اطلعت على مقال سابق لرئيس الوزراء السوداني السابق الصادق المهدي بعنوان:"ثم ماذا بعد في السودان؟"يتحدث فيه عن الاتفاق الثنائي"الهش"وعن الحزبين المؤتلفين الآن، وأنه مشهود لهما بالأوتوقراطية والفساد، ناسياً ومتناسياً الفساد الذي حل إبان توليه"الحكم"بعد الانتفاضة في عام 1985، وما حل بالسودان في ذاك الوقت من تردٍ في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتلك"الفوضوية"والديكتاتورية التي مارسها في أثناء توليه"الحكم"وحده بعد أن أصدر قراراً بتسريح كل الوزراء في حكومته وتسيير العمل بواسطة وكلاء الوزارات... ألا يذكر الصادق ما حل بالجنوب وبالقوات المسلحة في حينه، عندما كانت تحارب في الأحراش والأدغال عارية من الزي العسكري، الذي يميزها عن غيرها من المواطنين، وأيضاً عندما تساقطت أكثر المدن والقرى في الجنوب، وعندما ذكر الرجل الثاني بعد الصادق المرحوم عمر نوالدائم في التلفزيون، أن"برلين"قد سقطت، فما المانع في أن تسقط قرى ومدن في الجنوب؟! ألا يتذكر الصادق الفساد المتفشي آنذاك، وكشوفات جامعة القاهرة وأشياء كثيرة لا تحصى ولا تعد، من الفساد والفوضى التي حلت بالوطن، أقلها تعويضات آل المهدي. ماذا فعل الصادق المهدي للسودان في المرحلتين السابقتين اللتين تولى فيهما رئاسة مجلس الوزراء في السودان؟! فما قام به في شتى المجالات يحسب عليه، وأذكر انه قام بتغيير وتزييف وضع حجر الأساس من اسم الرئيس السابق جعفر نميري في قاعة الصداقة ومجلس الشعب، وبعض الإنجازات الأخرى إلى اسمه كي يقال في ما بعد، إنه هو من وضع حجر أساسها، وهو تاريخ مزيف. ولكن كل الأجيال السابقة والمقبلة تعلم علم اليقين من هو الذي وضع حجر الأساس لكل المعالم البارزة في السودان، ومن هو صاحب الإنجازات، ومن هو الذي أفسد في البلاد، حتى ضاقت بهم الأرض ومن عليها إبان حكمه الأخير... مذكرة القوات المسلحة هي خير دليل وشاهد على كل ذلك الفساد، الذي انتشر في الوطن وفاحت رائحته حتى"أزكم"أنوف الشعب السوداني أجمع. أما عن التردي الذي حصل في كل المرافق الحكومية والمجتمع فحدّث ولا حرج بداية بدخول"المرتزقة"في السودان وقتل أرواح الأبرياء، كيف يكون الفساد أكثر مما عاناه الشعب السوداني في فترة حكمه السابق وخصوصاً في الجانب المعيشي وفي أسعار المحروقات والخبز وندرتهما. بدلاً من الحديث عن الفساد وما أدراك ما الفساد، والائتلاف الذي تم، كان من الأفضل والأجدر بك أن تتحد مع بقية القوى السياسية، في كيفية توحيد الجبهة الداخلية من أجل إحلال"السلام"في ربوع السودان كافة، وفي كيفية الخروج من المنعطف الخطير الذي يمر به السودان في الوقت الراهن من تآمرات ودسائس في الخفاء والعلن التي تجرى وتحاك ضد السودان في الداخل والخارج. وفي كيفية إرساء الديموقراطية والحرية في السودان، وأيضاً بدلاً من السعي وراء المناصب ولعبة الكراسي من أجل السلطة والتسلط، أو اللعب بالبيضة والحجر، كما ذكرت في السابق أن تأتلفوا جميعاً كما ائتلف زعماؤنا في السابق حول المائدة المستديرة من أجل السودان. لذا أقول لك إن اختلاف الآراء لا يفسد للود قضية، فقضيتنا هي"السودان، كيف نتحد؟ وكيف ننميه؟ وكيف نحقق الاستقرار الأمني والسياسي، هذه الأسئلة الكثيرة التي نريد الإجابة عنها جميعاً، نبذل الغالي والنفيس من أجل سودان الغد المشرق، بتضافر جهودنا وتوحدنا جميعاً من دون النظرة"الحزبية"الضيقة إلى السودان البلد الواحد. وكلمة أخيرة للصادق المهدي أقول فيها:"إنك أخذت فرصتين في الحكم، بدلاً من واحدة ولم تفعل شيئاً يذكر، أو يحمد لك، لذا يجب إعطاء الآخرين فرصة، ولا تستبق الأحداث في الحكم عليهم، ودع من يريد أن يعمل، يعمل بتجرد ونكران ذات، من أجل الوطن، بدلاً من أن تتوقع"البلاء"قبل وقوعه، وعن السيناريوات الثلاثة التي ذكرتها، والانتقادات التي تتراشق بها في أجهزة الإعلام المختلفة... وبصرف النظر عن كل شيء يكفينا فخراً وقوف نزيف الدم الذي امتد زهاء الپ50 عاماً و"السلام"الذي نعيش تباشيره الآن، ودعنا نحلم بسودان الغد المشرق الجديد، الذي نتمنى أن يكون في مقدم الدول الصناعية والزراعية والنفطية. جعفر حسن حمودة - سوداني مقيم في السعودية