قدم الرئيس البوليفي كارلوس ميسا استقالته من منصبه، في محاولة لإنهاء اسابيع من الاحتجاجات المطالبة بتأميم احتياطات الغاز الطبيعي في البلاد، والتي أشعلت أسوأ أزمة سياسية منذ رئاسته للبلاد قبل 19 شهراً. وتعتبر هذه الاستقالة الثالثة لميسا هذا العام، وكان الكونغرس رفضها في المرتين السابقتين. وقال ميسا في كلمة وجهها إلي شعبه في وقت متأخر من ليلة الاثنين:"أعتقد أن من مسؤوليتي أن أقول إنني لا أستطيع أن أستمر بعد اليوم". وكان الرئيس البوليفي تسلم سدّة الرئاسة منذ عشرين شهراً بعد استقالة الرئيس السابق، نتيجة قمعه إضطربات أسفرت عن عشرات القتلى. وميسا القادم من قطاع الإعلام والذي لا ينتمي الى الطبقة السياسية والذي انتخب عام 2002 نائباً للرئيس، سرّعت من استقالته المسيرة الهندية الضخمة التي تجمعت الإثنين في لاباز وكادت تحتل القصر الجمهوري، ما حتم على الرئيس الخروج منه خلال ساعات عدة، قبل أن يعود ليقدّم استقالته. مفاجأة وشكلت استقالة ميسا مفاجأة بالنسبة إلى المراقبين السياسيين بعدما حسم الأسبوع الماضي، الخلاف الذي قسم البلاد الى جمعية تأسيسية تطالب بها الحركة الهندية، واستفتاء مناطقي تطالب به المناطق الشرقية حيث النشاط الإقتصادي. واقترح ميسا توحيد الأجندة وإجراء الإنتخابات والإستفتاء في اليوم عينه، وحدّد منتصف تشرين الأول سبتمبر الماضي موعداً لذلك. وجاء تدخل ميسا هذا بعد عدم توافر النصاب القانوني لاجتماع الكونغرس لثلاث مرات متتالية. وحض الكنيسة البرازيلية على القيام بمبادرات تفاوضية لإخراج بوليفيا من مأزقها. وبالفعل، تولت الكنيسة مهمة إجراء مفاوضات موازية في جميع مناطق بوليفيا. وبحسب الدستور البوليفي، يشغل نائب الرئيس سدة الرئاسة في حال حصول فراغ رئاسي، وفي حال عدم وجود نائب رئيس - وهذه هي الحال في بوليفيا اليوم - ورئيس مجلس الشيوخ أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس القضاء الأعلى، على أن تجرى انتخابات رئاسية جديدة في غضون 180 يوماً. وفي حال وقوع الفراغ بعد نصف الولاية الرئاسية، تجرى الإنتخابات البرلمانية، ما يعني أن إذا أجريت الإنتخابات الرئاسية بعد 6 آب أغسطس، ستتضمن أيضاً إنتخابات برلمانية. أما إذا أجريت الإنتخابات الرئاسية قبل 6 آب، فستكون محصورة في إنتخاب رئيس ونائب رئيس لخلافة ميسا. واقع معقد غير أن الواقع السياسي لبوليفيا ليس بوضوح ما نص عليه الدستور. ذلك أن رئيس مجلس الشيوخ فاكا دياز يعتبر أكثر شخصية مكروهة من الحركات الإجتماعية الهندية، وسيؤدي تعيينه في سدة الرئاسة الى تفجير الوضع برمته. لذلك، يسعى الزعيم الهندي اليساري، إيفو موراليس، وهو أحد أقوى المرشحين للإنتخابات الرئاسية، إلى إقناع النواب باختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى لشغر الفراغ الموقت والدعوة الى إنتخابات برلمانية في شكل مواز للإنتخابات الرئاسية. وتنصب الجهود حالياً على ترتيب الآليات وتحديد الشخصيات الكفيلة في إعادة الإستقرار إلى بوليفيا خلال المرحلة الإنتقالية هذه، ومحاولة التوصل الى تسوية مقبولة. ويرى المراقبون أن في حال عدم الوصول الى إتفاق، وهو إحتمال وارد، سينتج من هذه المفاوضات رفض لاستقالة ميسا. أمام ذلك، ستكون الساعات المقبلة حاسمة. وفي حال فشل الطبقة السياسية والكنيسة في إيجاد حلول مقنعة لهذا المأزق، سيطل مجدداً خطر الإنقلاب العسكري الذي كان يبدو مستبعداً في الأسابيع الماضية.