سو تشي SHU QI (وليس «شو كي») من أبرز نجمات السينما الآسيوية وأيضاً العالمية، بما أنها تعمل أيضاً في الولاياتالمتحدة وأوروبا. بدأت عارضة أزياء وهي بعد مراهقة في تايوان، بلدها الأصلي، قبل أن تكتشفها السينما وتخطفها إلى هونغ كونغ حيث صارت بطلة أفلام مغامرات، إلى أن لاحظها المخرج هو هسياو سيين ومنحها بطولة فيلمه «ميلينيوم مامبو» الذي عرض على المستوى الدولي وعرف نجاحاً جماهيرياً. وإثر هذا الرواج، عثرت النجمة الصاعدة على فرصة للعمل في فرنسا، في فيلم أنتجه السينمائي لوك بيسون بعنوان «الناقل»، قبل أن تكرر تجربة التمثيل تحت إدارة هو هسياو سيين في فيلم «ثلاث مرات» الذي تقمصت فيه بتفوق ثلاث شخصيات مختلفة، مشاركة فيما بعد في الفيلم الأميركي «نيويورك أحبك» الذي أخرجه أربعة من كبار المخرجين، بينهم التركي المقيم في ألمانيا فتيح أكين، وهو الذي منح سو تشي بطولة الجزء الخاص به من العمل المعني، ومكررة العمل أخيراً تحت إدارة هو هسياو سيين نفسه في فيلم «القاتلة» الحائز جائزة الإخراج في مهرجان «كان» 2015. ولمناسبة نزول فيلم «القاتلة» إلى الأسواق، التقت «الحياة» سو تشي وحاورتها. حدّثينا عن «القاتلة»؟ - يحكي «القاتلة» قصة فتاة تعيش في الزمن القديم في الصين، أيام كانت فيها الدولة منقسمة إلى مناطق عدة تحكم كل واحدة منها عائلة منفردة ومستقلة. والذي يحدث هو انفصال الصبيّة عن أهلها وهم من عائلة مسيطرة على الحكم، منذ صغرها، وقيام عائلة من عامة الشعب، مناضلة ومعادية لطغيان الحكام، بتبنيها وتربيتها وتدريبها إلى أن تصير قاتلة محترفة تطيع أوامر القادة وتغتال الساسة بمهارة فائقة مكتسبة سمعة ممتازة في هذا الميدان، إذ لا يوجد من يعرف هويتها أو يستطيع إلقاء القبض عليها لما هي عليه من خفة وسرعة في تصرفاتها. لكن الأمور تتغير عندما يُطلب منها اغتيال الحاكم وزوجته وطفلهما الصغير، ذلك أن الحاكم هو ابن عمها، الأمر الذي يجعلها أمام خيارين صعبين: خيانة عائلتها أو خيانة الذين ربوها. لا ينتمي الفيلم إلى لون المغامرات التقليدي، بما أن مشاهد القتال فيه قليلة وتتلخص في اللقطات التي تغتال فيها القاتلة التي أمثلها أنا، ضحاياها بسرعة ومهارة. وهذه المرة الثالثة التي أعمل فيها تحت إدارة السينمائي هو هسياو سيين وأنا سعيدة بكل تجربة جديدة أخوضها معه لأن أفلامه لا تشبه بعضها البعض ولا تنتمي إلى نوع محدد. أنت بدأت عارضة أزياء، فكيف انتقلت إلى السينما؟ - أنا فعلاً بدأت أمارس مهنة عرض الأزياء في بداية مشواري الفني، وكان ذلك في مسقط رأسي تايوان. وحدث بالصدفة أنني تلقيت أكثر من عرض مغر للعمل في أفلام من نوع المغامرات في هونغ كونغ، الأمر الذي أجبرني على تعلم لغة هذا البلد، وهو شيء صعب إلى حد ما، لكنني شعرت برغبة فعلية في خوض تجربة السينما فتعلمت اللغة وفعلت كل ما هو ضروري حتى أكون على المستوى المطلوب أمام الكاميرا. هل تعلمت الدراما إذاً، في مدرسة متخصصة؟ - لم أفعل ذلك، لأن وقتي لم يسمح لي بالجمع بين التصوير وتعلم اللغة الصينية ومتابعة دروس الدراما، وبالتالي تعلمت مهنة التمثيل من خلال ممارستي لها وبفضل تركيزي القوي على إتقان دوري في كل مرة، ومتابعة ما كان يفعله زملائي من الممثلين المحترفين. تخصصت فترة ما في أفلام المغامرات، قبل أن تصبحي ممثلة مرموقة في أفلام درامية يخرجها عمالقة السينما في هونغ كونغ وفي العالم كله، فهل تمكِنك الآن المشاركة من جديد في أعمال من نوع المغامرات الخفيفة؟ - نعم، خصوصاً إذا كان السيناريو المطروح عليّ من النوع الجيد المبني على حبكة مثيرة، فأنا متفتحة أمام مختلف الألوان السينمائية، طالما أن النوعية الجيدة هي سيدة الموقف. هل تعتبرين أن المنافسة قوية بين الممثلات في هونغ كونغ؟ - نعم، وبل ضارية، وأنا أشعر بها أكثر من غيري بسبب كوني مغتربة تايوانية أسعى إلى شق طريقي في وسط ممثلات محليات يعتبرن أنفسهن صاحبات أولوية بالنسبة لي، خصوصاً أنهن جميلات جداً وموهوبات جداً. وبما أنني من النوع الذي يصمد ويعرف ما يريد، أمارس سياسة العمل الشاق وعدم الاهتمام بما يدور من حولي، حتى يظل تركيزي موجهاً نحو هدف واحد هو النجاح، وأنا فخورة لكون السينما العالمية صارت تهتم بي وهذا شيء يزيد من حدة غيرة الزميلات الصينيات تجاهي. بعد سن الأربعين نلاحظ مدى أهمية الأدوار النسائية في السينما الآسيوية وقوتها، فهل تعتبرين نفسك محظوظة كممثلة من هذه الناحية؟ - نعم، وصحيح أن الأدوار النسائية في أفلام هونغ كونغ وآسيا عموماً، جميلة جداً، وحتى إذا كانت الأفلام كتبها رجال ويخرجها رجال. أسمع بشكاوى الممثلات في الغرب ضد حكاية الأدوار النسائية الضعيفة إلى حد ما، وصعوبة حصولهن على فرص للعمل، خصوصاً بعد سن الأربعين، وأعتقد أنني في الحقيقة محظوظة بانتمائي إلى قارة تمنح المرأة أجمل الأدوار فوق الشاشة، بصرف النظر عن عمرها، فهذا شيء يجعلني أنظر إلى مستقبلي الفني بكثير من التفاؤل. هل تتمتع القارة الآسيوية بنسبة كبيرة من المخرجات؟ - هناك نساء كثيرات في آسيا يعملن في الإخراج السينمائي، إلا أن الرجال هم الذين يسيطرون على الموقف في الزمن الحالي، ويخرجون أجمل الأفلام التي تعبر الحدود وتعرض في العالم كله، بينما تبقى الأفلام التي تنفذها النساء محلية في توزيعها، وربما أن الأمور ستتطور في المستقبل القريب. بائعة ورد عملتِ في فيلم فرنسي هو «الناقل» أنتجه لوك بيسون، ثم في فيلم أميركي هو «نيويورك أحبك»، فهل فتح الأمر شهيتك على العمل أكثر وأكثر في الغرب؟ - مثلت دوراً صامتاً في فيلم «الناقل»، وفي ذلك الوقت لم أكن أتكلم الفرنسية ولا الإنكليزية، وبالتالي لم أكن مستعدة لخوض أي تجربة سينمائية ناطقة خارج آسيا، وكان يكفيني أنني تعلمت اللغة الصينية من أجل شق طريقي في سينما هونغ كونغ. لكن ها هو السينمائي فتيح أكين، التركي المقيم في ألمانيا ويتكلم الألمانية والإنكليزية بطلاقة تامة، قد أتاني بدور جميل في القصة الصغيرة التي كان سيتولى إخراجها ضمن مجموعة الحكايات التي يرويها فيلم «نيويورك أحبك»، وهو دور بائعة ورد في نيويورك يقع في غرامها رسام ويرغب في تحويلها إلى موديل رسمي للوحاته، إلا أنه يموت قبل أن تتحول الأمنية إلى حقيقة. وكان العائق الوحيد أمامي من أجل قبول هذا الدور المؤثر، هو عدم تكلمي اللغة الإنكليزية. وقد رفضت العرض حتى أكون صادقة مع نفسي ومع أكين، لكنني وجدت نفسي أمام رجل مصرّ على تعييني في فيلمه، ومصرّ أيضاً على أن أتعلم الإنكليزية في شهر واحد على حساب الشركة المنتجة للفيلم. وفي مواجهة هذا الموقف، اضطررت إلى وضع كسلي في جيبي ورحت أتابع الدروس الخصوصية المتطورة، إلى أن صرت جاهزة لأداء شخصيتي في اليوم المحدد. والآن يبدو لي أنني قادرة على فعل الكثير من الأشياء الجريئة والشجاعة، إذا وجدت نفسي في حالة من الضرورة القصوى. وللرد على سؤالك، نعم لقد فتح الأمر شهيتي على العمل في الغرب. من هن النجمات اللاتي فتحن شهيتك على مهنة التمثيل؟ - رومي شنايدر وجولييت بينوش وماغي شانغ، خصوصاً هذه الأخيرة لأنها امرأة آسيوية تعرف كيف تحقق أهدافها في الحياة وتفرض نفسها على العالم كله في الميدان الفني، غير أنها دائماً في أحلى حلة وفي قمة الأناقة، الأمر الذي يزيد من إعجابي بها وبشخصيتها الفذة. ما هي مساوئ شهرتك إن وجدت؟ - كون الناس يتعرفون عليّ في كل مكان عام أتردد إليه، الأمر الذي يحرمني من أي خصوصية في تصرفاتي اليومية، إضافة إلى أنني ملاحقة دائماً من الإعلاميين، خصوصاً المصورين منهم، بهدف التقاط صور لي في وضع غير لائق، ما قد يزيد من مبيعات مجلاتهم بطبيعة الحال. أنا سعيدة بنجوميتي، لكنني أدفع ثمنها غالياً، لأنني مرغمة على الحيطة والحذر في شكل شبه مستمر، وأضيف أن هذه الظاهرة غربية أكثر مما هي منتشرة في آسيا. هل أنت متزوجة؟ - لا، وأتمنى أن ألتقي الرجل الذي أعيش معه لحظات من السعادة وأكوّن معه عائلة كبيرة. هل تعرفين المنطقة العربية؟ - لم أزرها بعد، لكنني أعرف أنها منطقة مليئة بالأماكن الخلابة ذات التراث العريق، وطبعاً أحلم بالسفر إلى بعض بلدانها في المستقبل.