تدخل قطر اليوم مرحلة جديدة تشكل علامة فارقة بين عهدين، الأول كان محكوماً ب"دستور موقت"تمثل في"النظام الأساسي الموقت"الذي صدر عام 1970 قبل استقلال قطر بعام، ثم جرى تعديله في العام 1972 وكان ينقصه الكثير من الحقوق الدستورية والقيم العصرية، أما المرحلة الثانية التي تنطلق صافرتها فجر اليوم فهي مرحلة"الدستور الدائم". تبلورت بدايات المرحلة الجديدة في العام 1999 عندما شكل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لجنة ال32 التي كلفت وضع مسودة الدستور الدائم، ولوحظ أن تشكيلها راعى تمثيل فئات المجتمع المختلفة من القبائل الى التكنوقراط، وبعدما أكملت مهماتها في تموز يوليو عام 2002 شهدت قطر في التاسع والعشرين من نيسان أبريل 2003 أول استفتاء على مسودة الدستور التي وافق عليها القطريون، رجالاً ونساء، بنسبة 96.64 في المئة. وكانت هذه النتيجة ايذاناً باصدار الأمير للدستور في الثامن من حزيران يونيو 2004، حيث قرر بدء تطبيقه بعد عام من اصداره حتى"يتم استكمال المؤسسات الدستورية واتخاذ الاجراءات اللازمة قانونا"، وشدد الأمير في هذا الاطار على أن الدستور"يرسي الدعائم الأساسية للمجتمع ويجسد المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ويضمن الحقوق والحريات". ويتكون الدستور من 150 مادة، وستتم في ضوئه أول انتخابات برلمانية بمشاركة المرأة. وعلم أن عدداً من السيدات بدأ منذ الآن الاستعداد لخوض الانتخابات البرلمانية، بعدما لم يحالفه الحظ في انتزاع أي مقعد في انتخابات المجلس البلدي المركزي. وينص الدستور في باب المقومات الأساسية للمجتمع على ان"يقوم المجتمع القطري على دعامات العدل والاحسان والحرية والمساواة"، وجاء فيه أن"الملكية الخاصة مصونة"و"العلاقة بين العمال وأرباب العمل أساسها العدالة الاجتماعية وينظمها القانون"و"المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات"و"الجنسية القطرية وأحكامها يحددها القانون"، ويشدد في المادة 38 على أنه"لا يجوز ابعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة اليها"، اضافة الى كفالة الحرية الشخصية ومنع التعذيب أو المعاملة الحاطة بالكرامة. ويكفل الدستور"حق المواطنين في التجمع"و"تكوين الجمعيات"و"حرية الرأي والبحث العلمي"و"حرية الصحافة والطباعة والنشر"ويشدد على أن"حرية العبادة مكفولة للجميع"كما أن"كل شخص مقيم في الدولة اقامة مشروعة يتمتع بحماية لشخصه وماله "ويؤكد أن"نظام الحكم يقوم على أساس فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويحدد بوضوح صلاحيات الأمير ومجلس الوزراء والبرلمان. ويتيح الدستور للبرلمان مجلس الشورى"حق ابداء الرغبات للحكومة في المسائل العامة"، كما يحق للبرلمانيين"استجواب الوزراء في الأمور الداخلة في اختصاصاتهم"، أما بشأن"السلطة القضائية"فان"سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة"و"السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم"و"القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأي جهة التدخل في القضايا أو في سير العدالة".