إعلانات مساحيق التنظيف التي تعرضها وسائل الاعلام في لبنان خصوصاً تلك التي تبث على شاشات التلفزيون، تعاني من مشكلة في أسلوبها وطريقة صناعتها. فهي تخاطب"ستات"البيوت وربات المنازل وتحاول اقناعهن بضرورة استعمال مسحوق غسيل ما لأنه الأوفر والأفضل والاكثر قدرة على ازالة البقع والأوساخ. لكن ربات المنازل غير موجودات في هذه الاعلانات. المرأة الموجودة في اعلانات كهذه غالباً ما تكون امرأة لا يمكن تخيلها تقوم بعمل منزلي وعائلي لكي تكون مقنعة كربة منزل. هي غير مقنعة للمشاهدين عموماً وربات المنازل الحقيقيات خصوصاً، أولئك اللواتي يخاطبهن الاعلان ويمنح البطولة فيه لامرأة لا تشبههن!؟ والحال ان سيدة المنزل العادية ترى ان الاعلان موجود في مكان وهي موجودة في مكان آخر، لماذا؟ لأن من تحتل الاعلان امرأة شابة غالباً وجميلة غالباً وفي كامل أناقتها وماكياجها وتبدو وكأنها تستعد للذهاب الى سهرة او الى رحلة تسوق على الاقل! وهي، بالتأكيد، لا تمثل الصورة التي تعرفها سيدة المنزل عن نفسها وعن مثيلاتها. فهن عاديات واذا كنّ منهمكات في عمل منزلي كالشطف والغسيل والتنظيف، فإن منظرهن لا يكون مشابهاً لمنظر المرأة الجميلة والشابة والمتبرجة التي يشاهدونها في الاعلانات. هناك حالة خصام في هذه الاعلانات كما يرى بعض المحللين الاجتماعيين. وهؤلاء يفسرون الامر على النحو التالي:"إما ان المرأة الموجودة في الاعلان هي المعنية فعلياً بما يقوله الاعلان، وهذا يؤدي الى مشكلة اخرى تتمثل في ان امرأة كهذه غالباً ما تكون لديها خادمة سريلانكية او فيليبينية تقوم عادة بكل الاعمال المنزلية الشاقة، بينما تتفرغ المرأة لعملها الوظيفي خارج المنزل. وبعد ان ترتاح وتوجه الأوامر والتعليمات لخادمتها ي مكنها ان ترتدي ثياباً أنيقة وتتبرج وتستعد للخروج الى سهرة او زيارة او تسوق، أي ستكون صورتها في تلك اللحظة مطابقة لصورة المرأة في الاعلان. وهنا فقط يتأكد ان المخاطبة في الاعلان موجودة فعلاً فيه. لكن يترتب على صانعي الاعلان ان ينتبهوا الى المخاطب الحقيقي والفعلي وهو، في هذه الحالة، خادمة المنزل، وان يوجهوا لغة الإعلان إليها في شكل مباشر، فبدلاً من سيدتي استعملي هذا المسحوق مثلاً يمكن ان يقال:"سيدتي اجلبي لخادمتك المسحوق هذا فهو افضل..". أما التفسير الثاني، بحسب المحللين، فيكمن في ان بعض اصحاب منتجات التنظيف وغيرها من المنتجات، يرغبون في ان تمثل امرأة لا تشبه ربات المنازل العاديات في الاعلان. وذلك لاسباب مختلفة قد يكون أهمها الإعلان نفسه الذي هو صورة في النهاية وينبغي أن يكون كل ما في هذه الصورة جميلاً وبراقاً حتى لو أدى ذلك إلى مخالفة الواقع الفعلي. هناك إعلان لبناني واحد تتوافر فيه معظم شروط الواقع وهو الإعلان الخاص بمسحوق"yes"الذي قدمه"أبو فؤاد"قبل سنوات طويلة ولا يزال مستمراً بصيغ مختلفة. لكنه يحافظ على شيء أساس وهو ان المرأة التي في اعلانات هذا المسحوق تشبه الى حد ما ربة المنزل اللبنانية التي من المفترض ان يخاطبها الاعلان. انها امرأة عادية ولا توحي بأن لديها خادمة او أكثر، وهذا ما يعطي الاعلان قوة اقناع اضافية ويجعله متصالحاً مع نفسه ومع الواقع. لكن البعض قد يقول ان مسحوق"yes"هو واحد من المنظفات الرخيصة الثمن وهذا ما يفترض ان ربات المنازل المقبلات على شرائه هن من شرائح اجتماعية لا يسمح دخلها المادي المنخفض باقتناء خادمات !