منتخب البرازيل لكرة القدم هو الأقوى عالمياً في كل زمان ومكان، ولا يهمه أين يلعب أو ضد من يلعب أو في أي توقيت أو في غياب النجوم. البرازيل فازت مساء أول من أمس على الدولة المضيفة المانيا 3- 2 في ملعب فرانكين شتاديون في نورمبرغ أمام 43 ألف متفرج معظمهم من الالمان، في نصف نهائي كأس القارات، وتأهل البرازيليون الى المباراة النهائية للبطولة للمرة الثالثة بعد أن أحرزوا اللقب عام 1997 في السعودية، وخسروا النهائي عام 1999 في المكسيك أمام أصحاب الملعب، وخاضوا تلك البطولة بتشكيلة شابة. منتخب البرازيل لم يهتم بإقامة المباراة في المانيا ووسط جمهورها وبعد موسم طويل وشاق لكل اللاعبين، ولا بغياب النجوم رونالدو وروبرتو كارلوس وكافو وريفالدو، وحرم أبطال العالم منافسيهم من تحقيق رد الاعتبار لهزيمتهم صفر -2 في يوكوهاما قبل 3 أعوام في نهائي كأس العالم 2002، وبقي المنتخب الالماني للعام الرابع على التوالي عاجزاً عن الفوز على أي منتخب من العشرة الكبار عالمياً. الفوز البرازيلي كشف أهمية المهارات الفردية في عالم كرة القدم، وعن تفوق الفريق الذي يمتلك اللاعب الهداف الذي يعرف كيف يضع الكرة في الشباك من الفرصة أو نصف الفرصة، وهو الأمر الذي توافر لدى المهاجم القناص ادريانو الذي سجل الهدفين الأول والثالث وحصل على ركلة جزاء، وعلى الجانب الآخر، لم يكن للمهاجمين الألمان كيفين كوراتي ثم جيرالد اسامواه وهانكي أي خطورة على الحارس البرازيلي ديدا طوال اللقاء. ولم يستفد أصحاب الملعب ايضاً من تفوقهم الميداني واستحواذهم على الكرة بنسبة 53 في المئة في مقابل 47 في المئة للبرازيل، وهي المرة الاولى في البطولة التي يخسر فيها أبطال العالم الاستحواذ على الكرة أمام منافسيهم، ولكنهم لم يخسروا المباراة. شوط مثيرالتكافؤ كان واضحاً بين المنتخبين منذ البداية مع تحفظ كامل وغلق للمساحات وكثافة عددية في وسط الملعب، وضغط سريع على اللاعب المستحوذ على الكرة، ومرت الدقائق العشر الاولى مملة على الجماهير التي توقعت مباراة سلبية خالية من الأهداف في ظل أداء مغلق وتكدس حول الكرة. واعتمد باريرا في تشكيلته على الظهير الايمن مايكون بدلاً من سيسينهو في تغيير غريب، وأبقى تشكيلته الثابتة واسلوبه التقليدي 2-2-2-4، مع تحفظ كامل للثنائي ايمرسون وزي روبرتو في ارتكاز الوسط من دون أي تقدم أو مساندة للهجوم، ومنح حرية أكبر للظهيرين مايكون وغيلبرتو. واشرك كلينسمان النجم شنايدر في مركز الظهير الأيسر وركز على الثنائي ارنست وفرينغز لضمان العمق الدفاعي في وسط الملعب لمواجهة كاكا ورونالدينهو ولعب بطريقة 1-3-2-4، ووضع دايسلر وبالاك وبودولسكي في قاعدة المثلث الهجومي خلف المتقدم كوراني. البداية الحقيقية للمباراة كانت في الدقيقة العاشرة مع تسديدة من ركلة حرة لرونالدينهو بجوار القائم، ورد عليه شنايدر بتسديدة علت العارضة، وأحست الجماهير بالخطورة على الجانبين وتفاءلت بإمكان هز الشباك، وسرعان ما صدق حس الجميع وأمطرت السماء بالأهداف حتى وصلت الى أربعة في النصف الثاني من الشوط، وبدأها ادريانو من ركلة حرة من 30 ياردة بعد 21 دقيقة، واصطدمت كرته بدايسلر في الحائط البشري، وغيرت اتجاهها وتركت الحارس ليهمان بلا حول ولا قوة، ولم يفرح البرازيليون أكثر من دقيقتين وتحولت المدرجات الى أمواج من الأعلام البيضاء مع هدف التعادل برأس بودولسكي من ركلة ركنية أرسلها المتألق دايسلر، وتذكرت الجماهير على الفور اللعبة نفسها قبل 35 عاماً عندما حول الأسطورة البرازيلي بيليه برأسه كرة مماثلة بالقوة نفسها وفي الزاوية نفسها ضد انكلترا في ربع نهائي كأس العالم 1970 في المكسيك، ولكن الحارس الانكليزي غوردون بانكس تمكن بمعجزة من انقاذ مرماه وأبعد الكرة الى ركلة ركنية في انقاذ وصفه الخبراء بأنه الأفضل في تاريخ كرة القدم، وبالطبع لم يكن ديدا مثل بانكس واكتفى باحضار الكرة من الشباك. أصبح اللقاء بعد التعادل 1-1 مفتوحاً مع ميول هجومية أكثر للبرازيل، ومحاولات فردية لدايسلر لاعادة فريقه الى المباراة، وحصل ادريانو على ركلة جزاء بسبب اندفاع غير مبرر للمدافع الشاب روبرت هوث بعد 43 دقيقة، سجل منها رونالدينهو بكفاءة، وتقدمت البرازيل مجدداً 2 -1 وكالعادة لم تدم الفرحة طويلاً وفاجأ الحكم الشيلي كارلوس تشاندا الجميع باحتساب ركلة جزاء لالمانيا في الوقت المحتسب بدل الضائع، وجاءت خلال كرة مشتركة في منطقة الجزاء سقط على اثرها مايكل بالاك وبودولسكي اثر احتكاك مع روكي جونيور وايمرسون، ونفذ بالاك الركلة بنجاح واحرز هدفه الثالث في البطولة وكلها من ركلات جزاء لأصحاب الملعب. عاد الظهير البرازيلي سيسينهو الى تشكيلة فريقه بدلاً من مايكون في الشوط الثاني، ومنح عمقاً هجومياً مؤثراً في اليمين على رغم سيطرة المانيا غير الفعالة على الكرة، وفي منتصف الشوط جاء هدف الفوز والصعود من جهد فردي لادريانو، تخلص خلاله من رقيبه هوث ودخل منطقة الجزاء وسدد كرة أرضية بيسراه في شباك ليهمان. ولم يستفد الالمان من تغييراتهم ولا من اندفاعهم الهجومي لان هدوء وخبرة لاعبي البرازيل مكنهم من استيعاب الضغط العشوائي، ولاحت لأبطال العالم فرصتان للتعزيز من مجهود فردي للبارع روبينهو والظهير العصري سيسينهو. وانطلقت صافرة النهاية لتعلن للعالم صعود البرازيل، المنتخب الذي يمتلك دائماً الحلول لكل المواقف في كل الأوقات.