استيقظت الضنية باكراً، أمس، على وقع"معركة"الانتخابات النيابية التي دارت رحاها على اتساع هذا القضاء الشمالي الذي يضم 38 بلدة وقرية. ستة مرشحين تنافسوا على أصوات 48827 ناخباً موزعين على 98 قلم اقتراع. وعلى رغم ان عدد المقاعد المخصصة لهذا القضاء هو اثنان فقط، إلاّ ان الطابع السياسي للمعركة الانتخابية ألهب نار الحماسة في نفوس أهالي المنطقة الذين اندفعوا الى أقلام الاقتراع منذ الصباح حتى لامست نسبة الاقتراع عتبة ال45 في المئة عند الثالثة بعد الظهر. وعلى عكس الدورات الانتخابية السابقة، فإن الناخبين المسيحيين في القضاء، البالغ عددهم 10323 ناخباً نحو 21 في المئة من عدد السكان، بدوا معنيين مباشرة بالاقتراع، على رغم ان المقعدين المخصصين للضنية هما للطائفة السنية. "لا شك في أن عودة العماد ميشال عون من منفاه الباريسي الى لبنان، ومشاركته مباشرة في الانتخابات في مواجهة تيار"القوات اللبنانية"المتحالف مع"تيار المستقبل"، جعلنا ننخرط كمسيحيين بقوة في المعركة الانتخابية للمرة الأولى منذ العام 1972"، بحسب تعبير جورج داود من قرية حقل العزيمة المسيحية الأرثوذكسية التي يبلغ عدد ناخبيها 1163 ناخباً، والتي غصّت شوارعها، أمس، بأعلام"القوات اللبنانية"مع بعض الرايات البرتقالية التي ترمز الى"التيار العوني". لكن"المعركة الأساسية في الضنية، كانت تدور أمس في ثماني بلدات وقرى رئيسية يشكّل عدد ناخبيها نحو 35 في المئة من اجمالي عدد الناخبين في القضاء كله، وهي: بخعون، سير، السفيرة، كفرحبو، بقاعصفرين، بقرصونا، قرصيتا. ولعبت الماكينات الانتخابية المنظمة على الأرض دوراً رئيساً في اذكاء نار المعركة التي وصفها أقطابها بأنها"معركة نشر عظام، لا كسرها"بين اللائحتين الرئيسيتين:"لائحة الوحدة الوطنية"المعارضة النائب أحمد فتفت والدكتور قاسم عبدالعزيز المدعومة من تياري"المستقبل"و"القوات اللبنانية"، و"لائحة الإرادة الشعبية"النائب جهاد الصمد، والدكتور محمد الفاضل والمدعومة من التيار العوني وبعض الرموز التقليدية في المنطقة. ولم يتردد فتفت في وصف انتخابات أمس بپ"المعركة بين نهجين سياسيين، الأول يؤكد الوحدة الوطنية وبناء الدولة والمؤسسات وانهاء النظام الأمني. والثاني يعمل لابقاء الرموز القديمة، بما تمثل من فساد وإقطاع". في المقابل، ردّ الفاضل على فتفت قائلاً ان"الشعب وحده الذي يرجّح كفة الميزان لهذه الجهة أو تلك، عبر صناديق الاقتراع"، معتبراً ان"زيارة النائب المنتخب سعد الدين الحريري للمنطقة، خلال الأسبوع الفائت، غيّرت مزاج الناس باتجاه"لائحة الوحدة الوطنية"المنافسة لنا، وكنا نتمنى أن يبقى الحريري لجميع أهل الشمال، وليس لفئة من دون أخرى، خصوصاً ان الناس في هذه المنطقة يحترمون عائلة الحريري وعميدها الشهيد". ولم تخل"معركة"الضنية، أمس، من اتهامات متبادلة بين اللائحتين المتصارعتين، بدفع المال السياسي بشتى الطرق والوسائل والأشكال، بغية الضغط على الناخبين أو تغيير قناعاتهم في منطقة تبلغ فيها نسبة الأمية درجات عالية، خصوصاً في صفوف الذين تجاوزت أعمارهم عتبة الخمسين عاماً.