نشبت مشادة كلامية ساخنة كادت تتحول الى عراك بالايدي داخل قاعة البرلمان التركي ليل الاربعاء - الخميس، بين نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم من جهة وحزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض من جهة أخرى، وذلك اثناء مناقشة قانون العقوبات الذي رفض الرئيس احمد نجدت سيزر سابقاً المصادقة عليه واعاده الى البرلمان لمراجعته الشهر الماضي. وتركز النقاش على قانون معاقبة القائمين على المدارس الخاصة غير المرخصة، اذ يخفض القانون الجديد عقوبتهم من السجن لثلاث سنوات الى سنة واحدة فقط، مع تحويلها الى غرامة مالية، ما يعني بحسب ما ترى المعارضة العلمانية تحفيزاً للمتطرفين الاسلاميين لفتح مدارس دينية من دون ترخيص ونشر التطرف من خلالها، بعد تحويل عقوبة هذه المخالفة الى غرامة مالية من دون الحبس كما كان سابقاً. وخلال النقاش، اتهم نواب حزب الشعب الجمهوري، الحزب الحاكم بالعمل على تسويق فكرة الاسلام المعتدل التي طرحها مشروع الشرق الاوسط الكبير الاميركي، فرد عليهم النائب رسول طوسون عن حزب العدالة والتنمية، قائلاً ان حزبهم ضد الدين بالمطلق سواء كان معتدلاً ام متطرفاً، وان حزبهم يستثمر الاتاتوركية واقوال مؤسس الجمهورية مصطفى كمال اتاتورك لاهداف سياسية، فتعالت اصوات نواب المعارضة باللعنات والشتائم. وبدأ العراك حين صرخ النائب المعارض علي طوبوز ان الذين يستثمرون الدين لاغراض سياسية هم عديمو الشرف. وعلى رغم هذه البلبلة التي استمرت زهاء ساعة تقريباً، فان الغالبية العددية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، كفلت تمرير القانون كما هو من دون اجراء أي تعديل عليه، ليعود مرة اخرى الى الرئيس سيزر الذي سيكون مضطراً الان للمصادقة عليه، وان كان بإمكانه احالة القانون بعد ذلك الى المحكمة الدستورية العليا للنظر فيه، الامر الذي يرجحه المراقبون. ويأتي ذلك بعد تصريحات زعيم المعارضة دنيز بايكال الذي قال غداة صدور القانون ان حكومة العدالة والتنمية تسير بتركيا نحو الهاوية وتعمل من اجل مصلحة فئة راديكالية ضيقة. وطالب الشعب بالانتفاض على الحكومة من اجل منع ما سماه"حملة القضاء على العلمانية التي تتزعمها". وكانت الحكومة شهدت سجالاً مماثلاً مع رئيس التعليم العالي اردوغان تيزايتش الذي رفض مراراً طلبها افساح المجال امام خريجي ثانويات الائمة والخطباء لدخول اقسام الجامعات العلمية والادبية المختلفة بدلاً من حصر المجال امامهم في كليات الشريعة فقط. و أكد تيزيتش ان الجامعات في تركيا هي عماد النظام العلماني، وانه من الخطأ توجيه طلبة الدين الى الهندسة والطب والحقوق. ويخشى العلمانيون من ان يخلق ذلك جيلاً متديناً ينخرط في كل ميادين العمل الرسمي ويصرون على حصرهم في كليات الشريعة وتدريس الدين امامة المساجد فقط، علماً أن رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان والكثير من نواب واعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، هم من خريجي مدارس الائمة والخطباء الدينية.