اذا كان بريد القراء يمثل استطلاعاً عفوياً لرأي القراء، فإن بريدي في الأسبوعين الأخيرين يعكس اهتماماً بالوضع العراقي وانعكاسات التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري على سورية ولبنان، ثم الوضع الفلسطيني الذي لا يخرج يوماً من دائرة الاهتمام. القراء مقسومون بالنسبة الى العراق وسورية ولبنان وكل موضوع آخر، وأبدأ اليوم بالعراق، قبل أن أكمل غداً بغيره. كنت كتبت عن الفساد في العراق وتلقيت من المكتب الاعلامي لوزارة النفط العراقية رسالة تعلق على كيفية تعاطي الوزير الدكتور ابراهيم بحر العلوم مع مسؤولياته في الوزارة. الرسالة تشير الى ان الوزير شرح بإسهاب ملامح الخلاف مع الحاكم المدني الأميركي السابق بول بريمر من خلال لقاء مع"الحياة"في حزيران يونيو من العام الماضي، كما تحدث الى صحف أخرى. وتضيف الرسالة:"في ما يتعلق بإشارتكم الى عدم وجود عدادات لقياس كميات النفط المصدرة عبر الموانئ العراقية نود اعلامكم بوجود مثل هذه العدادات في الموانئ الشمالية عبر مرفأ جيهان التركي، وهي تعمل في شكل جيد لتوثيق الكميات المصدرة من النفط العراقي، فيما العدادات الموجودة في الموانئ الجنوبية عاطلة من العمل منذ فترة ليست قصيرة لذلك آثرنا اعتماد طريقة"الذرعة"وسيلة بديلة يتم من خلالها قياس الكميات المصدرة من النفط الخام. "ولعدم قناعتنا بهذه الطريقة باعتبارها ليست المثلى طرحنا مناقصات عالمية من أجل إصلاح العدادات العاطلة أو استبدال غيرها بها، ومع الأسف لم تستجب أي من الشركات المؤهلة بسبب الظروف الأمنية. "كما أجرينا سلسلة اتصالات مع شركات عالمية في كل من بريطانيا وكندا، وأبرمنا مع بعضها مذكرات تفاهم كان أحد أبرز بنودها تقديم الاستشارات الخاصة بتقويم نظام القياس والمعايرة في القطاع النفطي، وقد انخرط عدد كبير من كوادرنا العراقية في دورات تدريب لاستيعاب هذه النظم. "ان استراتيجية وزارة النفط عقب سقوط النظام السابق بنيت على أساس التعامل مع الشركات العالمية الكبرى، وكانت وزارتنا الأولى بين الوزارات العراقية التي أصدرت تقريراً مفصلاً عن الشفافية في أداء القطاع النفطي". وفي حين أشكر الدكتور بحر العلوم على اهتمامه بما أكتب، وأشكر الوزارة على ايضاح عملها، فإنني أزيد ايضاحاً من عندي، وهو ان المادة التي أتوكأ عليها في الكتابة أميركية خالصة، وأكثرها رسمي من نوع تقرير مدقق الحسابات الحكومي، وكنت تأخرت في نشر رسالة وزارة النفط العراقية، فتبعها بأسبوع تقرير شامل لمنظمة الشفافية الدولية عن الفساد حول العالم، وفيه ان العراق أكثر الدول فساداً في الشرق الأوسط، أي في العالم. هذا لا يعني اتهام وزارة النفط أو الوزير، فالتهمة عامة، وتقول ان 140 بليون دولار من الأموال الرسمية تنفق في العراق الآن، وقد سرقت بلايين منها، والفساد مستمر. ولا بد ان الدكتور بحر العلوم تلقى التقرير مثلي وقرأه، ففيه فصل عن العراق. ما أشدد عليه هنا هو ان التهمة عامة، ولعل انحسار الارهاب سيجعل مكافحة الفساد أسهل. البريد عن العراق يضم كل رأي ممكن أو موقف وبعض غير الممكن، واستغرب كثيراً انه بعد كل المصائب التي ضربت العراق بسبب حكم صدام حسين لا يزال هناك من يدافع عنه. ولن انشر شيئاً من هذا الدفاع، ولكن أقول ان الرسائل البذيئة المقذعة غالباً ما تكون من أنصار الرئيس العراقي السابق، ويبدو ان أنصاره مثله أخلاقاً. وتلقيت رسالة الكترونية من الدكتور أبو العلاء يقول فيها:"انت لا تكره صدام حسين ولا تكره البعث بدليل الاجرام الذي حصل في العراق... فلماذا لا تستنكر ذلك وأين ادانتك الارهاب؟...". استنكر الارهاب وأسميه ارهاباً وأدينه، مع انني اعترف بأنني لا أكره أحداً، لأن الكره يقتل صاحبه. غير ان رسالة القارئ أقنعتني بأن اكتفي اليوم بآراء القراء، وبما يعكس آراء الناس، ففي حين ان الدكتور أبو العلاء انتقد عدم ادانتي الارهاب، كان هناك من انتقد وصفي المقاومة في العراق بالارهاب وادانتها. القارئ عبدالله سعيد الزايدي من المملكة العربية السعودية وقف موقفاً وسطاً فقال انه يوجد ارهاب في العراق وتوجد مقاومة، ثم ذكرني بقولي قبل الحرب أن أي نظام يخلف صدام لن يكون أسوأ منه، والقارئ يشعر بأن الوضع الحالي أسوأ. واتفق مع القارئ في الرأي، وكنت قلت ان الوضع الأسوأ الوحيد هو حرب أهلية، وأخشى أننا على أبوابها. القارئ م. سالم يورد ما يعتبر انه"حوادث مثبة"عن مصدر الارهاب، مثل ضبط جنديين بريطانيين في ملابس عربية ومعهما أحزمة المتفجرات، ويزيد انني ذكرت الارهاب ولم أذكر المقاومة ويرى"ان هناك مؤامرات لتشويه سمعة المقاومة مما يفضح ان كلامي مسيّس...". ربما كانت هناك مقاومة في بدء الاحتلال، غير انها تراجعت وخلفها ارهاب مجنون يقتل الأبرياء. القارئ فاضل رشاد شيعي عراقي رحب بسقوط صدام، الا انه ينتقد الآن الجماعات التي دخلت مع الاحتلال ونشرت الفساد، ويضيف ان أهل النجف نفسها يتمنون لو يعود صدام حسين ليرتاحوا منهم. وأختتم برسائل عدة موضوعها"علي"أو ذلك المخبر الذي جعل منه عضو الكونغرس الأميركي كيرت ويلدون بطل كتابه"العد العكسي للارهاب"وكأنه يعرف كل ما في ايران وحولها. وقارن قراء بين"علي الايراني"وپ"أحمد العراقي"، والقارئة منى عمارنه عكست رأي القراء بقولها انه لا يجوز قبول رواية النائب ويلدون"ونحن لسنا في صدد رؤية الدماء تراق من جديد في بلد آخر من أجل استمرار الهيمنة الأميركية". القارئة قالت هذا الكلام، ولم أقله أنا. وأكمل غداً.