على الطريقة اللاتينية وإيقاعات السامبا والتانغو ستكون المباراة النهائية أو"الحلم الأكبر لعشاق كرة القدم"بين البرازيلوالأرجنتين في كأس القارات في فرانكفورت مساء غد. الأرجنتين تخطت جارتها الشمالية العنيدة المكسيك بالفوز 6-5 مساء أول من أمس بعد ماراثون طويل في الدور نصف النهائي تحت قيادة إيطالية الحكم روبرتو روسيتي، واحتاج الفائز إلى ساعتين من كرة القدم و21 ركلة جزاء ترجيحية ليطلق العنان لأفراحه وتأهله. ولم يكن ممكناً لأي خبير أن يتوقع طريق المباراة أو الفريق الفائز في ظل أعلى قدر من التكافؤ والندية بين المنتخبين الكبيرين، ولولا تساهل الحكم في طرد كولوتشيني بعد مخالفة بالغة العنف في الشوط الثاني لمالت الكفة لمصلحة منتخب المكسيك منذ الدقيقة 96. الاحترام الكامل للفريق المنافس والالتزام التام بخطة اللعب، وواجبات المراكز والوفرة الهائلة في بذل الجهد من دون تقصير كانت الشعارات الرئيسة الثلاثة للمباراة، وارتفع مستوى الدفاع في الجانبين، ما جعل المباراة مغلقة والمساحات محدودة وفرص التسجيل غير ناضجة. وجاءت النهاية منطقية بالتعادل 1- 1 والحسم بركلات الترجيح 6-5. المدرب الأرجنتيني خوسيه بيكرمان وضع ثقته باللاعبين أصحاب الخبرة أمثال خافيير زانيتي وكامبياسو وسورين وكولوتشيني وريكيلمي، ومنح المدرب الأرجنتيني للمكسيك ريكاردو لافولبي الفرصة للنجم العائد من الاصابة مدافع برشلونة الاسباني رافاييل ماركيز للدخول في التشكيلة الأساسية، واختار له مكاناً جديداً أمام قلبي الدفاع وخلف ارتكاز الوسط ليشكل حائطاً أمام مهارات ريكيلمي وتحركات سافيولا وفيغيروا، واعتمد على مثلث هجومي من زينها ولوزانو وأمامهما بورغيتي، وأبقى فونسيكا خارج التشكيلة. الفريقان التزما بالضغط السريع ما قلل فرص بناء الهجمات ولم تظهر الخطورة إلا من التسديدات البعيدة أو الركلات الركنية، وتدخل الحارس الأرجنتيني جيرمان لوكس لإبعاد كرتين من زينها وباردو، وتألق المدافع المكسيكي بينيدا في إبعاد الكرة من على خط مرماه بعدما تخطت حارسه أوزفالدو سانشيز من تسديدة الذكي خوان سورين. ولم يستغل المكسيكيون تفوقهم الميداني في الشوط الأول لأنهم لم يدفعوا بالعدد المناسب من المهاجمين أمام الدفاع الارجنتيني المنظم، وتغير الحال في الشوط الثاني مع تقدم ريكيلمي خلف ماركيز ثم نزول بابلو ايمار في وسط الملعب، وأصبح الفريق الأبيض والسماوي - شعار الأرجنتين - الأفضل والأخطر واستدعى الحارس سانشيز للعمل غير مرة، وتدخل لإبعاد الكرة قبل سافيولا ثم تصدى لتسديدة ساقطة من ريكيلمي وكرة رأسية من كولوتشيني، وأفلت الأخير بعد 96 دقيقة من طرد مؤكد واكتفى الحكم بإنذاره بعد ضربة عنيفة لزينها، ووقف القائم الأرجنتيني مع الحارس لوكس وأعاد إلى الملعب أقوى وأجمل كرات المباراة من قدم زينها. وفجأة التهبت المباراة في الدقيقة الأخيرة عندما فقد سافيولا أعصابه واندفع بقوة نحو غونزالو بينيدا لضربه، ولم يتردد الإيطالي روسيتي في طرده في الدقيقة 90، وأصبح الموقف صعباً على الارجنتين في الوقت الإضافي مع نقص العدد ونفاد الجهد، ولكن المباراة لم تنته إلا بعد طرد رافاييل ماركيز في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع لحصوله على الإنذار الثاني لمخالفة عنيفة ضد بابلو إيمار. وجنحت ميول لاعبي الأرجنتين لإنهاء المباراة لمصلحتهم في الشوطين الإضافيين مع تحركات هجومية ممتازة للثنائي زانيتي وسورين على جانبي الملعب، وشكل تقدم زانيتي عبئاً على الدفاع المكسيكي، وتدخل الحارس سانشيز مرتين لإبعاد الكرة العرضية ثم إنقاذ كرة قبل فيغيروا. وعلى عكس سير اللعب جاء الهدف لمصلحة المكسيك في نهاية الشوط الأول، ونجح كارلوس سالسيدو في المرور من مدافعين، وراوغ هانيزي ببراعة واقتحم منطقة الجزاء وسدد بقوة صوب المرمى، واصطدمت كرته بالمدافع كولوتشيني وغيرت اتجاهها وارتفعت فوق الحارس لوكس وسقطت خلفه في المرمى، وازدانت المدرجات باللون الأخضر، وارتفعت قبعات جماهير المكسيك. لم يفقد لاعبو الأرجنتين الأمل في التعادل أو الثقة بالنفس وحافظوا على هدوئهم ونجحوا في تحقيق الهدف المنشود بعد 6 دقائق فقط، وبدأ زانيتي الهجمة كالعادة وارسل كرة عرضية أثارت دربكة في دفاع المكسيك المهزوز منذ طرد ماركيز، وعجز المدافعون عن تشتيت الكرة حتى خطفها فيغيروا وأودعها المرمى من بين قدمي سانشيز هدف التعادل، وهو الرابع له في البطولة ليتساوى في صدارة الهدافين مع الاسترالي جون الويزي، ولدى فيغيروا فرصة الانفراد باللقب إذا أحرز هدفاً ضد البرازيل في النهائي. لم يخفق أي لاعب من المنتخبين في التسجيل عبر الركلات العشرة الأولى، وسجل بيريس وباردو وبورغيتي ومالسيدو وبينيدا للمكسيك، ورد عليهم ريكيلمي ورود ريغز وإيمار وغاليتي وسورين للارجنتين، وفي الركلة السادسة تألق الحارس لوكس وانقذ تسديدة أوسوريو ومنح الفرصة لكامبياسو لإحراز النصر، ولم يفقد النجم المحترف في انترميلان الايطالي هدوءه واحتفظ بأعصابه وسجل الهدف المرتقب وضمن لفريقه مكاناً في النهائي، ولكن الأرجنتين ستفتقد بكل تأكيد لجهود مهاجمها الخطير خافيير سافيولا للايقاف، ويسعى المنتخب الأبيض السماوي لأول لقب عالمي له منذ 21 عاماً. ويلتقي المنتخب المكسيكي غداً مع نظيره الألماني في ليبزيغ على المركز الثالث، ولم يتعرض المكسيكيون لأي هزيمة في البطولة حتى الآن بينما خسرت ألمانيا أمام البرازيل 2-3. لافولبي ينتقد الحكم و"الفيفا" ... وبيكرمان غير راض أجل المدرب الارجنتيني للمكسيك ريكاردو لافولبي حديثه عن المباراة والجوانب الفنية الى النهاية، وبدأ بالنقد المباشر للحكم الايطالي روبرتو روسيتي والنظام العالمي لكرة القدم والاتحاد الدولي. وقال لافولبي بالحرف الواحد:"عندما وصلنا الى اللحظات الحاسمة في البطولة ارتفع صوت المال... وتحققت للاتحاد الدولي واللجنة المنظمة المباراة المنتظرة أو النهائي الحلم بين البرازيلوالارجنتين". بكل تأكيد الحكم والمدافع الارجنتيني كولوتشيني اساءا لكرة القدم في منتصف الشوط الثاني، والمخالفة التي ارتكبها اللاعب كانت مقصودة ومؤذية وتستحق الطرد المباشر، وقرار الحكم بانذاره كان مخففاً للغاية وغير مبرر في تلك الواقعة التي تزيد جداً عن قراره اللاحق بطرد سافيولا ثم ماركيز. وتساهل الحكم مع كولوتشيني يعكس الفارق الدائم والمتكرر من الحكام في التعامل مع الفرق الكبيرة، في مقابل القسوة والتطبيق الحازم للقانون ضد الفرق الصغيرة، وهذا هو الفارق الذي يمنح البطولات دائماً للكبار ويبقي الصغار بعيدين من الألقاب. ومنتخب المكسيك يحتاج أولاً لإثبات وجوده في البطولات والصعود الى مكان مرتفع وطويل المدى بين الكبار ليحصل بعدها على معاملة خاصة من الحكام والفيفا". وعن المباراة قال لافولبي:"جاءت جيدة ومتكافئة وتفوقت الخطط على المهارات، ولم نستغل الفرص التي لاحت لنا، ولم يحتفظ اللاعبون بهدوء الأعصاب بعد احراز الهدف". وقال المدرب الارجنتيني خوسيه بيكرمان:"بصراحة لم يقدم فريقي مباراة جيدة، والفوز يعكس الشخصية القوية للاعبين في الملعب، وهم صنعوا باقتدار الفارق لتحقيق الفوز، وكنا الفريق الأفضل في الشوط الثاني والوقت الاضافي، وأشيد بالروح العالية والأداء المنظم للاعبي المكسيك الذين كسبوا احترام الجميع. والنهائي ضد البرازيل سيكون خالداً بكل تأكيد، ولا يشكو لاعبو الفريق من الإرهاق لأنهم جميعاً محترفون ولديهم مخزون من اللياقة البدنية وطموحاتهم تعوض أي نقص".