تشهد الساحة اللبنانية اليوم حدثين سياسيين هما الأبرز منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واستكمال الانسحاب العسكري السوري الشامل من لبنان. ويتمثل الأول بعودة العماد ميشال عون زعيم"التيار الوطني الحر"من منفاه الباريسي بعد ان أمضى فيه حوالى 14 عاماً، بينما يتعلق الثاني بتقرير مصير قانون الانتخاب الذي ستجري على اساسه الانتخابات النيابية في موعدها بدءاً من دورتها الاولى في بيروت في 29 أيار مايو المقبل. راجع ص 4 و5 وعشية عودة عون هز انفجار مركز"امواج"التجاري القريب من ساحة جونيه على طريق مستشفى سيدة لبنان، وذكرت معلومات اولية ان ستة اشخاص اصيبوا بجروح، وهرعت سيارات الاسعاف الى المكان. واتخذت امس كل الترتيبات لعودة عون من باريس على متن طائرة مستأجرة من شركة طيران الشرق الاوسط ميدل ايست. وسيقام له احتفال عائلي في أرض المطار وآخر شعبي على طول الطريق الممتدة منه الى ضريح الرئيس الحريري في ساحة الشهداء مروراً بالنصب التذكاري للجندي المجهول في منطقة المتحف. الاحتفال الشعبي والعائلي لن يخفي الابعاد السياسية لعودة"الجنرال"خصوصاً في ظل المرحلة الراهنة التي تعتبر الاهم في تاريخ لبنان الحديث وفي ضوء قراره خوض الانتخابات من خلال"التيار الوطني الحر"الذي يتزعمه ويحظى بحضور لافت في عدد من المناطق اللبنانية وتحديداً في الجبل. وعلى صعيد آخر، يعقد مجلس النواب جلسته التشريعية اليوم في محاولة للتوصل الى تسوية حول قانون الانتخاب الجديد في ظل تمسك المعارضة، وخصوصاً"لقاء القرنة"فيها بالقضاء دائرة انتخابية، في مقابل مساندة القوى الموالية، وخصوصاً الرئيس نبيه بري و"حزب الله"لقانون العام 2000 الذي يجمع بين الدوائر الكبرى في الجنوب والشمال، والوسطى والأقضية في البقاع وبيروت وجبل لبنان. وقد جرت محاولة ما زالت قائمة، وقادها بالدرجة الاولى بري بالتعاون مع رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط و"حزب الله"وسعد الدين رفيق الحريري بهدف التوصل الى تسوية تجمع بين القضاء دائرة انتخابية وقانون العام 2000. وتقوم التسوية على اعتماد القضاء في كل المحافظات باستثناء الجنوب المقسم الى دائرتين انتخابيتين، لكن"لقاء القرنة"مصر على موقفه باعتماد القضاء دائرة انتخابية بذريعة انه مضطر لمراعاة قاعدته الانتخابية انسجاماً مع موقف البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير الذي كان اول من دعا الى قانون الدوائر الصغرى. وإذ اكد"لقاء القرنة"في اجتماعه امس الذي رعاه البطريرك صفير لمناسبة مرور اربعة اعوام على تأسيسه، على موقفه الثابت من القضاء دائرة انتخابية طلب من حليفيه جنبلاط والحريري التضامن معه. نظراً لأنه يعبر عن اتفاق كان قائماً قبل استشهاد الرئيس الحريري. ورأت الاوساط السياسية في المقابل ان اهمية رعاية بكركي ل"لقاء القرنة"تكمن في التأكيد على وحدة المعارضة المسيحية لقطع الطريق على من يحاول استهدافها مع عودة عون الى بيروت. لذلك يبدو ان الموقف من قانون الانتخاب لا يزال غير واضح ويتعرض الى حين عقد الجلسة الى تبدلات في المواقف وصلت الى حدود سيطرة حالة من الارباك على قرارات الكتل النيابية الكبرى، على رغم ان جنبلاط يؤيد التسوية التي توافق عليها مع بري و"حزب الله"وسعد الحريري. وجرت ليل أمس محاولة أخيرة للخروج من الإرباك الى التفاهم تجلت في لقاء عقده الحريري مع وفد من"لقاء القرنة"ضم نسيب لحود، فارس سعيد، سمير فرنجية وجبران تويني، في حضور النائبين في كتلته فريد مكاري وأحمد فتفت. وجاء اللقاء قبل اجتماع طارئ ل"كتلة قرار بيروت"و"تيار المستقبل"في موازاة اجتماع آخر ل"اللقاء النيابي الديموقراطي"ترأسه جنبلاط في المختارة. وعلمت"الحياة"ان جنبلاط أبلغ أعضاء"اللقاء"أنه يفضل الاتجاه نحو"الحياد"في البرلمان اليوم اذا حصل تصويت على أي مشروع قانون للانتخاب خلال الجلسة. وقالت مصادر في اللقاء الديموقراطي ل"الحياة"ان المشاورات مع بري و"حزب الله"لم تنقطع طوال نهار امس وكشفت عن لقاء ضم سعد الحريري وغازي العريضي والنائب علي حسن خليل حركة"أمل" وحسين الخليل "حزب الله"، مشيرة الى ان هذا اللقاء شكل محاولة اخيرة لانقاذ المجلس من الورطة التي ستصيبه اذا طرح أي قانون للانتخاب من باب التحدي على التصويت. واذ رجحت المصادر احتمال التصويت في المجلس لمصلحة قانون العام 2000 معدلاً قالت ان الاتصالات ستبقى قائمة حتى عقد الجلسة صباح اليوم في محاولة لانقاذ الموقف في اللحظة الاخيرة، خصوصاً ان جنبلاط والحريري يحرضان على وحدة المعارضة لكنهما في المقابل يشجعان التوافق على التسوية لقطع الطريق على من يحاول تصوير النتيجة النهائية التي ستصدر عن البرلمان وكأنها هزيمة لفريق مسيحي معين، او ضربة سياسية موجعة للقوتين الشيعيتين"أمل"و"حزب الله". وتجدر الاشارة الى تعثر احتمال التصديق اليوم على اقتراح القانون الرامي الى اصدار عفو عام عن قائد القوات اللبنانية سمير جعجع والمتهمين في حوادث الضنية ومجدل عنجر والقرعون. وعزت مصادر السبب الى الموقف الرافض الذي اتخذه الرئيس عمر كرامي بعد استقباله بعد ظهر امس وفد نواب المعارضة الذي تمنى عليه بأن يسقط حقه الشخصي عن جعجع السجين في سجن وزارة الدفاع في جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي. ميقاتي في نيويورك وفي نيويورك، قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ل"الحياة"انه يحمل الى الأمين العام للأمم المتحدة"تأكيد اعتزام لبنان التعاون الكامل مع القرارات الدولية لأن تنفيذها يقع في مصلحة لبنان". واضاف قبيل لقائه مع كوفي انان امس ان التعاون مع الفريق الدولي المكلف التحقيق للكشف عن حقيقة من قام باغتيال الرئيس رفيق الحريري يقع"في المصلحة اللبنانية"ولذلك"أريد ان أحض على تعيين رئيس للجنة في أقرب وقت ممكن". وتابع انه سيبلغ الأمين العام أيضاً"اننا نرحب بارسال مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات البرلمانية". وفي ما يتعلق ب"حزب الله"قال ميقاتي انه سيبلغ الأمين العام ان من الأفضل معالجة ناحية سلاحه في اطار"حوار"لبناني لبناني. وكان ميقاتي ينوي أيضاً طلب مساعدة الاممالمتحدة ودعمها في اطلاق الاسرى اللبنانيين لدى اسرائيل، كما في موضوع مزارع شبعا التي أصرّ على لبنانيتها طالباً من الاسرة الدولية الدفع نحو انسحاب اسرائيل منها. وفي ما يتعلق بالتحقق من الانسحاب السوري الكامل من لبنان، قال ميقاتي انه بدوره"في المصلحة اللبنانية"انما"مع الحرص على العلاقة بين الشعبين اللبناني والسوري".