صوّت القطريون أمس في الاستفتاء على مشروع "الدستور الدائم". ويقول مسؤولون قطريون ان البرلمان المنتخب الذي سيطلق عليه اسم "مجلس الشورى" سيكون المولود الطبيعي الأول لمرحلة تتمثل أبرز عناوينها في "الحريات والعدالة والمساواة أمام القانون". وشهدت الدوحة منذ الصباح نشاطاً لافتاً عكسه توافد الرجال والنساء الى 150 مركزاً للتصويت في يوم عمل عادي. وتوزعت مراكز التصويت في وزارات الدولة ومؤسساتها، بل خُصصت مقار متنقلة لتسهيل "ممارسة حق التصويت" في أي مكان. وفي الديوان الأميري الذي يمثل "اللجنة رقم 1" شارك أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في التصويت. وشارك في هذا الموقع أيضاً ولي العهد الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، وعدد من كبار الشيوخ والشخصيات بينهم الشيخ محمد بن حمد آل ثاني والشيخ خالد بن حمد آل ثاني ورئيس مجلس الوزراء الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني، ونائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن خليفة آل ثاني. وكان أمير قطر خاطب المواطنين عشية الاستفتاء مساء الاثنين متعهداً مواصلة العمل "في بناء دولة مزدهرة ومستقرة، قوامها الدين والأخلاق، وعمادها العلم والمعرفة، وأساسها حكم العدل والدستور". ورأى أن مشروع الدستور الذي وضعته لجنة تمثل فئات مختلفة "يرسي دعائم المجتمع وينظم شؤون الدولة ويجسد المشاركة الشعبية ويبني المؤسسات الديموقراطية ويرسخ الانتماء للوطن ويؤكد الواجبات ويضمن الحقوق والحريات". وجدد اقتناعه بأن "الإسلام جعل من الشورى مبدأ إلزامياً في الحكم وركناً لا بد منه". وفي مركز "مدرسة الإيمان" الثانوية شارك وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في الاستفتاء ووصفه بأنه يوم تاريخي. وقال، رداً على سؤال، ان هذا الدستور "ليس وليد الظروف الحالية" بل هو نتيجة عمل بدأته قبل ثلاث سنوات لجنة شكلها أمير الدولة. وأضاف: "اعتقد أن هذا إنجاز تاريخي مهم ونشكر صاحب السمو الأمير الذي بادر من دون أي مطالب شعبية بتقديم هذا الدستور ووضع قطر على بداية خريطة الديموقراطية". وسألت "الحياة" وزير الخارجية القطري هل يتوقع ان يثير الدستور أصداء في المجتمع الخليجي، فأجاب: "اعتقد أن لكل دولة حقها في التعامل، بحيث لا تضر أي دولة دولة أخرى بقرار معين. وهذا الدستور قرار داخلي يخص قطر واتخذ في قطر". وقال انه لا يعرف هل سيكون للدستور القطري تأثير كبير في منطقة الخليج، و"لكن سيكون له تأثير كبير في قطر، وآمل بأن يكون مثلاً جيداً لدول مجلس التعاون". ونفى أن يكون للوجود الأميركي في بلاده أي تأثير على طرح الدستور على التصويت. وشدد على ان الدستور "يعني الاستقرار ومعرفة الحقوق والواجبات بين المواطنين والدولة وهذه نقطة مهمة جداً"، مشيراً الى أن الدستور فصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. عمليات التصويت وانتقلت "الحياة" الى مركز للتصويت في "سيتي سنتر" وهو أكبر مجمع تجاري وترفيهي ولاحظت إقبالاً كثيفاً من النساء والرجال. وقال رئيس المؤسسة العامة للبريد علي بن محمد العلي بعد الإدلاء بصوته "إن المشاركة في الاستفتاء واجب وطني وقد أعطى الأمير الحرية للمواطن للمشاركة، وسينظم الدستور العلاقة بين الحاكم والمحكوم". حضور مكثف للقطريات وكان لافتاً أن القطريات سجلن حضوراً كثيفاً في مراكز التصويت. وتحدثت إحداهن ل"الحياة" قائلة انها تعمل في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية وانها تعتبر "مشاركة المرأة نقلة حضارية كبيرة". وأضافت "ان مشاركة القطريات بالترشيح والاقتراع في الانتخابات البرلمانية المقبلة هي نقلة نوعية في منطقة الخليج". وعبرت عن اقتناعها بأن المرأة ستدخل البرلمان، خصوصاً بعد فوز أول قطرية في انتخابات المجلس البلدي قبل أيام. وقال الدكتور هيثم مناع من "اللجنة العربية لحقوق الإنسان" بعد زيارته عدداً من مراكز الاستفتاء: "جئت الى الدوحة للرصد والمتابعة". وأضاف ل"الحياة": "إن أي دستور هو نقلة الى الإمام".