الحفلة الغنائية التي أحيتها المطربة إليسا وبثتها المؤسسة اللبنانية للارسال مساء الثلثاء الفائت لم تكن في حجم"النجومية"التي تحظى بها إليسا ولا في حجم الشهرة الاعلامية والتلفزيونية التي حصدتها خلال سنوات قليلة. فالحفلة هذه أكدت ما يشاع منذ فترة عن تراجع أليسا، لا سيما أمام"سيطرة"ظاهرتين فنيتين على الساحة الغنائية - الاستعراضية تتمثلان في هيفاء وهبي ونانسي عجرم. طبعاً ما زالت إليسا جميلة في اطلالتها، وجهاً وقدّاً وحاولت في هذه الحفلة أن تعتمد أكثر فأكثر على بعض مفاتنها وعلى حركتها المغناج، بعدما أحست أن صوتها بدأ يخونها، الا ان صوتها لم يخنها فقط بل بدا ضعيفاً خصوصاً في بعض النوطات العالية التي جعلته"ينشّز"كثيراً. كأن إليسا لم يعد يعنيها أن تمرّن صوتها وأن تخضعه للمزيد من التمرّس فتلجأ مثلاً الى أستاذ يعلّمها تقنيات الغناء. بل كأن إليسا باتت مقتنعة أنها ما عادت تحتاج الى الصوت لتنجح وتمارس"نجوميّتها"ما دامت العناصر الأخرى و"الأساسية"في نظرها متوافرة. والجميع يعلم ما هي هذه العناصر: انها جمال القامة وجمال الوجه وبعض الدلع وبعض الاغراء اللطيف... غنت إليسا بعض قديمها وجديدها، لكنها بدت رتيبة في غنائها اضافة الى هذا الضعف الفاضح في الأداء والصوت، حتى ان الكورس الذي رافقها بدا أقوى منها. وأعتقد ان الكثيرين من المشاهدين انتقلوا الى محطات أخرى ليعودوا من ثم الى حفلة إليسا وهكذا دواليك. فغناء إليسا كان بلا"نكهة"، بل كان خالياً من أي احساس، وغدت الأغنيات التي حفظها بعض الجمهور غيباً بلا روح وكأن إليسا تغنّيها رغماً عنها وبشفتيها فقط... وقد ملّ الجمهور هذه الأغنيات من فرط تكرارها واستهلاكها، فالجديد الذي أتت به ليس في أهمية بعض أغنيات اشتهرت إليسا بها. لا أدري لماذا تصرّ إليسا على احياء حفلات غنائية فردية منفردة بنفسها على المسرح، وحيدة، يرافقها فقط الكورس والفرقة الموسيقية. وهاتان الفرقتان بدتا عاجزتين عن ملء الفراغ الذي أحدثه الغناء والصوت. ألم يكن في مقدور إليسا أو منظمي الحفلة أن يدعوا مغنياً أو مغنية أو أكثر لمرافقة هذه المطربة الشابة فتتمكن هكذا من أداء دورها وتأدية اغنياتها من دون أن تقع الحفلة في حال من الفراغ والركاكة والرتابة؟ لم تعد اليسا قادرة على احياء حفلة وحدها مستفردة بالجمهور الذي يشاهدها سواء على الشاشة الصغيرة، المحلية والفضائية، أم في المسرح مباشرة. فالجمال والاغراء والاطلالة الجميلة لا تستطيع وحدها أن تصنع حفلة ولا أن تصنع مطربة أو مطرباً. وهذا ما يجب على إليسا أن تفهمه، فتعيد النظر في أزمتها الواضحة وفي مفهومها للغناء، قبل أن يمضي بها واقعها الى المزيد من التراجع. لقد بدأت"أزمة"إليسا باكراً وهي في مقتبل عمرها، مثلها مثل كثيرين من المغنيات والمغنّين الذين يتكاثرون بسرعة. ولكن لم يفت الوقت أمام إليسا كي تصلح ما أفسدته الشهرة السريعة والنجومية المفرقعة كحبات "البوشار".