اعتبر رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يانكر الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أن "اوروبا أصبحت لا تثير الأحلام وأن الخوف غلب الحلم"، وذلك بعدما وجهت هولندا ضربة جديدة، ربما تكون قاضية، للدستور الأوروبي بعد ثلاثة أيام على رفض الفرنسيين هذه المعاهدة، اذ رفضتها بكثافة خلال استفتاء فاز فيه معارضو الدستور بنسبة تفوق ال62 في المئة من الأصوات. واعرب عن"قلقه"إزاء نتيجة الاستفتاء المرتقب في 10 تموز يوليو في بلاده، لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن رفض الدستور في ثاني دولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي بعد فرنسا، يجب ألا يعيق"مواصلة عملية المصادقة"عليه. وقال ان الأوروبيين"لا يحبون الاتحاد على الطريقة الواردة في نص الدستور". وأكد رؤساء المؤسسات الثلاث الرئاسة الدورية والبرلمان و المفوضية، ان نتائج الاستفتاء الهولندي كما نتائج استفتاء الفرنسيين"تقتضي اجراء تحليل معمق والوقت اللازم لانجازه". وعاود يانكر ورئيس المفوضية مانويل باروسو ورئيس البرلمان جوزيب بوريل الحديث عن"القناعة بان الدستور يجعل الاتحاد أكثر ديموقراطية وجدوى وقوة"، داعين الى مواصلة مسار المصادقة عليه، على رغم الاخفاق في فرنساوهولندا. ونال الدستور حتى اليوم مصادقة في 10 بلدان أوروبية منها 9 من طريق التصويت في البرلمان. ومن المقرر ان تصادق بقية البلدان الثلاثة عشر على وثيقة المعاهدة في غضون العامين. لكن تطورات الوضع ربما تضطر القادة الأوروبيين الى اختصار المرحلة. أسباب ال"لا" ويحاول المسؤولون فهم اسباب عزوف الرأي العام ومعارضته المشروع الأوروبي. وقالت الناطقة الرسمية باسم المفوضية الأوروبية إن الرئيس باروسو:"لم ينته بعد من عملية تحليل الوضع و قد يتطلب وقتاً كافياً". ويتفق المسؤولون في مرحلة اولى على"استنتاج تعب الرأي العام الأوروبي من مشكلات البطالة والهجرة وسرعة وتيرة توسع الاتحاد الأوروبي وارتفاع كلفة العيش". وفسر وزير الخارجية الهولندي بين بوت عزوف غالبية الهولنديين 62 في المئة عن المعاهدة بان مواطنيه"لم يستوعبوا توسع الاتحاد نحو شمال القارة وفي العام الماضي في اتجاه الشرق، إضافة الى تخليهم عن العملة الوطنية فلورين التي استبدلت بالعملة الواحده يورو". تخوف من تهوّر بريطاني وفي اشارة مباشرة إلى بريطانيا، طالب رؤساء كل من مؤسسات القمة والبرلمان والمفوضية البلدان الأعضاء الى"التحفظ عن اتخاذ أية مبادرة أحادية الجانب"يمكنها أن تزيد الوضع تعقيداً. ويخشى المسؤولون من احتمال ان يستغل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الوضع الراهن، فيعلن تخليه عن اجراء الاستفتاء على الدستور. وستكون القمة المقبلة يومي 16 و 17 من الشهر الجاري الموعد الحاسم لحوصلة النقاشات الداخلية و الأفكار التي يجري طبخها في الأيام الجارية. وتتردد أفكار عدة ومتناقضة تتراوح من الدعوة الى التخلي عن نص الدستور، الى معاودة صياغته من أجل تبسيط القراءة، الى تأجيل موعد تنفيذه الى ما بعد 2007، بينما يمكن تركيز الجهود للتفكير في مستقبل الانموذج الأوروبي والنظر في اسباب عزوف الرأي العام. من جهته، اعتبر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أن هذا التصويت يطرح"أسئلة خطيرة"في شأن الاتجاه الذي يجب أن يسلكه الاتحاد الأوروبي. وأشار الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي صوت مواطنوه أيضاً ضد الدستور بنسبة 54.67 في المئة إلى"قلق شديد"عبر عنه الناخبون حيال المشروع الأوروبي. لكن المستشار الألماني غيرهارد شرودر أكد في المقابل أن"عملية المصادقة يجب أن تستمر". دفعة للدستور وفي ريغا، أيد برلمان لاتفيا بغالبية ساحقة دستور الاتحاد الاوروبي أمس، في قرار قال أعضاء بالبرلمان ومحللون انه يبعث برسالة من أوروبا الجديدة الى أوروبا القديمة، وهو أن عملية اقرار الدستور لا بد من أن تستمر. وأيد 71 عضواً في برلمان لاتفيا المؤلف من مئة عضو الدستور في مقابل رفض خمسة أعضاء وامتناع ستة عن التصويت. وقال وزير خارجية لاتفيا ارتيس بابريكس ان بلاده التي انضمت الى الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي في العام الماضي، وهي واحدة من الاقتصاديات السريعة النمو في أوروبا، تبعث برسالة واضحة الى الاعضاء المؤسسين للاتحاد الاوروبي، وهي أن الدستور ذاته وتوسعة الاتحاد الاوروبي لا بد من أن يستمرا. وفي وارسو، صرح نائب وزير الخارجية البولندي يان تروشتشينسكي بأن الوضع"تدهور اكثر"مع الرفض الهولندي للدستور الأوروبي. وفي نيويورك، تراجع اليورو إلى ما دون عتبة 1.22 دولار، في أدنى مستوى له منذ ثمانية اشهر. واعتبر مدير أحد ابرز معاهد استطلاعات الرأي موريس دو اوند أن"الرفض هو مؤشر للسياسيين للقول: توقفوا وأصغوا إلينا". تركيا وفي أنقرة، رأت الصحف التركية أن الرفض الهولندي هو"مسمار ثان في نعش"الدستور الأوروبي بعد الرفض الفرنسي. وعنونت صحيفة"ميلييت"الليبرالية في صفحتها الأولى"لا أوسع"، مبدية مخاوفها من انعكاسات هذا الرفض على الاتحاد الأوروبي، ومشيرة إلى"مفعول الدومينو"بعد الرفض الفرنسي للدستور. واعتبرت الصحيفة أن رفض المعاهدة الدستورية في البلدين سيؤدي إلى"إبطاء"المسيرة الأوروبية وهدر الوقت. ورأت صحيفة"اكاسام"ان الرفض الهولندي لن يؤثر في مفاوضات انضمام أنقرة إلى الاتحاد التي يتوقع أن تبدأ في الثالث من تشرين الأول أكتوبر المقبل. وعنونت الصحيفة على صفحتها الأولى:"فرنسا قتلته وهولندا دفنته"، في إشارة إلى الدستور الأوروبي.