تعرض الصحافيون في السنتين الاخيرتين للقتل والخطف والتنكيل، خصوصاً في العراق حيث قصفت ايضاً مقارهم ومكاتبهم. ولم تكن معاملة الجنود الاميركيين للاعلاميين دائماً أفضل من تلك التي أعدتها لهم الجماعات المسلحة أو العصابات المنظمة. ومع تزايد عدد الضحايا انهمكت منظمات دولية تعنى بحقوق الانسان وحرية الصحافة بالبحث عن أفضل السبل لتجنيب الصحافيين ان يكونوا مستهدفين، ولجعل العمل الصحافي أقل خطورة. وطرحت افكار كثيرة في هذا المجال، راوحت بين اقتراح ثياب شبه"حربية"لتخفيف الاذى وبين اعتماد شعار جديد يحمله الصحافيون وصولاً احياناً الى البحث في مقاطعة البلدان التي تتفاقم فيها المخاطر. لكن المبدأ الذي فرض نفسه باستمرار هو ان الخطر جزء لا يتجزأ من مهنة الصحافة، وان المطلوب بذل كل ما هو ممكن لتأمين سلامة الصحافيين من دون أي تغيير في المظهر المدني والمستقل الذي يجب ان يكونوا عليه حين يقومون بعملهم. وفي اطار هذا الجهد تطلق"لجنة حماية الصحافيين"مقرها نيويورك اليوم طبعتها العربية لدليل مفصل يساعد الصحافيين في"الأوضاع الخطرة"التي تشمل تغطية الحروب ومواجهة التهديدات الأمنية. ويتولى منسق الأمن الصحافي في"لجنة حماية الصحافيين"فرانك سميث اطلاق هذا الدليل 42 صفحة في الدوحة اليوم. وقال سميث ل"الحياة"ان"اللجنة اختارت الدوحة لأنها تستضيف الاجتماع السنوي للمعهد الدولي لحماية أمن الأنباء والذي يتزامن مع اجتماع لجنة التحقيق التي يرأسها ريتشارد سامبروك من هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي التي تسعى لمعرفة من يقف وراء قتل الصحافيين حول العالم". وصرح سميث، الذي ألف الدليل، بأن"الصحافيين معرضون للخطر بشكل عام، فثلاثة من كل اربعة صحافيين لقوا حتفهم اثناء عملهم خلال العقد الماضي قتلوا عمداً. وما نراه الآن هو استهداف الصحافيين من جهات مختلفة خصوصاً في العراق". وأوضح أن"الخطر يواجه الصحافيين الدوليين زاد أخيراً، فضلاً عن الصحافيين المحليين المعرضين تقليدياً لمخاطر اكثر". ويوفر"دليل التغطية الصحافية في الاوضاع الخطرة"، نصائح للاعلاميين في بلدان تشهد نزاعات مسلحة، بالاضافة الى المجازفات المتعلقة بالخطر المستديم والتهديدات لحياة الصحافي. ومن بين التعليمات الواردة في التقرير لائحة بأدوات الاسعاف الأولي ووجوب السترات الواقية من الرصاص، بالاضافة الى التدرب على تحمل الأسر الطويل. ووصف سميث محاولة لجنة التحقيق في مقتل الصحافيين حول العالم بأنها"مهمة طموحة جداً"، لكنها ضرورية اذ أن"بين كل 10 حالات قتل للصحافيين، 8 الى 9 من القاتلين يفلتون من القضاء". وقال:"زاد عدد القتلى في صفوف الصحافيين في العراق بسبب استهدافهم من جانب الجماعات المسلحة والجنود الاميركيين ومن جراء العمليات الانتحارية والمخاطر عند نقاط التفتيش". وشدد على ان الوضع في العراق"يتطلب التحقق من التعليمات الصادرة للجنود، بالاضافة الى توعية القوات المتعددة الجنسية لوجود الصحافيين في ساحة المعركة وتدريبهم على حقوق الصحافة سواء كانت عربية أو أجنبية". ووجهت"لجنة حماية الصحافيين"، وهي مؤسسة مستقلة غير ربحية تدافع عن حرية الصحافة عالمياً، نداءات متتالية لوزارة الدفاع الاميركية مطالبة بالتحقيق في مقتل الصحافيين في العراق. وشرح سميث ان"مسؤولين في البنتاغون ينوهون لنا باستلام رسائلنا لكنهم يمتنعون عن الرد علينا مباشرة". وأشار الى أن من الممكن مخاطبة السلطات الرسمية مثل الجيش الاميركي في العراق، لكن لا توجد وسيلة واضحة للتفاهم مع الجماعات المسلحة التي تستهدف الصحافيين وتخطفهم. وأكد ان مؤسسته"ترفض التحادث مع الجماعات المسلحة سواء في العراق أو كولومبيا أو غيرها". ومع تزايد العنف وغالباً انعدام محاسبة الجاني، يبين الدليل ان على الصحافي الاعتماد على نفسه و"التحلي بالشجاعة وبقدر من الحكمة". ولم يقصد الدليل منطقة معينة، بل أعد ليطبق في أي مكان في العالم. وقال سميث ان الغرض من التقرير"تزويد الصحافيين معلومات وتوعيتهم بالمخاطر التي قد يوجهونها، بالاضافة الى أهمية تعاونهم لصد محاولات منعهم من القيام fعملهم". وستوزع نسخ من الدليل على الصحافيين العرب، كما سينشر على الانترنت باللغة العربية على موقع اللجنة www.cpj.org