أخذت جريمة اغتيال الزميل الشهيد سمير قصير العضو في قيادة"حركة اليسار الديموقراطي"المعارضة، أبعاداً سياسية جديدة لبنانية وخارجية، فصعدت المعارضة اللبنانية تحركها ضد الحكم اللبناني والمطالبة باستقالة رئيس الجمهورية اميل لحود،"باعتباره الرأس الفعلي للنظام الامني اللبناني - السوري"الذي اتهمته بالمسؤولية عن جريمة الاغتيال، ودعت الى تجمع شعبي بعد ظهر الاثنين المقبل عند مفترق القصر الجمهوري في منطقة بعبدا"اعلاناً لمسؤولية النظام الامني عن الاغتيالات...". وقال مصدر في وزارة الخارجية الاميركية ان واشنطن قلقة ازاء انزلاق الوضع الامني في لبنان بعد اغتيال الشهيد قصير وان هناك مخاوف من احتمال عرقلة الانتخابات النيابية. وكشف مصدر فرنسي مطلع عن اتصال جرى أمس بين الخارجية الاميركية والخارجية الفرنسية للنظر في تشديد الموقف حيال سورية بعد اغتيال قصير. وتوقع أن يتم اتخاذ اجراءات أكثر تشدداً في الأممالمتحدة بعد هذه الجريمة التي استنكرتها الادارة الأميركية وفرنسا. وأوضح المصدر ان الضرورة تقضي بالمزيد من التشدد بالنسبة الى سورية. راجع ص 2 و3 وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفرنسية جيروم بونافون ل"الحياة"ان الرئيس الفرنسي جاك شيراك اتصل مساء بالامين العام للامم المتحدة كوفي انان وعبر له عن نقمة فرنسا على الجريمة التي استهدفت سمير قصير، وابلغه ان السلطات الفرنسية في فرنسا تطلب من السلطات اللبنانية ان تكشف كل الحقيقة حول هذه الجريمة ومحاكمة المجرمين. واكد شيراك لأنان ضرورة"رد دولي قوي لمثل هذا الاستفزاز". الى ذلك قال مصدر مطلع معلقاً على الرد الدولي المحتمل ان القرار 1559"لم ينته تنفيذه بعد، وفي هذا الاطار ينبغي على الاسرة الدولية ان تؤكد ان هذه الجريمة غير مقبولة وان تظهر انها لن تقبل مثل هذا الانحراف". وجرى اتصال مساء أمس بين الخارجية الفرنسية والاميركية حول لبنان، وتم الاتفاق على عقد لقاء على مستوى مديري الخارجيتين في واشنطن في أسرع وقت للبحث في ما ينبغي القيام به بعد جريمة سمير قصير بالنسبة الى سورية ولبنان. وقال مصدر فرنسي مطلع أن كون سمير قصير مواطناً فرنسياً أوجب على فرنسا ان تطلب رسمياً المشاركة في التحقيق في الجريمة وستبحث عما سيكون الرد على الجريمة في اطار التنسيق مع الولاياتالمتحدة والأسرة الدولية. محققون اميركيون وفيما أعلن بيان للمعارضة اللبنانية ان الشهيد قصير سيشيع الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في مأتم شعبي انطلاقاً من ساحة الشهداء وسط بيروت، قال بيان لوزارة الداخلية الفرنسية ان خمسة عناصر من الشرطة الفرنسية المتخصصين في الادلة الجنائية ومكافحة الارهاب توجهوا الى بيروت امس للمشاركة في التحقيقات في اغتيال الشهيد قصير الذي يحمل ايضاً الجنسية الفرنسية. وقالت الداخلية الفرنسية ان السلطات اللبنانية، وخصوصاً وزارتي الداخلية والعدل،"طلبت المساعدة من فرنسا التي استجابت". وباشر الفريق الفرنسي معاينته لمكان الجريمة عصر امس. ووصف الرئيس الفرنسي جاك شيراك جريمة اغتيال قصير، في رسالة تعزية وجهها الى زوجته الزميلة جيزيل خوري محطة"العربية"التلفزيونية بأنها ارهابية، معتبراً ان"حرية اللبنانيين هي المستهدفة". وكان محققون اميركيون من السفارة الاميركية زاروا موقع الجريمة أيضاً. وأعلن وزير العدل خالد قباني"ان لبنان قرر الاستعانة بخبراء فنيين في الادلة الجنائية للتحقيق في اغتيال قصير"، مشيراً الى"ان بعثة اميركية متخصصة ستصل الى بيروت ايضاً لهذا الغرض". وفيما اعتبر لحود ان هناك اتهامات خادعة ومناقضة تحاول تضليل الرأي العام، طالب اثناء استقباله رئيس لجنة التحقيق الدولية باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالإسراع في بدء عمل اللجنة آملاً بأن"تتابع اللجنة التحقيقات في جريمة اغتيال قصير"، التي اعتبر انها"تندرج في اطار مخطط لاعادة البلاد الى اجواء الذعر". ورأى لحود ان"عدم تحديد المسؤوليات في جريمة اغتيال الحريري افسح المجال امام التكهنات واطلاق الاتهامات التي لا تستند الى اي دليل". وإزاء الفرز المتواصل بين قوى المعارضة مع تيار العماد ميشال عون، الذي تعمق باغتيال الشهيد قصير حيث ارخى بظله على التحالفات والمزاج الشعبي، شن العماد عون امس هجوماً عنيفاً على المعارضة التي اعتبر ان لا خير فيها. ورأى ان المطالبة باستقالة لحود هدفها الحؤول دون فتح ملفات الفساد، ولأنهم يريدون الاتيان برئيس من الطبقة السياسية نفسها. وجاء ذلك في وقت تستمر عملية اعلان اللوائح المنفصلة، بدءاً بالمتن الشمالي من دون التحالف مع عون. وذكرت الانباء ان اتصالات عون مع النائب سليمان فرنجية التي استؤنفت امس لم تتوصل الى نتيجة بعد في ما يخص التحالف في الشمال. وأكدت مصادر مقربة من الرئيس عمر كرامي انه لا ينوي العودة عن عزوفه عن الترشح للانتخابات خلافاً لما تردد. قلق في واشنطن وفي واشنطن افادت مصادر وزارة الخارجية الاميركية انها تنظر بقلق الى التطورات الاخيرة في الملف اللبناني، بعد اغتيال قصير، فيما يعيش لبنان مخاض انتخابات تأمل الادارة الاميركية ان تكون حرة وبعيدة عن التدخل الخارجي. وأوضحت ان الوزارة تتابع التطورات اللبنانية عن كثب وتجري اتصالات مع جهات عدة بما فيها فرنسا وبريطانيا والامم المتحدة"لضمان عدم خروج العملية الانتخابية عن مسارها الطبيعي"لجهة تحقيق هدف الاستقلال واستعادة السيادة الكاملة للبنان وشعبه. وأعرب مصدر اميركي ل"الحياة"عن عدم ارتياح واشنطن ازاء تقريرالامم المتحدة بخصوص انسحاب القوات السورية من لبنان، مشيراً الى ان"التقرير ركز على جوانب مما تم تحقيقه في اطار تطبيق قرار مجلس الامن الرقم 1559، من دون الاشارة الى متطلبات اخرى للقرار لم يجر تطبيقها بعد". واعتبر ان حادثة اغتيال قصير وتدخلات سورية اخرى خلال الحملة الانتخابية"تشير الى ان سورية لم تسحب كل اجهزتها الاستخبارية وانهاء تعاطيها مع عملائها في لبنان". ولفت الى ان واشنطن لا تسعى الى التدخل في العملية الانتخابية، بل"نسعى مع المجتمع الدولي لضمان عدم تدخل اي طرف غير لبناني في شكل قد يؤدي الى الانتقاص من الارادة الحرة للشعب اللبناني". واعتبر انه"لا يمكن النظر الى التطورات الاخيرة في لبنان بمعزل عن سياقها السياسي واهدافها المحتملة لجهة خلق تعقيدات قد تؤدي الى عرقلة الانتخابات او التشكيك بنتائجها في المستقبل، ما قد يفتح باباً على احتمالات عدة بما فيها تهديد امن لبنان واستقراره ومنعه من تحقيق استقلاله وسيادته على اراضيه". وامتنع المسؤول الاميركي عن توجيه اتهام مباشر لسورية بالمسؤولية عن حادثة اغتيال قصير، مشيراً الى ان الادارة"تدرس امكان المطالبة بتوسيع دائرة التحقيق الدولي في حادثة اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري ليشمل الاعمال الارهابية اللاحقة التي تعرض لها لبنان، بما فيها اغتيال قصير". ولفت الى ان قرار مجلس الامن الرقم 1566 يدعو الى محاسبة المسؤولين عن ارتكاب اعمال ارهابية وتقديمهم الى المحاكمة بغض النظر عن هويتهم. وحول الاتصالات الجارية مع فرنسا والاطراف المعنية، قال مسؤول وزارة الخارجية إنه يستبعد ان يؤثر التغيير الحكومي في فرنسا على التنسيق القائم بين واشنطن وباريس ازاء الملف اللبناني.