في اليوم التالي لاغتيال الزميل سمير قصير رفع العلم اللبناني على البناية المجاورة لمسرح الجريمة ولفت السيارة المستهدفة بغطاء بلاستيك، وأنجز الطوق الذي ضربه الأمنيون على محيط مسرح الجريمة الصغير مهمته وأبعد الفضوليين. لكن، ما الذي تغير في شارع فرن الحايك في الأشرفية بعد يوم من وقوع الجريمة؟ في الطابق السابع من البناية المطلة على الشارع، يقع منزل الزميلة جيزيل خوري زوجة الفقيد. يكاد المنزل يكون خالياً إلا من بضعة أقارب وأصدقاء جاؤوا يقدمون واجب التعزية إلى خوري، إلا انه"لا يسمح للإعلاميين بدخول المنزل"، يقول مروان ابن جيزيل. ويضيف:"المصاب أليم والوالدة وصلت للتو من السفر، وترفض التحدث إلى أحد، حتى من خلال الهاتف". ابن جيزيل كان الأكثر تماسكاً في المكان، جلس في مقدم الصالة حيث يمكنه تقديم المساعدة إلى النسوة المتشحات بالأسود. لا يعلم مروان شيئاً عن مراسم الدفن، فپ"الوالدة لم تتحدث حتى الآن، ولا اعتقد بأن العائلة بحثت في الطريقة التي تريد بها إجراء التشييع، أي إن يكون مأتماً شعبياً أم رسمياً"، يختم. على مدخل البناية تقف سيارة درك لحراسة المكان. على الأسوار الحديد المقابلة التي تعزل مسرح الجريمة عن خارجه، أضاء أصدقاء الشهيد قصير شموعاً ليلة استشهاده. الشموع ما زالت على الأرض، والى جانبها نثر كثير من الورود الحمر. عشر وردات حمر رصفت أمام بعضها بعضاً، كانت كافية لترسم خطوات الشهيد الأخيرة من مدخل البناية إلى السيارة حيث قضى. وكانت خوري وصلت من باريس إلى مطار بيروت الدولي على متن طائرة خاصة للرئيس الشهيد رفيق الحريري ظهر أمس، يرافقها الصحافي عماد الدين أديب. وكان في استقبالها في المطار الملحق الصحافي في السفارة الفرنسية فرنسوا أبي صعب ممثلاً السفير الفرنسي، النائب مصباح الأحدب، رئيس"حركة اليسار الديموقراطي"الياس عطا الله، ابنها مروان وابنتها رنا، رئيس تحرير جريدة"المستقبل"هاني حمود، وعدد من أقربائها. وغادرت خوري التي بدت منهارة المطار من دون الإدلاء بأي تصريح، أما النائب الأحدب فوصف الجريمة بالسياسية"لأن سمير قصير كان صاحب قلم سياسي بامتياز وكان له دور سياسي خلال انتفاضة الاستقلال"، مشدداً على"ضرورة الوعي للمواجهة ليس فقط على المستوى الأمني إنما أيضاً السياسي". وأكد الأحدب"أهمية رص الصفوف لدى الأطراف ووضع حد للتدخلات، وإذا اعتبرنا بأن جريمة كهذه هي غير سياسية فسنعطي بذلك تبريراً لمن يعملون على تفكيك الوضع والرجوع إلى السيطرة على الحياة السياسية".