لا يمكن أن تكون هناك بداية لكاتب في صحيفة مرموقة كپ"الحياة"أسوأ من كتابته عن حذاء... ولكن سوء حظي شاء أن يصرّ الأخ وليد الجيزاني لاعب الأهلي على ارتداء حذاء باللونين الأصفر والأسود، وهما لونا الاتحاد غريم الأهلي اللودود، وبالطبع كان الحذاء مناسبة للصافرات الاتحادية المستهجنة حيناً والغاضبة أحياناً، لاعتقاد أصحابها أنه يحاول الإساءة إليها من حيث يدري أو لا يدري. وبما أن وليد من النوع العنيد، لهذا فهو يصر على ارتداء الحذاء طالما أنه لا يوجد قانون يمنعه من ذلك، مع تأكيده محبته واحترامه لنادي الاتحاد وجماهيره. ولكن المثل الشامي يقول:"القصة مش رمانة القصة قلوب مليانة"فالأهلي تأهل إلى نصف نهائي بطولة الأمير فيصل حتى قبل أن يلعب مباراته الأخيرة مع الحزم، والاتحاد سقط بالثلاثة أمام الاتفاق، وهو الذي جربها من قبل بالأربعة، وهذا كثير على جماهير الاتحاد لهذا تجدها"تتفشش"في أي شيء حتى ولو كان حذاء الجيزاني. والموضوع ليس مزاحاً، فأنا كإعلامي أظهر على شاشة تلفزيون عربية أحرص كل الحرص على مسألة الألوان التي أرتديها، لأنها لن تمر مرور الكرام لدى الكثيرين من عشاق هذا النادي أو ذاك أو هذه الدولة أو تلك... وحتى لا أوسم بمحبة ناد معين أو التبعية له، بالعاطفة حيناً أو بالتحيز أحياناً، أحاول أن أمشي تحت الحيط وأسأل الله الستر، فإن لعب الهلال مع النصر تجنبت اللونين الأصفر والأزرق حتى لا يقال إني هلالي أو نصراوي، وعادة ما يكون خياري البني أو الأسود، وأحمد الله أنه لا يوجد بين الأندية العربية التي أعرفها من يرتدي الأسود أو البني. مشكلة أخرى يواجهها الإعلاميون العرب على وجه الخصوص، هي أنهم نوعان، نوع يفاخر بالإعلان عن هوية النادي الذي يشجعه، وبالتالي يقف معه حتى النهاية مصيباً كان أم مخطئاً، ونوع يتجنب أية إشارة إلى اسمه درءاً للإحراج أو المشاكسة وحفاظاً على الحياد الظاهري. شخصياً لا أجد حرجاً في أن يفصح الإعلامي أو السياسي عن اسم النادي الذي يحبه ويتابعه، طالما أن هذا من أبسط حقوقه التي لا تتنافى مع واجباته السياسية أو القيادية أو المهنية، شريطة أن يحكم بالعدل بين الجميع، وأذكر أن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير يجاهر بحبه لنيوكاسل شاء من شاء وأبى من أبى، ولكن الكلام عن بريطانيا وليس عنا كعرب، فنحن للأسف لا نتقبل الآخر ولا نستسيغه، ولا نتقبل النقد ولا نحبه، وأذكر أنني في إحدى المرات لم أرشح منتخباً خليجياً للمنافسة على بطاقة التأهل إلى نهائيات كأس العالم لوجود هوامير آنذاك مثل اليابان وكوريا والسعودية وإيران، فكتبوا عني أنني حاقد وموتور وأفهم في الرياضة قدر فهمهم في اللغة الهيروغليفية. قد يكون كلامهم صحيحاً، ولكن من هو القادر في مجتمعنا على فرز الأشخاص وتصنيفهم؟ وهل نصنف الناس بحسب ثقافاتهم وفهمهم وعطائهم أم بحسب ولائهم وانتماءاتهم وألوان ألبستهم وأنديتهم؟! يوم نصل إلى إجابة موضوعية عن هذا السؤال سنتوقف عن الحديث عن الأحذية.