نشطت الاتصالات على قدم وساق طوال نهار أمس محاولة ايجاد مخرج للخلاف على قانون الانتخاب بعد اصرار البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير ومجلس المطارنة الموارنة على اعتماد قانون العام 1960 الذي ينص على القضاء دائرة انتخابية في مقابل صدور مرسوم دعوة الناخبين الى الاقتراع في 29 ايار مايو الجاري على اساس قانون العام ألفين الذي يعتمد المحافظة في بعض المناطق والقضاء في غيرها. راجع ص 2 و3 وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري محور هذه الاتصالات، اذ اجتمع مع نواب من"لقاء قرنة شهوان"الذي يمثل المعارضة المسيحية، وبعضهم كان وافق على اعتماد قانون العام 2000، تفادياً لتأجيل الانتخابات النيابية نظراً الى تشدد بري و"حزب الله"في رفض القضاء واصرارهم على مشروع قانون الدائرة الموسعة مع النسبية في حال اصرت المعارضة على صيغة القضاء. كما تناول البحث عن مخارج مسألة اقرار قانون العفو على قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، خصوصاً ان المسألتين ستطرحان على بساط البحث خلال الجلسة النيابية المنتظر عقدها غداً السبت لبحث رسالة رئيس الجمهورية اميل لحود الى البرلمان كي يبحث في قانون للانتخاب يؤمن افضل تعبير عن ارادة الشعب. وشملت الاتصالات اضافة الى اجتماع نواب"قرنة شهوان"مع بري، حركة موفدين من الأخير الى سعد الحريري، ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط، عبر كل من النائب غازي العريضي والنائب علي حسن خليل. وكان الحريري التقى البطريرك صفير ظهراً وأكد انه لا يزال يساند اعتماد القضاء، لكنه اكد في المقابل حرصه على الحفاظ على الوحدة الوطنية التي تجلت في 14 آذار مارس الماضي في تجمع ساحة الشهداء. ونفى ان يكون بري يختصر البلد بشخصه. ومساء زار جنبلاط الحريري، وقال:"احتراماً لذكرى الشهيد الكبير رفيق الحريري لا بد من احترام التراث وتراثه هو الطائف. قرأت بعض افتتاحيات الصحف التي لم تعجبني، كأن المطلوب تعديل الطائف وهذا أمر خطير جداً. لقد ختمنا الجرح الكبير في لبنان وبنينا لبنان والسلم الأهلي من خلال الطائف، هكذا فعل رفيق الحريري. وإعادة النظر بالطائف أمر خطير لا أكثر ولا أقل. لذلك تحدثت اليوم مع الشيخ سعد في الحد الأدنى من احترام الطائف مع بعض التعديلات التي ترضي الشريك الآخر والأساسي وهو المسيحي أي مسيحيي لبنان. ومن هذا المنطلق أنا ملتزم بالقضاء لكن في الوقت نفسه لا يجوز ايضاً ان تشعر طائفة كبيرة من الطوائف المحترمة في لبنان بأنها معزولة"يقصد الطائفة الشيعية. وعاد جنبلاط فزار بري ليلاً، ثم زار الحريري بدوره رئيس المجلس النيابي. وقال جنبلاط بعد لقائه بري:"يقترح الرئيس بري وهذا منطق ان يكون كل لبنان تقريباً اقضية وان يبقى الجنوب على اساس المحافظة، لأن في الطائف الاساسي هو ان تكون المحافظة الدائرة الانتخابية بعد اعادة النظر في المركزية الادارية، واذا حطمنا كل شيء واعتمدنا القضاء فلن يتذكر احد الطائف، فهل هذا مقبول؟". واعتبر ان ما يطرحه بري هو المخرج للتأكيد على الشراكة وعلى الطائف وألا نكون في كل لحظة نغتال مجدداً رفيق الحريري. وبالنسبة الى اجتماع بري ونواب"لقاء قرنة شهوان"، علمت"الحياة"ان الاول شدد على اهمية التوصل الى تفاهم يجمع بين قانون العام 2000 وقانون القضاء دائرة انتخابية، يكون مخرجاً موقتاً لتمرير الاستحقاق الانتخابي على ان تتم المبادرة في مستهل ولاية المجلس النيابي الجديد الى وضع قانون ينسجم مع اتفاق الطائف. وأصر نواب"القرنة"على طرح اقتراح القانون الذي يعتمد القضاء دائرة انتخابية على التصويت بمادة وحيدة لأن ضيق الوقت لم يعد يسمح بمناقشته بنداً بنداً 70 مادة. لكن بري رأى أن هناك صعوبة في التصويت عليه بمادة وحيدة لأنه يتألف من 70 بنداً ومن غير الجائز سلقه. وقالت مصادر بري انه اكد لنواب القرنة ان المجلس منقسم بين مؤيدين لقانون العام 2000 وآخرين للقضاء دائرة انتخابية ما يفرض البحث عن مخرج وسط لأن الجميع في حاجة الى تسوية لتبديد اجواء التوتر والتحريض التي"لا مصلحة لنا في استمرارها مع التحضير لاجراء الانتخابات". وأكد بري معارضته القضاء دائرة انتخابية"وكثيرون آخرون يعارضونه لكن المجلس يبقى سيد نفسه ونحن في أشد الحاجة الى تفاهم لقطع الطريق على اللعب على الوتر الطائفي". وتردد ان بري اقترح اعتماد نظام الاقضية في محافظة الشمال بدل 3 دوائر انتخابية وفق قانون العام 2000 وإبقاء تقسيم الدوائر وفق قانون الألفين في سائر المناطق. وقالت مصادر نيابية ان هذا الحل الوسط لا يشعر فريقاً في الشمال بأنه مستهدف عمر كرامي، عصام فارس وسليمان فرنجية. الا ان هذا الحل الوسط يبقي دائرة جزين في اطار محافظة النبطية ذات الاكثرية الشيعية، وهو ما تعترض عليه المعارضة المسيحية. وعلم ان نواب"لقاء قرنة شهوان"أصروا على ان يطرح اقتراح قانون القضاء على التصويت في جلسة نيابية عامة، رداً على اقتراح بري. ورأت مصادر نيابية ان هذا الحل الوسط يراعي بعض المطالب المسيحية في قانون الانتخاب كما يراعي الموقف الشيعي الرافض للقضاء والقوى التي تطالب بالقضاء في جبل لبنان جنبلاط وآل المر.... وعلمت"الحياة"ان بري طرح موضوع اقتراح قانون العفو العام عن قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والمتهمين في حوادث الضنية ومجدل عنجر والقرعون، وقال انه جاهز لادراجه على جدول اعمال الجلسة غداً. لكنه تمنى لو ان نواب المعارضة ومعهم ستريدا جعجع يقومون بمسعى لدى عائلة الرئيس الراحل رشيد كرامي لعله يسهم في اقفال هذا الملف. الا ان نواب"القرنة"أبلغوا بري ان الامر يتعلق بستريدا جعجع. لكن مصادر مطلعة اعلنت ليلاً ان النواب الذين وقعوا مشروع قانون العفو عن جعجع سيزورون الرئيس عمر كرامي بعد ظهر اليوم في طرابلس لهذا الغرض. في غضون ذلك، بحث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المكلف متابعة تنفيذ القرار 1559، تيري رود لارسن مع أركان الادارة الاميركية في واشنطن أمس نوع المساعدة الدولية للبنان بعد الانتخابات البرلمانية، والتأكد من الانسحاب السوري الكامل وكيفية معالجة تنفيذ الفقرة المتعلقة بنزع سلاح"الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية"بعد الانتخابات. وأجرى لارسن اتصالات هاتفية خلال اليومين الماضيين بالرئيس اللبناني اميل لحود وشخصيات مسيحية، بينها نسيب لحود ونايله معوض وبطرس حرب وأمين الجميل، مؤكداً اهتمام الاسرة الدولية بانتخابات"عادلة". كما اتصل بالبطريرك نصرالله صفير ووليد جنبلاط وسعد الحريري، ليحض على ايجاد الوسائل لضمان التوازن في العملية الانتخابية. وحول مسألة دير العشائر، أفاد مصدر مطلع ان فريق التحقق من الانسحابات السورية سيتولى"التدقيق في هذه المنطقة"، لافتاً الى انها مثل منطقة مزارع شبعا، تنبثق من"مشكلة عدم ترسيم الحدود"اللبنانية السورية.