيل في كفة والشرق الأوسط كله في كفة أخرى. وهذا ما يؤكده عنوان الفصل: "اسرائيل والشرق الأوسط". ثانياً: غياب الحد الأدنى من التوازن في النظرة الى المصلحة العربية والمصلحة الاسرائيلية وهو ما درجت عليه الادارات الاميركية السابقة لفظياً على الأقل ان لم يكن فعلياً. ثالثاً: إغفال ذكر العرب أو الإشارة اليهم الا في معرض الحديث عن الديكتاتورية والارهاب والمقاطعة الاقتصادية "القاسية". رابعاً: التأكيد على ان أمن اسرائيل فقط هو الهاجس والمقياس والفيصل بالنسبة لديمومة السلام اذا تحقق. خامساً: المجاهرة بضرورة المحافظة على تفوق اسرائيل النوعي العسكري على كل العرب مجتمعين لأن اسرائيل في رأي حكام اميركا القادمين ما زالت مهددة من جيرانها وبالتالي فلا يجوز الضغط عليها خلال المفاوضات لإرغامها على تقديم تنازلات. سادساً: الادعاء بأن اميركا مدينة لاسرائيل بسبب عبقرية شعبها. سابعاً: الاعلان عن "معارضة" الادارة القادمة لقيام الدولة الفلسطينية، في حين حرصت الادارات الاميركية المتعاقبة كارتر - ريغان - بوش على الاعلان عن "عدم تأييدها" لقيام الدولة الفلسطينية. ثامناً: التغني بالفائدة الاقتصادية التي تعود على اميركا من أموال اسرائيل وليس العكس. أما أموال العرب في اميركا فلا قيمة لها لدى الفارسين القادمين الى البيت الأبيض. والتبادل التجاري العربي - الاميركي وحجمه ليس له حيز أو خانة في فكر المرشحين العتيدين. تاسعاً: التهجم على العرب - كل العرب - واتهامهم بأنهم يعيشون في غابة البقاء فيها للأصلح بينما اسرائيل دولة متحضرة يعيش شعبها في وئام وسلام. وهذا كلام صادر عن زعيمين سيتوليان قريباً سدة الرئاسة الأولى والثانية في اميركا وليس عن صحافي أو معلق سياسي. عاشراً: الإيمان الراسخ بالمصير المشترك والمصالح المشتركة بين اميركا واسرائيل عسكرياً واقتصادياً وتكنولوجياً الخ...". وبالإمكان استنباط نقاط اخرى لكن المهم هو ملاحظة التوجه والنفس والروح لدى الرئيس القادم ونائبه. وجميعها توحي بالتحيز المطلق لاسرائيل حتى لا نقول الانصياع الكامل لرغباتها. ان لهجة كلينتون ومنطقه يعيدان للذاكرة التفكير الذي ساد والألفاظ التي نشرتها وعممتها آلة الاعلام الصهيونية - الاميركية في الخمسينات عن العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً. وكلينتون قادم الى البيت الأبيض بعقلية الخمسينات ليحكم في التسعينات وليلعب دور الوسيط "الأمين" في المفاوضات العربية - الاسرائيلية. وإذا فاز بيل كلينتون بالرئاسة الاميركية الأولى - وهو أمر يكاد يكون شبه مؤكد - فسيكون أول رئيس اميركي ولد بعد الحرب العالمية الثانية. وسيأتي الى الحكم بهذه الروح الشابة واغلب الظن بغالبية ديموقراطية في الكونغرس، كانت وما زالت موجودة منذ اكثر من عشر سنوات. وسيدخل البيت الابيض وقد اسبغت عليه الجماهير الاميركية رداء التفاؤل بالتغيير. ولن يضاهي كلينتون حين يستقر في مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض سوى نابليون بونابرت في ذروة انتصاراته. وسينظر اليه أنصاره على انه المسيح المنتظر الذي أعاد الديموقراطيين الى الحكم الذي احتكره الجمهوريون اثنا عشر عاماً. وعلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية يقطن هذا الكم المهمل من العرب في نظر كلينتون ونائبه. والعرب اليوم يعيشون حالة من التشرذم والتمزق والانسلاخ والضياع، متقوقعين كل داخل كيانه السياسي رافضين فتح نوافذهم لرياح التغيير التي تهب على العالم كله، قانعين بما آلت اليه احوالهم من ضعف ووهن وأحقاد وتخلّف، مجّترين الماضي بدقائقه وتفاصيله المعيقة وكأنهم يثبتون لكلينتون يوماً بعد يوم سلامة تقويمه ودقة رؤياه لهم واستهتاره بهم. لقد أعلن اسحق رابين قبل أيام قليلة ان عدد سكان اسرائيل يجب ان يصبح 7 ملايين في سنة الفين. أي بعد ثماني سنوات. ودول المشرق العربي سورية ولبنان والأردن وفلسطين تخوض مفاوضات مضنية وعسيرة مع الخصم الصهيوني الذي يحاول املاء شروطه من موقع عسكري متفوق، في حين ان أدوات الضغط العربية سواء كانت عسكرية أم سياسية أم اقتصادية، تكاد تكون معدومة، واسرائيل لا تطمع فقط في الضفة الغربيةوالقدس ولكنها تريد المياه العربية، ومن بعدها النفط العربي. وذلك بالإضافة الى قوى اخرى في المنطقة تتربص بالثروات والموارد العربية. وقوتنا ما زالت تكمن في وحدتنا وتكاتفنا بغض النظر عن الماضي ومن أخطأ ومن أصاب لأن المستقبل أمامنا وليس خلفنا. ألا تستحق هذه التغييرات التي يعيشها العالم والتحديات التي نواجهها وقفة تأمل نراجع خلالها ذاتنا ونعيد النظر في أحوالنا تمهيداً لعودة الوعي الى عقولنا والصفاء الى نفوسنا واللحمة الى صفوفنا؟ ولربما ضاق الفضاء برحبه وأمكن من بين الأسنة مخرجا انتهى المقال. ما أشبه الليلة بالبارحة عربياً واميركياً واسرائيلياً! * سياسي فلسطيني، عضو المجلس الوطني.