من قال إن الأعمال المنزلية هي اشغال شاقة للمرأة؟ علماء الاجتماع يؤكدون ان نساء كثيرات يشعرن بسعادة أثناء تنظيف المنزل. وإذا بالغ البعض منهن ووصل بهن الأمر الى حد الهوس، أو أهملت اخريات عملهن المنزلي الى حد النفور منه، تبقى بين الفئتين غالبية عظمى تعمل في انتظام... ولكن من دون عناء التفكير في الموضوع. ويقول عالم الاجتماع الفرنسي جان كلود كوفمان ان حتى أكثر النساء تعلقاً بالعمل المنزلي لا بد من ان ينزعجن احياناً ويحاولن التهرب من مسؤولياتهن. و"كلما تأخرت المرأة في اتخاذ القرار والبدء بالعمل، فرحت بانجاز ما تحققه!". فعندما يرفض الجسد الحركة، باعتبار ان في استطاعة العمل الانتظار، تزداد الأوامر الصادرة من "العقل": "هيا! عليكِ اتمام العمل!". "مشكلة العمل المنزلي مشكلة كبيرة"، كما تشرح السيدة دلال.غ. وتضيف: "لا أحد يحبه لكنه في نظري واجب يجب اتمامه. من يستطيع ان يعيش في بيت وسخ وغير مرتب؟ المرأة التي تعمل يومياً وفي انتظام لا بد من ان يظل بيتها نظيفاً ولا يتطلب العمل اليومي فيه أكثر من ثلاث ساعات على الأكثر، بما في ذلك اعداد الطعام. هذه قاعدة علمتها لبناتي الثلاث. ومع انهن يعملن خارج المنزل، ينجزن عملهن المنزلي على أتم وجه. لكل منهن مزايا: احداهن سريعة مثلاً، والثانية نظيفة لكنها دقيقة جداً، أما الثالثة فمنظمة و"ست بيت" على الأصول من كل النواحي، خصوصاً في الطبخ واعداد الحلويات الخ...". ملذات ويؤكد كوفمان ان "الصف" او الترتيب يأتي في رأس قائمة "ملذات" العمل المنزلي. فعندما يعلق نظر المرأة على خزائن او ثياب غير مرتبة تشعر بانزعاج نفسي داخلي، أو عندما تتغير وضعية الاشياء التي تعودتها، يكون الأمر كأنها اضاعت نقاط ارتكازها. لذا تهرع الى الترتيب. وستشعر بعدها بفارق كبير. فعندما تعيد المرأة ترتيب الاشياء في امكنتها، تكون وبطريقة غير مباشرة تنسق الأفكار والهموم التي تزعجها. لذا بعد هذا العمل، غالباً ما تشعر النساء براحة داخلية كبيرة. "منذ صغري وأنا احب العمل في المنزل"، كما تقول السيدة يولا أ. وتضيف: "كنت اساعد أمي بطيبة خاطر بعكس شقيقاتي. وهذه اللذة رافقتني الى اليوم، على رغم انني تخصصت وعملت خارج المنزل، ولكن عندما تزوجت توقفت عن العمل وانصرفت الى واجباتي المنزلية، أحياناً اشعر بالنفور مثل كل امرأة، وهذا طبيعي، لكنني اشعر براحة كبيرة عندما ارى بيتي مرتباً وابنتي نظيفة... ولكن ما لم استوعبه حتى اليوم هو الطبخ فالطبخ ليس دعوتي!". ثم ان كل ربة منزل فريدة في رد فعلها على عملها المنزلي، خصوصاً اذا اختلط بروائح ومواد وأحاسيس... فمتعة العمل تختلف مثلاً بين النساء اللواتي يحببن كي الثياب او اللواتي يعشقن غسل الخضار والفواكه وتنظيفها. فالفئة الأولى تؤكد انها تحب اللمس الحسي لثياب افراد العائلة: فمجرد كي قمصان الزوج او طي قمصان الأولاد يجعل المرأة تشعر انها قريبة من هؤلاء، وكأنها تحاكي خيال الشخص المعني. أما الفئة الثانية فتعتريها أحاسيس مباشرة حيال انواع الخضار أو الفواكه... كأن تقدر احداهن استدارة رأس البطاطا، أو شكل اخرى، أو لون تفاحة... الخ! حيل ممتعة ولعل اجمل ما في العمل المنزلي الحيل التي تلجأ اليها المرأة لتجعله ممتعاً حقاً: كم هو جميل ان ترى احداهن تغني وهي تزيل الغبار عن الاثاث، واخرى تشاهد التلفاز وهي تكوي الغسيل... والغالبية تحلم وهي تقوم بأي عمل. ويقول كوفمان ان "تنظيف البيت يظهر المرأة كأنها تؤدي دوراً سينمائياً، باتمام حركات معادة ومكررة تفرغ المرأة رأسها فيكون من السهل بعدها أن يجمح بها الخيال الى اقصى الحدود". ولعل اغرب موقف يوحد غالبية ربات المنازل، رفضهن الاستعانة بخادمة. والسبب في نظر كوفمان ان "غالبية النساء تجد ان عمل الخادمة غير جيد لأن الأخيرة امرأة مثلها في النهاية، ولا بد من ان تنظف وترتب على ذوقها. وحتى اذا قبلت المرأة بأن تختلف طريقة الخادمة في العمل عن طريقتها، لا بد من ان يكون الأمر ممتازاً وخالياً من العيوب". وهنا أيضاً فإن نظرة المرأة ستكون شخصية جداً... وستطلب المستحيل! لذا وباختصار، من الأفضل ان تتمم المرأة عملها الخاص. ولكن، وإن كان العمل المنزلي لذة كما يشير البعض، فإن دراسات فرنسية ويابانية أظهرت ان ربة المنزل تقوم بجهد كبير في التنظيف والغسيل والطبخ والكي الخ.... واذا تم احتساب الساعات التي تعملها، تستحق ما لا يقل عن الف دولار أميركي شهرياً. لذا،... والكلام هنا موجه للأزواج!