في نهاية التسعينات انتشرت أغنية"كامننا"لمحمد فؤاد، وانتشر معها اسم مؤلفها الشاعر عنتر هلال. أثارت كلمات الأغنية حفيظة الكثيرين، نظراً الى ما حملته من عبارات وصور شعبية، لكنها حققت نجاحاً منقطع النظير، شكل إشارة انطلاق موجة جديدة من الأغاني الشعبية ذات الكلمات غير المألوفة. بعدها قدّم هلال أغاني أخرى لاقت هوى لدى المستمع - لكنها - أثارت أزمة بين النقاد، وفي محاولة للتعرف إلى رأيه في الأغنية الحالية ومستقبل الأغنية العربية، كان هذا الحوار مع الشاعر عنتر هلال. استخدمت مفردات غير مألوفة في الأغاني التي كتبتها، فما رأيك في مسألة دخول كلمات شبابية"دارجة"على الأغنية العربية؟ - الأغنية في الأصل، هي منظومة كبيرة تشكل المجتمع، تستمد منه صورها وتعكس الحالات الموجودة فيه. لا نستطيع أن نزعم أن هدف الأغنية تعليم الناس، لأن ذلك ليس من أهدافها. لكنها ترافق المجتمع وتصاحبه في حالاته وتعكس ما يعتمل داخله، وبما أن المجتمع شهد تغييراً نوعياً على كل المستويات وتغير إيقاع الحياة إلى السرعة ثم السرعة الشديدة، أصبح لزاماً أن توصل ما تريد من معلومات وأفكار بالطريقة السريعة عينها. والدليل على نجاح ذلك هو التفاف الناس حول الأغاني الحديثة، فهي تخاطبهم بلغتهم، وهذا هو الإبداع... المبدع يبحث ويجتهد لكي يأتي بلفظ جديد أو موضوع لم يتناوله أحد من قبل. ونحن كشعراء نحاول كسر النمطية. في البداية قد ينزعج الناس لكنهم سيعتادون الوضع، وعندما يحدث هذا علينا أن نبدأ بابتكار أشكال جديدة أخرى. إذاً أنت لا تشعر بالقلق من دخول تعابير ومعان قد لا تكون راقية على الأغنية؟ - ما هو معيار الرقي والسمو والترفع ؟ كلها أشياء نسبية، وبعض الأغاني التي كانت مصنفة على أنها راقية من قبل، دار بها الزمن. وعندما تم تحليلها وفهمها اتضح أنها ليست كذلك. ما أريد أن أقوله إن الرقي يختلف من إنسان إلى آخر بحسب الوضع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي. المهم أن يحدث التواصل ولا يهم الشكل وقتها. وهل ترى أن الأغنية - في شكلها الحالي - تواصلت مع المستمعين؟ - طبعاً، ولا بد من أن ندرك أن الأغنية حالياً موجهة إلى شريحة الشباب من 6 سنوات حتى 20 سنة. هؤلاء هم الجمهور الحقيقي لأغنية اليوم. وحتى نفهم الأغنية الحديثة، علينا أن نفكر كما يفكرون ونتكلم كما يتكلمون. عندما نكتب، علينا حذف كل المفردات الصعبة والمعاني المبهمة واللغة السفسطائية ونبسط الأمور. في رأيك لماذا بدأت الأغنية العربية تتخذ شكل التهديد بدلاً من المناجاة، حتى ولو كانت عاطفية؟ - الأغنية، كما قلت، هي انعكاس لحالة مجتمع. والمجتمع اليوم بات يشهد الكثير من حالات الحدة في التعامل والخروج على اللياقة والتجاوز حتى في استخدام الألفاظ، وانحطاط التربية والتعليم داخل الأسرة. الناس في شكل عام أصبحوا أكثر عصبية بسبب شكل الحياة العصري. أريد أن أطمئن الجميع الى أن الأغنية سوف تتغير، وذلك عندما تحلّ مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية... ستتجه الأغنية نحو الهدوء. كيف ترى مستقبل الأغنية المصرية والعربية في ظل اقتحام الكلمات الغريبة والمعاني التي لم تكن معروفة منذ فترة قصيرة مضت؟ - ما يحدث الآن هو مجرد موضة سرعان ما ستنتهي بمجرد أن تهدأ الحالة العامة في المنطقة، وقتها سيهدأ الفن ويبدأ المبدعون البحث عن القيم والمعاني التي من شأنها أن ترقق المشاعر. الرومانسية ستعود وسيختفي العنف ويتوارى، وستظهر كلمات ناعمة تعبر عن الحب الهادئ والمرح الجميل. وأحب أن أضيف أنه علينا أن نكتب لكل المستويات، فمن حق البسطاء أن تكون لهم أغانيهم التي تُعبِّر عنهم، ولا خير في المثقفين إذا كانوا يريدون أن يحرموا الناس العاديين من متعتهم البسيطة... من حق هؤلاء أن نخاطبهم بلغتهم.