تبدي الأوساط الديبلوماسية الخليجية تفاؤلها بقرب انتهاء مفاوضات التبادل التجاري الحر مع الاتحاد الأوروبي وتوقيع الاتفاق قبل نهاية العام الجاري. وقال رئيس بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية السفير حمد أحمد عبدالعزيز العامر إن الجولة التفاوضية العشرين التي أجراها الجانبان في الأيام الماضية في بروكسيل"كانت ناجحة". وأوضح أن غالبية المواضيع السياسية أنجزت"وتم الاتفاق حول مجمل القضايا تقريباً"، فيما تواصل اللجان القطاعية المصغرة مفاوضاتها في قطاعات متعددة منها الخدمات والسلع والمشتريات الحكومية. ويتوقع أن تستكمل اللجان اجتماعاتها في غضون شهر تموز يوليو المقبل على أن تليها جولة تفاوضية أخرى. ويعد قطاع الخدمات أحد اكبر الملفات المطروحة بينما سيتم إنهاء حسم مفاوضات"تسوية المنازعات"عبر تبادل المذكرات بعد أن أشرفت المفاوضات على نهايتها. ويأمل الجانب الخليجي بأن يكون اختتام المفاوضات بمثابة نهاية مرحلة تميزت فيها العلاقات التجارية بين الجانبين، إلى حد الآن، بانعدام التكافؤ بينهما. وقد تفتح نهاية المفاوضات"مرحلة جديدة تكون منصفة للجانب الخليجي"لأن تحرير المبادلات التجارية سيمكّن من"تصحيح"اختلال الميزان التجاري. وتستورد البلدان الأوروبية بقيمة 17 بليون دولار من دول مجلس التعاون الخليجي في مقابل 34 بليوناً قيمة صادراتها نحو السوق الخليجية. وتراهن الدول الخليجية على إنجاز اتفاق التبادل الحر لزيادة صادراتها من منتجات البترول والبتروكيماويات والألومنيوم والأسماك، نحو السوق الأوروبية. وسيتم التحرير بعد توقيع الاتفاق عبر مراحل تدريجية لتفادي عمليات إغراق السوق. ويستند المفاوضون من الجانبين، الأوروبي والخليجي، إلى توصية المجلس الوزاري المشترك، الذي عقد في البحرين في مطلع شهر نيسان أبريل 2005، بضرورة حسم القضايا العالقة واستكمال المفاوضات قبل نهاية العام الجاري. أطول مفاوضات في تاريخ الاتحاد وتعد المفاوضات الخليجية الأوروبية أطول مفاوضات يجريها الاتحاد الأوروبي مع تكتل إقليمي خارجي. وكانت المفاوضات انطلقت في خريف عام 1990، على اثر الاحتلال العراقي للكويت. ويرتبط الجانبان باتفاق للتعاون الاقتصادي منذ 1988 نص على فتح آفاق التبادل التجاري الحر. إلا أن عمليات التفاوض تعثرت فترة طويلة، في التسعينات، جراء ضغط اللوبي البتروكيماوي الأوروبي على المفوضية والبرلمان الأوروبي من أجل تعطيل إبرام اتفاق التبادل التجاري الحر بذريعة امتلاك المنتجات الصناعية الخليجية قوة تنافسية تفوق قدرات نظيراتها في السوق الأوروبية. وظلت وتيرة التفاوض بطيئة خلال الفترة التي سبقت إبرام الاتحاد الجمركي الخليجي. منظمة التجارة العالمية ويبقى الآن عنصر عدم انضمام المملكة العربية السعودية بعد إلى منظمة التجارة العالمية. ويقول ديبلوماسي خليجي إن"الوضع تغير في الأعوام الأخيرة على الصعيدين المحلي والدولي بفعل التغيرات الجيوسياسية التي ترتبت، في المنطقة، عن احتلال العراق، وتوسع اتجاهات تحرير التجارة العالمية". وأنجزت دول الخليج العربية الاتحاد الجمركي فيما تقارب السعودية دخول منظمة التجارة العالمية. كما ساعد اتجاه دول مجلس التعاون الخليجي، في الأعوام الأخيرة، نحو إبرام اتفاقات للتبادل التجاري الحر مع كل من الصين والهند وغيرها، على دفع الجانب الأوروبي نحو الرغبة في حسم مفاوضات تحرير التجارة. وستتركز المفاوضات في الجولات المتبقية حول قطاعات الخدمات والسلع وبعض المشكلات العالقة منها"مشكلة ازدواجية أسعار الغاز في المملكة العربية السعودية إن تشكو المؤسسات الأوروبية من أن المؤسسات الصناعية السعودية تحظى بامتيازات رخص أسعار الطاقة".پ وتمتلك صادرات دول الخليج العربية قدرة تنافسية مميزه في قطاعات البتروكيماويات والألومنيوم والبترول. ولا يستطيع المفاوضون الخليجيون والأوروبيون حسم كل الملفات قبل موعد التوقيع على الاتفاق، احتمالا في نهاية العام الجاري. وهو شأن الكثير من الاتفاقات التي أبرمت بين الاتحاد والبلدان الأخرى، مثل بلدان"مسيرة برشلونة". فتقيم كل من دول الشراكة الأوروبية المتوسطية علاقات تعاقدية مع الاتحاد الأوروبي وتواصل في الوقت نفسه التفاوض معه في مسائل قطاعية مثل الخدمات والمنتجات الزراعية. وقال رئيس بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في بروكسيل إن"موضوع الازدواج السعري لا يمنع التوقيع على الاتفاق بالأحرف الأولى لأن اتفاقات كثيرة وقعها الاتحاد الأوروبي مع أطراف أخرى واستمر في التفاوض معها في العديد من السلع الأخرى". ويمثل العنصر الزمني عنصر ضغط ضد الجانب الخليجي لأن ارتباطاته الدولية قد تحد من قدرته المادية والبشرية. ويعد الجانب الخليجي، في الفترة الجارية، لإجراء مباحثات اقتصادية وتجارية مع كل من الصين وباكستان وتركيا. ويمثل تغير مناخ الاقتصاد العالمي وبشكل خاص السوق العالمية للطاقة حافزاً لتشجيع تقارب وجهات النظر بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي. ويلاحظ رئيس بعثة دولة الكويت لدى الاتحاد الأوروبي عبدالعزيز الشارخ"وجود رغبة لدى الاتحاد الأوروبي من أجل إنهاء مفاوضات التبادل التجاري الحر مع الجانب الخليجي من ناحية وانفتاحه من ناحية أخرى على منظمة البلدان المصدرة للنفط اوبك". وقال السفير الكويتي إن الجانب الأوروبي"اطلع خلال الاجتماع الوزاري الأول مع منظمة اوبك على الجهود والاستثمارات الهائلة التي توظفها البلدان المنتجة والمصدرة للنفط، منها دول الخليج العربية، من أجل الاستجابة لاحتياجات السوق العالمية وتأمين استقرارها".