عندما ترى مريض السرطان شخصياً يكابد الصعوبات ويتخطاها أعتقد ان ذلك يعطيه أملاً حقيقياً فيقضي على المخاوف في داخله"، هذا ما قاله هارمون ار كبير الأطباء في المؤسسة الأميركية للسرطان، اثناء تعليقه على ظاهرة الأبطال الرياضيين الذين باتوا مثالاً يحتذى في العمل والتضحية وتقديم الانجازات من أجل أهداف انسانية واجتماعية وطبية وفي مقدمها مساعدة المؤسسات التي تعنى بمرضى السرطان ورعايتهم. واذا كانت لفتات النجوم والأبطال نحو هذا الجانب الحساس واحتضان المجتمع لها، بلغت مداها في الولاياتالمتحدة وأوروبا، وشكلت محطات سنوية وحلقات مؤازرة يحتذى بها، فإن الشباب العربي نشط في الآونة الأخيرة ضمن الاطار عينه، تحسساً بالواقع، مقدماً نماذج كثيرة يثنى على خطواتها ومن الواجب تحفيزها. وفي هذا الاطار، قرر اللبناني علي وهبي وزميلتاه الاردنيتان التوأم لما وديما حطاب تحدي الصحراء المغربية وخوض ماراثون الرمال في نسخته الحادية والعشرين المقررة بين 7 و 17 نيسان ابريل المقبل. وبعيداً من الخلفية الرياضية التي أوصلت"الثلاثي"الى هذا المعترك، فإن الغاية الأسمى التي تتخطى الشهرة والاستمتاع، هي الجري من أجل هدف انساني نبيل هو مساعدة أطفال السرطان ومراكز الأبحاث الطبية الخاصة في هذا القطاع في لبنان والأردن ومصر. السباق من الناحية الفنية يُعد من فئة ULTRA، لأن مسافته تتعدى 50 كيلومتراً، ويتوجب على المشاركين فيه، والبالغ عددهم 800 متبارٍ من الجنسين هذا الموسم، اجتياز 240 كلم على مراحل في غضون ستة أيام حيث تصل الحرارة الى 55 درجة مئوية فضلاً عن العواصف الرملية... وضع"الثلاثي"نصب عينيه جمع 240 ألف دولار، وهي كناية عن تبرعات ودعم مقدارها دولار واحد في مقابل اجتياز كل متر. وحين استوضحت"الحياة"وهبي عن تفاصيل المشروع، كشف انه شاهد الحلقة الخاصة ببرنامج"كلام الناس"عبر المؤسسة اللبنانية للارسال عن"أطفال السرطان"، وقرر ان يسهم ضمن امكاناته،"وسبق ان توفيت والدتي في 18 تموز يوليو الماضي بسبب هذا المرض العضال". وأضاف"ان أصعب ما في الحياة أن يتعذب قريب أو صديق لك ولا تستطيع مساعدته". وكان وهبي 36 عاماً الذي عاش أعواماً عدة في فرنسا، ويعمل حالياً مستشاراً في غرفة التجارة والصناعة ومنظمة الاممالمتحدة للتنمية الصناعية UNIDO، تعرّف الى التوأم لما وديما 25 عاماً اثناء المشاركة في ماراثون بيروت الدولي الثاني خلال تشرين الأول أكتوبر الماضي، فقرروا المضي قدماً والعمل معاً لانجاز هذا المشروع. ويلقى وهبي دعماً وتشجيعاً من زوجته ليندا التي توقظه باكراً للتدريب، على رغم انشغالها بوظيفتها وطفلها... وسبق ان شاركت لما في برنامج"سورفايفر"العام الماضي. والتحضير للحدث الكبير يتطلب توفير التمويل والتدريب القاسي والمنتظم يومياً، ويجتاز وهبي 100 كلم اسبوعياً فضلاً عن حصص الاعداد البدني، وسيقوم بتدريبات خاصة في وادي رام الأردني، وسيخوض ماراثونها الخاص خلال ايلول سبتمبر المقبل، ثم ماراثون بيروت الثالث في تشرين الثاني نوفمبر. ويلفت وهبي الى ان غالبية المشاركين في ماراثون الرمال، يقومون بمغامرتهم ويكررونها مرات عدة، من أجل أهداف انسانية، ومنهم فريق انكليزي يضم 110 اشخاص جمع مليون دولار لمركز الأبحاث البريطاني. ويعمل وهبي وزميلتاه على تأسيس جمعية"أمل الأطفال في الشرق الأوسط"، مطلقين شعار"نركض يداً بيد مع الأطفال نحو الأمل نحو الصحة". وستعنى بالمبادرات الخيرية بهذه الفئة العمرية، وتتضمن نشاطات عدة ولا سيما رياضية تؤمن الموارد التي تدعم عمل مراكز ابحاث السرطان في الدول العربية، وإطلاق حملات توعية في المدارس تهدف الى دمج الطفل المصاب مع محيطه وزملائه وتوفير الإطاحة اللازمة، مما يسهم في رفع معنوياته وانخراطه في الحياة الطبيعية قدر الإمكان، وعيادات تطوعية تساعد العائلات التي تجد صعوبة في تأمين العناية الطبية والعلاج. كما أنشأوا موقعاً خاصاً إرشادياً وتعريفياً على شبكة الإنترنت عنوانه: www.childrenshope-me.org