في السابعة والنصف صباح امس، وصل العماد ميشال عون وبمواكبة امنية مشددة الى وزارة الدفاع في اليرزة، آتياً من منزله في الرابية، للقاء قائد"القوات اللبنانية"سمير جعجع وفق اذن يسمح له بذلك ضمن الدوام الرسمي والذي يبدأ في الثامنة. انتظر العماد عون في غرفة مخصصة للمقابلات، وحينما ظهر جعجع كان ثمة حاجز بينهما ونافذة تصافحا من خلالها وتبادلا القبلات وحديثاً لمدة ساعة وحين همّ عون بالمغادرة بادره جعجع بالقول:"خليك بعد". اللقاء بين عون وجعجع كان بعيداً من أي رقيب وطبعاً بعيداً من الإعلام. وحينما غادر عون بدا عليه التأثر البالغ، ونقل عنه قوله ان جعجع كان سعيداً جداً بلقائه وبعودته من المنفى. وقال عون الذي بدا مسروراً لمقابلته جعجع انهما تحدثا عن الكتب التي تبين انهما قرآها نفسها"وأن الدكتور جعجع قرأ كتباً كثيرة وتم النقاش بينهما حولها". وقبل لقائه جعجع زار عون قائد الجيش العماد ميشال سليمان في مكتبه وشكره على التدابير الامنية التي اتخذتها قوى الجيش اثناء عودته الى لبنان. وأعرب عن تقديره لجهود الجيش"في فرض الأمن والاستقرار في البلاد ومساعدة المواطنين في مختلف المجالات الإنمائية وأعمال الإغاثة، مبدياً إعجابه لمناقبية العسكريين وتحليهم بالروح الوطنية العالية". وعقد عون فور عودته الى منزله مؤتمراً صحافياً اكد خلاله"ان الظلم اللاحق بقائد القوات اللبنانية لا يعوّض إلا بعودته الى الحياة الطبيعية". وقال:"كانت الزيارة للتضامن مع الدكتور جعجع في سجنه وأعتقد بأنه حتى لو كان هذا السجن صحيحاً، كفاية، فكيف بالأحرى اذا كان الملف الذي فتح بجريمة نسبت إليه خطأ كونه بريئاً منها لفرض عقوبات في جرائم اخرى لم تكن لتفتح لولا الادعاء عليه بجريمة سيدة النجاة التي خرج منها بريئاً". وأعرب عن اعتقاده بأن"القضاء الاستنسابي ألحق الظلم بالدكتور جعجع وهذا لا يعوّض إلا بإقفال الملف وعودته الى الحياة الطبيعية، ومن هنا اعلن تضامني معه الى حين خروجه، وإذا كانت هناك ملفات اخرى تستوجب الإعفاء عن محكومين او مسجونين لا يجب ان ترتبط بها قضية الدكتور جعجع، وكل حالة تبقى مستقلة ولها خصوصيتها، وربط الأمور ببعضها نوع من التعقيدات تهدف الى عدم اخراج الدكتور جعجع من السجن". ووصف شعوره لدى دخوله وزارة الدفاع بأنه شعور بالانشراح على اعتبار ان"الجيش يشكل الجزء الأكبر من حياتي، والتواصل مع المؤسسة مستمر". وعما دار بينه وبين جعجع قال:"تكلمنا في الوجدانيات ولم نتطرق الى المواضيع السياسية، كان اللقاء ايجابياً ومفرحاً ولم نتطرق حتى الى الانتخابات، وركزنا على ضرورة عودة العلاقات الطبيعية الإنسانية بين اشخاص مسؤولين لطمأنة الأشخاص الذين يعملون معهم والتأكيد لهم ان ليس هناك من صراع ولا اختلاف على الأهداف البعيدة، لكن من الممكن ان يكون هناك تنافس في السياسة". وقال انه وجد جعجع"سليماً من الناحيتين الصحية والنفسية وأقدر شجاعته وقوته الروحية التي ثبت فيها خلال 11 عاماً من السجن، التقيته في قاعة خاصة وليس في السجن وكنا منفردين، تحدثنا بكل جدية من دون أي مراقبة". وعما ينتظره جعجع قال:"ينتظر خروجه من السجن وهذا طبيعي، وأنا افضل ان يحصل ذلك بالشكل الذي يعيد إليه حقوقه الطبيعية، لماذا لا يصار الى اعادة المحاكمة؟ هناك قضية حوكم بها الدكتور جعجع بالخطأ وعلى القضاء ان يعيد النظر بها، فلو لم تكن هناك جريمة سيدة النجاة لم تكن هناك محاكمة او اتهام، هناك جرائم حصلت، الشيخ بشير الجميل قتل لماذا لم تفتح ملفات القتلة؟ وهذا ايضاً بالنسبة الى قتلة الرئيس رينيه معوض؟ اذا جهّل الفاعل هناك آمال في التحقيق، لماذا سومحوا؟ هناك الكثير من الحالات، انا في حينه كنت ضد قانون العفو، قلت انه يجب ان يصار الى تحقيق لنعرف كيف وقعت هذه الجرائم ولنعرف بعدها عمن عفينا". وأضاف:"انا كأب للجيش اعرف معنى الشهادة، لكن اذا لم نتخطاها ونعطي معنى ايجابياً للشهادة التي حصلت ونتركها للتاريخ لن نتقدم ابداً، علينا ألا نبقى دائماً في حال نقاش للماضي والوقت يمر، هذا ما اقوله للرئيس عمر كرامي وغيره". واعتبر ان زيارته لجعجع"رمزية ورسالة موجهة الى التيار الوطني الحر وكل المواطنين و"القوات اللبنانية"مفادها ان الموضوع انتهى، العودة الى الحياة السياسية لا تشكل شرطاً أساسياً لعودة الحياة الطبيعية بيننا وبين القوات، يجب ألا ننسى ما حصل كي لا يتكرر الخطأ، لكن بالتأكيد يجب ألا نعيد الخطأ، هناك مستقبل علينا ان نبنيه". وتمنى عون ان يزور جعجع"كل من تضامن معه او طلب اخلاء سبيله والعفو عنه ولا أعتقد بأن النيابة العامة تقف في وجه هذه الطلبات"رفض امس النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا سيلاً من الطلبات للحصول على اذن لمواجهة جعجع في سجنه، تقدم بها عدد من هيئات المجتمع والأحزاب والأفراد، وأبقى فقط الإذن لزوجته وذويه ومحاميه. ورداً على الأسئلة رفض الإعفاء عن الجرائم المالية، ورفض الاتهام المسبق للمسؤولين بسرقة المال العام وترك الأمر للقضاء. ورأى ان اللقاء مع رئيس اللقاء الديموقراطي النيابي وليد جنبلاط لمجرد الشكليات"امر لا يحل مشكلة يجب ان نعمل على حلها ونأمل في ان ننجح في ذلك". وقال:"هناك اشكالية جوهرية ما زالت قائمة، اذا وجدنا حلاً لها نكشف عنها وإذا فشلنا نكف عن الأسباب". والتقى عون في منزله لاحقاً السفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان الذي قال عنه انه"شخصية معروفة في الولاياتالمتحدة، وكان لنا نقاش جيد وتبادلنا وجهات النظر في التطورات الداخلية وخصوصاً الاطلاع على آراء العماد عون ومبادئه حيال لبنان والسياسة التي نتبعها هنا". وأشار الى"اننا توافقنا معه على ان الانتخابات هي خطوة اولى في عملية التحول والتغيير في لبنان، فاللبنانيون اظهروا خلال التظاهرات انهم يطالبون بحكومة ومجلس نيابي يعكس آمال الشباب اللبناني وطموحاته". ونفى ان يكون يلعب دوراً بين جنبلاط وعون قائلاً:"ان عملية اجراء الانتخابات وآلية وضع اللوائح الانتخابية وعملية تحديد التحالفات هي شأن لبناني". ولفت الى ان"قانون الانتخابات 2000 ليس مثالياً لكن ما سيحصل بعد الانتخابات يجب ان يؤدي الى تغيير واضح في لبنان نحو بلد حر وسيد مستقل، ولا اظن ان من الجيد ان نضيّع الوقت بالتحدث عن القانون". والتقى عون النائب محسن دلول الذي أشار إلى أن اللقاء"تناول موضوع الانتخابات وصيغة الترشح المنفرد من دون لوائح وهذا ما نريد تطبيقه في زحلة لأنه يلغي المحادل ويعطي المواطن حرية الاختيار"، نافياً قيامه بوساطة بين العماد عون وعائلة الحريري. وعن تحالفه مع"التيار الوطني الحر"أوضح أن"زحلة هي التي تفرض مرشحيها وخصوصاً عن المقعد الكاثوليكي"، منوهاً بزيارة العماد عون إلى سجن الدكتور سمير جعجع"فنحن في حاجة إلى تنفيس بعض الاحتقانات في البلاد، ورجل الدولة هو الذي لا يعرقل الأمور بل من يحلحلها". واعتبر النائب دلول أن"قانون الانتخابات هو قانون الرئيس إميل لحود والهدف منه ليس تهميش المسيحيين بل الرئيس رفيق الحريري". والتقى عون ابراهيم شمس الدين نوّه بزيارة العماد عون للدكتور سمير جعجع"لأنها تأتي في إطار المصالحة الوطنية". وكان عون قال ل"وكالة فرانس برس"ان الانتخابات التي ستبدأ بعد 11 يوماً ليست عادلة"، منتقداً موافقة المعارضة على قانونها تلبية لمطالب دولية. واتهم عون المعارضة بمحاولة"تهميشه وعزله". واعتبر ان"السوريين رحلوا انما اسلوبهم في التعاطي ما زال موجوداً في لبنان". وقال ان هذه الانتخابات"تزوّر ارادة الشعب. هذا تزوير مقونن للانتخابات كما جرى في الانتخابات السابقة في الاعوام 1992 و1996 و2000 تحت الوصاية السورية. حتى تبدأ الديموقراطية الصحيحة يجب ان تجرى الانتخابات وفق قانون صالح". وقال عون:"يتهمونني بتقسيم الصفوف. هم قسموها ويريدون إلصاق التهمة بي. يتهمونني بصفقة مع الموالين لسورية". وسأل عون:"ما مصلحتي في اجراء صفقة بعدما ربحت خياراتي؟"، في اشارة الى سحب سورية اخر جنودها من لبنان. وأكد ان تدخله مع المجتمع الدولي توقف بعد صدور القرار 1559. واعتبر عون نفسه المعارض الوحيد الفاعل حالياً. وقال:"المعارضة حالياً هي التيار الوطني الحر العونيين وقرنة شهوان"لكنه اضاف:"قرنة شهوان معارضة صامتة وانا معارضة متكلمة وفاعلة". كما انتقد رفض المعارضة الالتزام ببرنامج موحد لأنه يشكل"خطأ جسيماً يشل في احسن الاحوال القوى الحيوية او يؤدي الى تهديم ذاتي". اما في شأن"حزب الله"فاعتبر عون ان قضيته"مشكلة اساسية يجب حلها ضمن وقت محدد لأننا اللبنانيين لا نملك الزمن بسبب وجود قرار دولي". وأضاف: ل"حزب الله جمهور لبناني وليس مستورداً".