القارئ عثمان مصطفى فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية ويقول انه أقام في المملكة العربية السعودية فترة قصيرة، ولم تتكون عنده أي سلبيات عن البلاد أو المواطنين، وانما أقام علاقات ممتازة. القارئ كان يعلق على نقدي كتاب جيرالد بوزنر"أسرار المملكة"، وهو قال انه لن يقرأ الكتاب لأنه بالتأكيد كذب وحقد كله. وأضاف ان تهجم المؤلف على السعودية شهادة بحقها،"واذا اتتك مذمتي من ناقص/ فهي الشهادة لي بأني كامل". وكنت قلت في عرضي الكتاب انني لست في سبيل الدفاع عن المملكة العربية السعودية، ولست محامي دفاع لأحد، ولكن أكتب منتقداً الطرف الآخر، أخطاء وكذباً وخيالاً مريضاً. وقال الأخ عثمان إن الدفاع عن السعودية ليس تهمة فالأعداء يتهمونها باحتضان الارهاب ليخدموا اسرائيل، ولا بد من الرد عليهم. أشكر الأخ مصطفى وأكمل مع نمير البرج أو البرق في رسالة الكترونية مماثلة، وبالانكليزية، وأشكره أيضاً على رأيه، وهو يسجل انني رددت على بوزنر بكشف"أسرار"عن المملكة العربية السعودية يجدها مهمة. كل ما أردت هو كتابة الحقيقة، من الناحية السياسية العامة، الى الناحية الشخصية بعد حديث بوزنر عن أصدقاء أعزاء، منهم من توفي ولا يستطيع الدفاع عن نفسه. وطبعاً وبعد العمل في هذه المهنة عقوداً فهناك معلومات غير منشورة، وبعضها لا يزال حتى اليوم يصلح للنشر في"مانشيت"، ولكن ما كل ما يعلم يقال. وعاد اليّ الصديق أيمن الدالاتي بموضوع أثير عنده هو بعض الزملاء السائرين في الركب الأميركي، والاعلام الأسود المرافق. وهو يخشى عليّ ويسأل الى متى أستطيع السير وحدي. وأشكره على اهتمامه وأقول انني وقد أقمت في لندن قدر ما أقمت في بيروت أصبحت ديموقراطياً، وأقبل ترديد الرأي الآخر وأنا لا أوافق عليه. الأخ أيمن يتحدث عن"كتّاب التأمرك ورهبان التثبيط"وهم موجودون فعلاً، بعضهم عن قناعة فكرية وهذا حقه حتى ونحن نختلف معه، وبعضهم عمالة وتعاملاً، فالواحد من هؤلاء، يأمل بأن يكون له دور اذا قلب الأميركيون النظام في بلده. انتقل الى القارئ هيثم الذي لم أستطع فك رموز اسمه الثاني، كما ورد في رسالة الكترونية أخرى وبالانكليزية، وهو يشاركني الخجل من سوء معاملة الخدم، خصوصاً من الشرق الأقصى في بلادنا. كنت أشرت الى الموضوع بعد اتهام وزارة الخارجية الأميركية أربع دول عربية في الخليج"بالاتجار بالبشر"، وهي عبارة فهمها بعض على أنها تتحدث عن رقيق جديد، مع ان المقصود اساءة معاملة العمالة الوافدة، وكأنها رقيق. لا يجوز أن ننفي تهمة لمجرد انها صادرة عن الادارة الأميركية، فاساءة معاملة الخدم، خصوصاً الخادمات من بلدان معروفة في الشرق الأقصى، وفي حين أن أكثرنا يعاملهن بإنسانية فإن اساءات القلة تدين الجميع، لذلك كان واجباً عدم التساهل مع أي أسرة عربية يثبت اعتداؤها على خادمة هي من البؤس ان تسمع أخبار ما حدث لبعض الخدم في بلادنا، ومع ذلك تجازف بالمجيء الينا لتنجو من بؤس أكبر. القارئ وليد ابراهيم، من الكويت، يقدم دفاعاً نادراً عن الأميركيين ويسأل لماذا الهجوم المتواصل عليهم. وأريد قبل أن أكمل أن أسجل ان الهجوم هو على السياسة الخارجية الأميركية في بلادنا، مما يعني انه محدود جداً، فهو ليس على السياسة الأميركية كلها، وليس على الأميركيين كشعب، وليس على موقف الادارة الأميركية من البيئة أو الصادرات الى أوروبا أو الواردات من الصين أو اليابان. لذلك أرجو من الأخ خالد أن يرى الأمر بمحدوديته، فالولايات المتحدة دولة عظمى وديموقراطية كبرى، ولا يجوز للعربي أن"يتفلسف"عليها من دون أن يرى"الهباب"الذي هو فيه. أخالف بعد ذلك الأخ خالد في انكاره أن يكون الأميركيون"سرقوا العراق". الواقع ان الأميركيين سرقوا أنفسهم مع العراق، وهناك 8.8 بليون دولار خصصت من الأموال الأميركية لمساعدة العراق وضاعت كما أكد تقرير كبير مدققي الحسابات في الحكومة الأميركية، أي ان جهة رسمية اميركية تقول هذا لا أنا أو القارئ. وثمة شفافية كبيرة في عمل الحكومة الأميركية لذلك فقد نشرت تقارير رسمية عدة تؤكد السرقات والهدر والفساد. ويكفي أن انتاج النفط العراقي لا يخضع لعدادات على الآبار، مما يعني ان نصدق أي رقم نسمعه عن حجم الانتاج. المهم من كل هذا، وما يطالني شخصياً، أنني لا أنشر معلومة في هذا المجال الا اذا كان مصدرها أميركي رسمي. لذلك أرجو الأخ خالد أن يقبل ما أنشر على مسؤوليتي الشخصية، وأن يلاحظ انني لا أنشر من دون تسجيل المصدر الأميركي. وبما انني تلقيت مزيداً من الرسائل يطالبني بمزيد من المقالات الخفيفة، فإنني أزيد للأخ خالد وغيره قصة خفيفة من وحي الجدل السابق عن سرقة العراق. يحكى ان توم وديك وهاري هؤلاء عند الأميركيين يعادلون زعيط وجعيط ونطاط الحيط عند المصريين تقدموا بعطاءات في مناقصة للفوز بمقاولة حكومية. وقال توم لرئيس هيئة العقود الحكومية ان المهمة تكلف ثلاثة آلاف دولار، منها ألف له، وألف للعمال، وألف للمواد. وقال ديك ان المهمة تكلف ستة آلاف دولار، منها ألفان له، وألفان للعمال، وألفان للمواد. وقال هاري ان المهمة تكلف تسعة آلاف دولار، ثلاثة لي، وثلاثة لك، وثلاثة للمهمة نفسها. هاري فاز بالمناقصة، واذا كان هذا يحدث عندهم، فالقارئ يمكن أن يتصور ما يحدث عندنا. السرقة الحقيقية ليست ان تسرق من مصرف بل أن تؤسس مصرفاً، وليست ان تلاحق الحكومة اللصوص بل ان تجد من يلاحق سرقاتها، وهذه أنواع اختتم بأبسط نوع منها، فقد كان رجل يسير في حديقة عامة عندما صرخ فزعاً وركض الى أقرب شرطي رآه، واقسم انه رأى تمثالاً يتحرك. وابتسم الشرطي وقال: هذا ليس تمثالاً، بل عامل بلدية.