تختلف حرارة المشاعر التي أبداها ذوو المترجم العراقي حسين حنون الذي كان مخطوفاً واطلق سراحه اخيراً في بغداد ابتهاجاً بعودته بعد خمسة أشهر من الاسر عن تلك التي أبداها ذوو زميلته الصحافية الفرنسية فلورانس أوبنا. ولكن مع ذلك بدت الصورة التلفزيونية، مقارنة بين مشهد حنون في العراق ومشهد اوبنا في فرنسا أكثر انحيازاً وقرباً لحنون على رغم بساطة بيئته المنهكة بالحرب وعذابات أهلها المتشحين بالسواد. ثمة تعاطف يفرض نفسه مع حنون وزوجته وابنائه الأربعة الذين أجهشوا بكاءً حارا لم تستطع الكاميرات التخفيف منه. في المقابل يتحول الاحتفال باستقبال أوبنا نوعاً من الانبهار والدهشة بخروج رئيس في حجم جاك شيراك لاستقبال الصحافية العاملة في"ليبراسيون"! في هذه اللحظة تضيع التفاصيل التي يرويها المذيع عن معاناة أوبنا وكيف احتجزت والجهود الطويلة التي بذلت حتى إطلاقها، بل حتى مشاعر أمها وكلماتها الساحرة عن ابنتها.. كل ذلك يذهب هباء خلف الحدث الجديد والغريب على المشاهد العربي"المدهوش"بمرأى الرئيس شيراك وهو يتوسط عائلة أوبنا وأصدقاءها في أحد مطارات باريس. حدث لم نعتد نحن العرب صحافيين ومواطنين عليه في ظل تكريس خروج الرئيس لاستقبال الرؤساء والملوك فقط! التلفزيون بهذا النقل الفرنسي هدم صورة تقليدية جداً بل أقرب ل"التابو"الذي يصعب مسه في أذهان مشاهد متعب من السياسة والسياسيين، ولم يدفعنا هذا النقل الى التعاطف مع"أوبنا"قدر تعاطفنا مع حنون وأهله وقارع الطبل وحتى الجزار الذي نحر الخروف في احتفال تقليدي مألوف في بلاد العرب من المحيط الى الخليج. أيا كانت غاية الرئيس شيراك ووزير خارجيته فيليب دوست بلازي الذي سبقه الى قبرص لاصطحاب الصحافية الشقراء فإنهما قدما، كم كان قدم الرئيس الروماني لدى استقباله الصحافيين الرومان المحررين قبل أسابيع، صورة - نموذجاً لمهمة أخرى يقوم بها الرؤساء في الغرب، صورة ربما تجعل الصحافي يشتهي أن يخطف كما خطفت أوبنا!