الهدوء الذي فرضه غياب المعركة الإنتخابية على أجواء علمية التصويت في بيروت أمس وتدني نسبة المقترعين أمرين انعكسا هدوءاً في خطابات المراقبين اللبنانيين، وبشكل خاص لدى أعضاء"الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الإنتخابات"، وفيما كانت الشكاوى تتكاثر في الدورات الإنتخابية السابقة من محاولات غش وتزوير، لم يتحدث مراقبو التحالف اللبناني لمراقبة الإنتخابات"سوى عن ملاحظات بسيطة، فالعازل موجود في كل أقلام الإقتراع، والكاميرات التي طالب بها التحالف للمراقبة موجودة أيضاً، والتعاون مع المراقبين كان جيداً جداً، فهم كما المراقبون الدوليون يدخلون الأقلام ويقومون بعملهم بسهولة ودون اعتراضات ويدونون ملاحظات دون تدخل من أحد، ونادراً ما وجدوا أمس صعوبة أو تعب في العمل في أغلب المراكز التي غابت عنها"الحشود"فكان التجول مريحاً في أروقتها، فلا زحمة ولا صراخ ولا"هجومات"من قبل مندوبي المرشحين بل هدوء وسكينة لتبدو الصورة مناقضة تماماً لما كنا نشهده في انتخابات عام 2000 أو 1996 حيث كثرت الشكاوي من أساليب تزوير متنوعة. وإذا كان ثمة تركيز على الحديث عن مساوئ قانون الإنتخاب بحد ذاته، فإن الأمر لا يلغي الحديث عن بعض الملاحظات، فعضو الهيئة الإدارية للجمعية الدكتور سامي عفيش ذكر أولاً بتدني الإقبال على التصويت أمس ولفت إلى مجموعة مخالفات سجلها المراقبون التابعين للتحالف يتعلق معظمها بعدم التنظيم في بعض الأقلام أي عدم تثبيت العازل كما يجب أو عدم وجود لائحة بأسماء كل المرشحين ووجود لوائح مطبوعة للائحة معينة داخله وغياب أسماء بعض الناخبين عن لوائح الشطب لكن التحالف سارع إلى نقل عدد من الشكاوي إلى وزارة الداخلية فعالجت بعضها. وتحدث عفيش أيضاً عن تشغيل تلفزيونات في الأقلام لتبدو كدعاية لطرف معين وعدم توقف المهرجانات الإنتخابية قبل 24 ساعة من انطلاق التصويت وفق ما ينص عليه القانون، ولجوء بعض المرشحين إلى إرسال رسائل خلوية للناخبين خلال اليوم الإنتخابي ما يصنف ضغطاً على الناخب وهو أمر مخلف للقانون. المشكلة الأهم التي أشار إليها عفيش هي وجود"المال الإنتخابي، وقد صرفت مبالغ ضخمة تحت غطاء تأمين التنقلات". لكن نسبة الإقبال المتدنية في بيروت جعلت أمر الحديث عن مخالفات يتم بصوت متدني أكثر من المرات السابقة. المندوبون الدوليون كانوا يسجلون ملاحظاتهم ويفضلون عدم الإدلاء برأي أو تصريح مذكرين بأن مهمتهم تقضي بتقديم ملاحظاتهم في تقرير إلى منظماتهم أو حكوماتهم ومن ثم إلى الحكومة اللبنانية ثم يتم عرض هذه التقارير على الرأي العام. وكان هؤلاء المندوبون وهم ينتمون إلى خمس مجموعات بدأوا يجولون على مراكز الإقتراع في دوائر بيروت الثلاث منذ الصباح الباكر، هؤلاء المراقبين عددهم نحو 250 مراقباً يتولون مهمة التأكد من احترام قانون الإنتخاب في عملية التصويت وقد بدا أن الإنطباعات الأولى لهم إيجابية فقد صرح رئيس بعثة الإتحاد الأوروبي لمراقبة الإنتخابات خوسيه اينياسيو سالافرانكا بأن"اليوم ليس هناك إلا رابحاً واحداً هو لبنان، وهذا عيد للديموقراطية"مضيفاً خلال جولته في أحد المراكز أن المراقبين حياديين في عملهم، وقال :"منذ الصباح ونحن نقوم بتفقد مراكز الإقتراع، ورأينا أن هناك هدوءاً تاماً وسلماً تاماً"، لكنه أكد"ننتظر باقي المراقبين المنتشرين على جميع الأقلم وبعجها نتخذ القرار المناسب". وكان للمراقب الكندي ماك حرب تصريح قال فيه:" لبنان يمر في مرحلة مهم فهذه أول انتخابات حرة تجرى فيه منذ ثلاثين عاماً"، مضيفاً أن"الحكومة اللبنانية بجميع قطاعاتها ومؤسساتها كانت متجاوبة مع الفريق الكندي، وأن الحكومتين اللبنانية والكندية تصدران بيانا عن العملية الإنتخابية قبل شهر حزيران يونيو المقبل". الإنطباع الجيد نقله أيضاً مدير دائرة الإنتخابات في الأممالمتحدة في لبنان دونغ أنغيويان الذي قال ل"الحياة"أن التنظيم كان جيداً وأكد على أهمية وجود المراقبين الدوليين واللبنانيين مضيفاً"أعتقد أن عملهم تم بشكل جيد".