تحوّلت أسر نجوم كرة القدم البرازيليين أهدافاً للعصابات الساعية الى"الارتزاق"من الفديات المناسبة، والتي لا تساوي بنظرها شيئاً امام الثروات الضخمة التي يجنيها اللاعبون، في بلد تعيش نسبة 30 في المئة من عائلاته بأقل من 100 دولار شهرياً، بينما يتقاضى اللاعب الأرجنتيني كارلوس تيفيز في صفوف فريق كورنثيناس 85 ألف يورو شهرياً، ويحصد روبينيو 21 عاماً مهاجم سانتوس 46 ألفاً شهرياً. في الماضي، كانت كرة القدم بمثابة"الفن الجميل"بالنسبة الى اللاعبين الموهوبين، وباتت اليوم سلعة استهلاكية ومورد دخل بالملايين، وهدف المافيات في زمن العنف والانحدار الاجتماعي... ومن الطبيعي ألا يتردد اللاعبون في السعي الى المغادرة و"طلب الرزق"في الأندية الأوروبية، وأن يصبح البارزون منهم في الأندية المحلية هدفاً يجب النيل منه، من قبل العصابات وما أكثرها"بداعي الغيرة في الدرجة الأولى من دون شك"، كما يوضح الاختصاصي في العلوم الاجتماعية إدواردو دوللو. والنيل من اللاعبين انتقاماً من ثرواتهم الطائلة بات يطاول في الدرجة الأولى أمهاتهم، واطلع الجميع على"القصة الشهيرة"لمارينا داسيلفا سوزا والدة روبينيو، التي خطفت من بين مجموعة من قريباتها خلال حفلة عائلية، حين دخل مسلحون ملثمون وسألوا عنها، ثم هددوا ولدها بعدم ولوج الملاعب"اذا أراد عودة أمه"!... وبعد مفاوضات طويلة ومضنية، أصرّ جيلفن دا سوزا خلالها والد روبينيو على عدم زج ابنه في الموضوع"لئلا تتشتت أفكاره ويوضع تحت الضغط..."، اطلق سراح الوالدة في مقابل فدية لم يحدد رقمها الدقيق لكنها تراوحت ما بين 60 و150 الف يورو..."المهم ان والدتي عادت سالمة"كما يؤكد روبينيو ويجهد ليمحو القصة الأليمة من ذاكرته. "الخاصرة الضعيفة" بدوره كان غرافيت مهاجم ساو باولو هدفاً لهذه العصابات... إذ خطفت والدته ايلما دو كاسترو ليبانيو من قبل ملثمين من منزلها، وعثرت عليها الشرطة في اليوم التالي خلال مطاردتها لعدد من المشبوهين... وهذه الموضة المزعجة"تعرفت عليها"ساندرا هيلينا كلمنتي 45 عاماً والدة لويز فابيانو لاعب أف سي بورتو البرتغالي، وهي لا تزال بين أيدي خاطفيها منذ 11 آذار مارس الماضي، علماً ان نجلها عاد من البرتغال سعياً الى التفاوض وبحثاً عن حل مناسب. كما عانت إينيس فيديليز ريجيس 57عاماً والدة روجيريو مدافع سبورتنغ لشبونة، اذ خطفت وأودعت في غرفة قذرة مدة أربعة أيام قبل ان"تحررها"الشرطة. واللافت ان عائلات اللاعبين سهلة المنال من قبل العصابات، بعكس رجال الأعمال الذين يحيطون أنفسهم بحراس شخصيين ما جعل التعرض لهم صعباً في الآونة الأخيرة. ويوضح ضابط في كتيبة مكافحة الخاطفين ومطاردتهم انه يسهل على العصابات الإيقاع بعائلات اللاعبين، لأنها تتحرى جيداً عن محيطهم لا سيما انهم يأتون من وسط اجتماعي شعبي وعادي أي من الطبقات الدنيا. من هنا يلاحظ الوصول السريع الى منازل الضحايا. وتحركت نقابة اللاعبين في ساو باولو في الفترة الأخيرة لدرء الخطر، وعكفت على وضع دراسة مستفيضة معمقة من أجل اتخاذ الإجراءات المناسبة. وكشف رئيسها رينالدو جوزيه مارتوريللي"عن مجموعة توصيات سنطلب من اللاعبين التقيد بها حفاظاً على سلامتهم"منها تحاشي سلوكهم الطريق ذاتها في تنقلاتهم الروتينية والانطلاق السريع من امام المنزل او الملعب، ووضع جهاز تعقب GPS في السيارة على غرار المستخدم في الراليات، او شريحة إلكترونية في الحذاء او الهاتف الخلوي. في المقابل، بادر عدد من اللاعبين منذ زمن واتخذ اجراءات حماية مناسبة، فمثلاً تعاقد لاعب ريال مدريد كارلوس البرتو مع خمسة حراس لمرافقة عائلته، ويتنقل تيفيز في سيارة مصفحة يقودها سائق مدرب. ومنذ ان انتقل الى اوروبا وانضم قبل اعوام الى صفوف باريس سان جيرمان الفرنسي، أحضر رونالدينيو معه أفراد عائلته جميعهم... ودرج اللاعبون على عدم التصريح عن المبالغ التي يتقاضونها لئلا يثيروا الانتباه، وإن كانت غالبيتهم تتطلع دائماً الى الشطر الأوروبي ومنهم طبعاً روبينيو. غير ان الاختصاصي دوللو يؤكد ان هذه المخاطر لن تثني الطامحين"فالمواهب وما أكثرها مستعدة للمجازفة من أجل الثروة والشهرة والجاه والحياة الرغيدة، والنجوم جميعهم يدركون ما ينتظرهم...".