فتحت السفارات القطرية في دول العالم أبوابها أمس للقطريين من الديبلوماسيين والطلاب والتجار المسافرين وغيرهم، للإدلاء بأصواتهم في استفتاء على مشروع "الدستور الدائم". وتشهد الدوحة والمناطق المختلفة حالياً نقاشاً واسعاً داخل البيوت وفي الندوات والبرامج الإذاعية، وفي الصحافة، على "قضايا الديموقراطية والحرية والمساواة والعدل" تمهيداً للاستفتاء العام بعد غد الثلثاء. وكان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني دعا المواطنين الى المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعدته لجنة ال32 الذين يمثلون مختلف فئات المجتمع، وستشكل هذه العملية حدثاً سياسياً وتاريخياً سينقل الحياة السياسية والدستورية الى آفاق أرحب، فالانتخابات البرلمانية الأولى ستجرى في ضوء الموافقة على الدستور. وفيما تشكلت لجنة للإشراف على الاستفتاء في 125 مركزاً برئاسة وزير الدولة للشؤون الداخلية الشيخ حمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، قال الناطق باسم مشروع الدستور السفير المتجول في وزارة الخارجية محمد جهام الكواري، في حديث الى "الحياة"، إن الدستور "سيضع قطر على طريق النهج الديموقراطي، وسيؤدي لبناء المؤسسات المدنية وإنشاء دولة المؤسسات وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار". ويتكون مشروع الدستور من 150 مادة في خمسة أبواب رئيسية هي: "الدولة وأسس الحكم" و"المقومات الأساسية للحكم" و"الحقوق والواجبات العامة" و"تنظيم السلطات" و"الأحكام الختامية". ومن أبرز سماته انه يفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وينص على ان "المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات" و"الحرية الشخصية مكفولة ولا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه أو تحديد أقامته أو تقييد حريته في الإقامة والتنقل إلا وفق إحكام القانون"، و"تكفل الدولة حق الانتخاب والترشيح للمواطنين" و"حرية تكوين الجمعيات مكفولة وفقاً لأحكام القانون". كما يتبنى المشروع مبادىء: "حرية الصحافة والطباعة والنشر"، و"حرية الرأي والبحث العلمي"، و"حرية العبادة"، و"تسليم اللاجئين السياسيين محظور"، و"الشعب مصدر السلطات"، و"نظام الحكم يقوم على أساس فصل السلطات"، و"السلطة القضائية مستقلة"، و"القضاة مستقلون لا سلطان على قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأي جهة التدخل في القضايا أو في سير العدالة". ورأى الكواري أن الدستور هو"دليل المواطنين الذي يوضح الحقوق والواجبات" كما أنه "الضمان لإقامة علاقات سليمة بين الحاكم والمحكوم، وبين قطر ودول العالم"، مشيراً الى أن بلاده تشهد تطورأً اقتصادياً كبيراً وستنفذ مشاريع كبرى، وسينظم الدستور العلاقات بين قطر والدول والشركات، أي أنه ضمانة لعلاقات قطر الاقتصادية". ولفت الناطق باسم مشروع الدستور الى ان قطر خطت خطوات متدرجة نحو الديموقراطية منذ سنوات، مشيراً الى إجراء انتخابات بلدية ورفع الرقابة عن الصحف والغاء وزارة الإعلام وإنشاء قناة "الجزيرة"، وقال إن كل هذا أدى في النهاية الى مرحلة الدستور. ولفت في هذا الإطار الى ان النقاش الذي يسود أوساط المجتمع حالياً حول "حقوق المواطن وواجباته" جعل الناس يعبرون عن آرائهم بوضوح عن "الشأن العام"، وهذا يحدث بمعدلات عالية للمرة الأولى. وسيشارك في الاستفتاء رجال القوات المسلحة والأمن، وعلم أن نسخاً من مشروع الدستور وزعت على المساجين في السجون تمهيداً للمشاركة في الاستفتاء، وهناك توجه لإدراج أهم بنود الدستور في منهج العلوم الاجتماعية في الصف الأول الإعدادي في العام المقبل. ويتوقع بعد الموافقة الشعبية على المشروع أن يتم الإعلان في فترة مقبلة عن موعد الانتخابات البرلمانية. وعلمت "الحياة" أن لجاناً ستعكف على مراجعة القوانين الحالية لتتماشى مع نصوص الدستور، وستصدر قوانين جديدة بينها قانون ينظم عمل الجمعيات المهنية، وقانون السلطة القضائية، و في هذا الاطار ينتظر الصحافيون صدور قانون جديد يعلي من شأن المهنة ويحميها من إي ممارسات تعسفية، أو عراقيل تحول دون تدفق المعلومات.