شهدت باريس زيارة نجم أفلام المغامرات الصينية المعروف جاكي شان لها لمناسبة افتتاح المهرجان الذي تعقده العاصمة الفرنسية منذ العام 2004 تحت شعار"باريس سينما"ويتضمن عرض مجموعة من الأفلام الجديدة التي لم يشاهدها الجمهور بعد مع باقة من الأعمال التي دخلت تاريخ السينما من أوسع أبوابه وتركت بصماتها على أجيال من المتفرجين على المستوى العالمي. وتعرض الأفلام في الهواء الطلق وفي ساحات باريسية ضخمة أو في حدائق واسعة أو في صالات تقليدية تشارك في المهرجان. وافتتح عمدة باريس برتران دولانويه مهرجان 2005 بحضور جاكي شان والممثلة البلجيكية سيسيل دي فرانس شريكة شان في فيلم"حول العالم في 80 يوماً". وانتهزت"الحياة"هذه المناسبة وأجرت هذا الحوار مع الشاب الخمسيني الذي لم يفقد بعد ذرة من حيويته، والذي يحب ابراز لياقته البدنية أمام الإعلام من خلال حركات"كاراتيه"استقبل بها كل صحافي طلب مقابلته، علماً أنه مشهور بهذه العادة منذ سنوات طويلة. أجرينا معك حديثين في الماضي اثناء قدومك إلى باريس، فهل تتذكر؟ - نعم، أتذكر اننا التقينا قبل اليوم، لكن إعذرني إذا لم أكن قد تعلمت اللغة العربية منذ ذلك الوقت يضحك بصوت عال. وهل تفضل أن نستمر في الحديث بالإنكليزية أم أنك تجيد الفرنسية مثلما يبدو الأمر من خلال تبادلك الحديث مع عمدة باريس؟ - أنا في الحقيقة أفضل الكلام بالإنكليزية من أجل كسب الوقت، لأن فرنسيتي ضعيفة إلى حد ما على رغم كوني ولدت داخل السفارة الفرنسية في هونغ كونغ حيث كان والدي يعمل رئيساً للطباخين وأمي موظفة في قسم الصيانة. تكلمت الفرنسية إلى حين بلوغي سن السابعة ثم انتقلت إلى مدرسة لم تكن تعلّم سوى اللغة الصينية، وعندما قررت تعلم لغة أجنبية فضلت الإنكليزية بسبب عالميتها. أما عن تبادلي بعض العبارات التقليدية مع العمدة فأنا تعلمتها خصيصاً من أجل المناسبة، وإلا فدعني أؤكد لك أن برتران دولانويه يتكلم الإنكليزية بطلاقة تامة. على رغم أنك بنيت شهرتك على أفلامك الصينية، إلا انك ظهرت في أفلام أميركية مثل"ساعة الازدحام"بقسميه، ثم حديثاً في"حول العالم في 80 يوماً"حيث تقاسمت البطولة مع نجوم غربيين بينهم آرنولد شوارزنيغر، فكيف كان عملك معه؟ - في البداية وجدت شوارزنيغر ثرثاراً لا يكف عن المزاح الثقيل إضافة إلى لكنته الغريبة التي جعلتني لا أفهم ربع كلامه بسبب اصله النمسوي. أنا أعجب لنجاحه في الميدان السياسي واستمراره في الوقت نفسه كممثل وهذه الأشياء لا تحدث في غير الولاياتالمتحدة، وأقصد أن يسعى رجل أجنبي بلكنة كهذه للوصول الى رئاسة الدولة في يوم ما ويظهر في الوقت نفسه في أفلام فكاهية مثل"حول العالم في 80 يوماً"، فلو حدث ذلك في الصين لما أعار الشعب أدنى أهمية أو جدية لقرارات وتصرفات هذا الشخص ولعمت الفوضى بطريقة لا يمكنك أن تتخيلها. والطريف أننا كنا عند انتهاء التصوير قد أصبحنا نتفاهم ونحترم بعضنا البعض ونمزح معاً من دون أن أفهم لكنته ومن دون أن يفهم هو لكنتي الصينية. كيف تصف جو العمل مع الأميركيين؟ لم أعمل معهم مثل المبتدئ أبداً، وحتى عندما خضت شخصياً في فيلم"ساعة الازدحام"أول تجربة مهنية معهم في هوليوود. وأقصد أنهم لجأوا إلى خدماتي على أساس شهرتي السابقة على الصعيد العالمي ولأنني أعرف المصارعة الآسيوية أحسن منهم. لقد استفادوا مني ومن مهارتي ومن خبرتي أكثر مما استفدت أنا منهم طالما أن فيلمهم دار حول الأشياء التي هي من اختصاصي وبالتالي تلقيت من جانبهم معاملة جيدة لا جدال فيها. فكرة بروس لي أتذكر أنك في لقائنا السابق ذكرت مدى إعجابك بالمهارة الأميركية في تنفيذ المشاهد الخاصة بالمغامرات، وكيف كنت تحلم بنقل هذه الأساليب السينمائية المتطورة إلى هونغ كونغ، فما هو موقفك الآن من هذه الناحية بعد مرور بعض الوقت على كلامك؟ - صحيح أنني أعطيت هوليوود خبرتي في كيفية ممارسة الحركات الخاصة بالمصارعة الآسيوية، وأن الأميركيين نفذوا الأشياء في ما بعد على طريقتهم الخاصة المختلفة تماماً عما يحدث في سينما هونغ كونغ. إنهم يملكون الإمكانات اللازمة لتطوير أبسط الأفكار وتحويلها إلى مشاهد تبهر العين. وبالنسبة الى السينما الآسيوية، فهي فعلاً تطورت كثيراً في الفترة الأخيرة، ويكفي مشاهدة أفلام من نوع"النمر والتنين"و"بيت الخناجر الطائرة"و"بطل"وكلها ناجحة وحاصلة على جوائز دولية، للتأكد من المستوى الجيد الذي أصبح يميزنا هناك. ولكن فيلماً واحداً في العام مثلاً لا يكفي ولا بد من متابعة المسار والعمل على تخليص الجمهور العالمي من الفكرة الراسخة في ذهنه منذ أربعين سنة والتي تتلخص في كون السينما الآسيوية هي سينما بروس لي. لا أغش هل لا تزال تنفذ كل الحركات الخطرة بنفسك في أفلامك على رغم انك تجاوزت الخمسين؟ - نعم ولكنني أخططها بدقة وأتدرب عليها طويلاً قبل تنفيذها أمام الكاميرا، فلست الرجل الطائر وأرفض مبدأ تمتعي بأي علاقة مزعومة بيني وبينه مثلما تقول الإشاعات في هونغ كونغ. أنا أعجز عن قبول مبدأ اللجوء إلى بديل لأن جمهوري في العالم كله يعرف انني لا أغش فوق الشاشة وهذا شيء أعتز به وأحمله في قلبي. وعلى رغم ذلك فأنا على وعي كلي بتقدمي في العمر حالي حال غيري، ولا شك، في أنني سأبلغ مرحلة لن أستطيع بعدها المواظبة الضرورية على تنفيذ حركات رياضية محددة على رغم تدريبي المستمر. فالجسم يفقد ليونته بطبيعة الحال وستصبح حكاية استغنائي عن البديل خطرة جداً علي وعلى حياتي، وعند حدوث ذلك سأجد نفسي أمام مشكلة الخيار بين الاستمرار في اللون السينمائي نفسه مع ضرورة اللجوء إلى البديل أو تغيير نوع الأفلام التي أظهر فيها ما قد يسبب خيبة أمل لجمهوري العريض المعتاد على مشاهدتي في أفلام المغامرات ولا شيء غيرها بتاتاً. هل تعرف جمهورك؟ - انه يتكون أساساً من الأطفال والمراهقين في كل انحاء العالم، وأعرف أن الشبان العرب مثلا يشاهدون أفلامي ويقدرونها، وهو أمر أفتخر به طبعاً. ولأن جمهوري من الشباب أرفض اللقطات العنيفة أو الإباحية في أعمالي، فالحركة والمغامرات والصراع بين الأبطال والأشرار كلها عوامل لا تعني ضرورة ظهور الدماء أو القتلى أمام الكاميرا بطريقة واضحة مثلما نراه الآن في العدد الأكبر من الأفلام الغربية، لا سيما التي يظهر فيها السيد شوارزنيغر وزملاؤه، من أمثال بروس ويليس وسيلفستر ستالون وفين ديزل، كما أرفض بتاتاً تقمص دور الشرير لأن المتفرجين المعجبين بي لن يتقبلوني بهذا الشكل. وقد سبق مثلاً لمايكل دوغلاس الاتصال بي من أجل مشاركته بطولة أحد أفلامه، هو في دور البطل وأنا في دور المجرم، لكنني شكرته ورفضت. عملت في فيلم"حول العالم في 80 يوماً"إلى جوار نجمة أوروبية معروفة وحلوة هي سيسيل دو فرانس الموجودة أيضاً هنا في حفل افتتاح المهرجان، فما رأيك بها؟ - أنا الذي نصحت المخرج فرانك كوراتشي بمنحها الدور في"حول العالم في 80 يوماً"بعد مشاهدتي الفيلم الفرنسي"الفندق الأسباني"الذي تألقت فيه قبل أربعة أعوام والذي لم ينزل إلى الأسواق الصينية إلا في العام الماضي. أنني أجدها ممثلة موهوبة تضيء الشاشة، وإمرأة شابة تتميز بلياقة بدنية مدهشة بفضل تعلمها رقص الباليه، وأنا دربتها على المشاهد التي تطلبت منها حركات رياضية متطورة وقوية. ما علاقتك بمهرجان"سينما باريس"الصيفي حتى تحضر حفل افتتاحه؟ - هل يضايقك الأمر؟ لقد تلقيت دعوة للمشاركة في هذه المناسبة السينمائية أثر القرار الذي اتخذته لجنة تنظيم المهرجان بتكريمي وعرض مجموعة من أهم أفلامي الصينية والأميركية، إضافة إلى تقديم فيلمي الجديد"حكاية الشرطة الجديدة"المكمل لفيلمي المعروف"حكاية الشرطة". ما رأيك في موضوع تكريمك هذا؟ - أنت تقصد أن التكريم يصلح للراحلين فقط؟ أنا أمزح، والحقيقة هي انني في منتهى السعادة وأحلم بأن تفكر لجان تنظيم المناسبات السينمائية في مختلف بلدان العالم بفعل الشيء نفسه حتى أسافر وأقيم في أفضل الفنادق على نفقة المهرجانات وكي أتعرف عن قرب إلى جمهوري. ان هذه النقطة الأخيرة هي الوحيدة التي تهمني بالفعل أما سائر كلامي فهو عبارة عن تسلية ومحاولة لإثارة ابتسامة القارئ إذا كانت تعبيراتي ستنقل مثلما هي. فأنا سأحضر عروضاً سينمائية عدة لأفلامي في صالات باريسية مختلفة وكبيرة، وقيل لي إن كل عرض ستتبعه ندوة مع المتفرجين ما يغمرني بالسعادة لأنني غير معتاد على التقاء جمهوري بهذا الشكل وبخاصة تبادل النقاش معه، فباريس هي حقيقة عاصمة السينما في العالم ولا تصدق الذين يدعون أن هوليوود هي الرائدة في هذا الميدان. ما رأيك بالممثل والمخرج الصيني الشاب ستيفن شاو منفذ وبطل فيلم"مشاغبة الكونغ فو"الناجح جداً، والذي يسير على خطاك بأسلوب أكثر من واضح؟ - أشجعه وأتمنى له ولكل من يرفع اسم وراية سينما هونغ كونغ عالياً النجاح والتوفيق، وأنا فخور إذا كنت قد فتحت الطريق أمام جيل من الشبان ونصيحتي لأفراد هذا الجيل هي عدم التسرع في تسلق سلم المجد وبوضع الجدية المهنية في المرتبة الأولى وفي كل الظروف.