اكدت مصادر رفيعة المستوى في لقاء عين التينة للقوى الموالية ان رئيس الحكومة المكلف عمر كرامي سيعلن اسماء اعضاء حكومته قبل الجمعة المقبل، مشيرة الى انه امضى عطلة نهاية الأسبوع في بيروت بدلاً من طرابلس لاجراء مشاورات رفضت الكشف عنها، لكنها لم تستبعد ان يكون التقى بعيداً من الأضواء رئيسي الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري اللذين ابلغاه وقوفهما الى جانبه لانجاح مهمته. ولفتت المصادر الى ان كرامي يتوخى المجيء بوزراء"موثوقين"منه، ولا يشكلون استفزازاً او تحدياً للمعارضة، وقالت ان الرئيس المكلف ليس في وارد الاستغناء عن خدمات الأحزاب الاساسية في الموالاة ودعمها لما يؤمن وجودها في الحكومة من غطاء سياسي ستكون في اشد الحاجة إليه في مواجهة الفريق الآخر الذي سيتجاوز معركة التأليف الى التمسك بقانون الانتخاب على اساس اعتماد القضاء دائرة انتخابية في مواجهة قرار لقاء عين التينة المؤيد للمحافظة مع النسبية. وأشارت المصادر الى ان كرامي يتطلع الى تشكيلة وزارية تمثل فريق عمل منسجماً يتحمل الى جانبه الحملات السياسية والإعلامية التي يتعرض لها ولا يتراجع بعض اعضائها تحت ضغط المعارضة، مؤكدة ايضاً ان لديه رغبة بعدم تمثيل الأحزاب بأسماء نافرة تستفز الآخرين ولا تتمتع بالكفاية المطلوبة. وكشفت ان كرامي تراجع عن التلويح برغبته في الاعتذار عن تشكيل الحكومة الجديدة بعد ان امن له لقاء عين التينة الضمانات السياسية المطلوبة على قاعدة ان الالتباس الذي حصل اخيراً بينه ورئيس الجمهورية سوي في ضوء الكلام المباشر الذي سمعه من الأخير لجهة انهما يشكلان معاً فريقاً سياسياً واحداً منسجماً ويلتقيان في توجهاتهما وثوابتهما الوطنية والقومية مع لقاء الموالاة في عين التينة. وقالت المصادر ان موضوع علاقة كرامي بلحود نوقش في لقاء عين التينة ونقلت عن الأول قوله ان لا مشكلة معه وأن بعض وسائل الإعلام حاولت ان تشيع ان رئيس الجمهورية توصل الى صفقة سياسية مع البطريرك الماروني نصر الله صفير عندما زار بكركي لتهنئته بحلول عيد الفصح المجيد. ونفت المصادر ان يكون لحود ابرم صفقة سياسية مع صفير من شأنها ان تدفع بكرامي الى الاعتذار لمصلحة المجيء برئيس جديد للحكومة يبادر الى تأليف وزارة من"الحكماء والعقلاء"في البلد، مشيرة الى ان المشاورات التي أُجريت اخيراً بين الرؤساء الثلاثة امنت الحماية السياسية للحكومة العتيدة من جهة وقطعت الطريق امام رهان المعارضة على قدرتها في تسجيل اختراق يؤدي الى الإطاحة بالسلطة من الداخل من جهة ثانية. وإذ اكدت ان قرار"عين التينة"دعم كرامي لتشكيل الحكومة يأتي في سياق استيعاب الضغوط الدولية والعربية التي تستهدف لبنان قالت في المقابل ان الموالاة في حاجة الى اعادة ترميم صفوفها بعد ان سارع عدد من النواب فيها الى الانضمام الى المعارضة، لافتة الى ان اعتماد القضاء دائرة انتخابية دفع بعدد منهم الى اتخاذ مواقف محايدة على امل ان يتمكنوا من حجز مقاعدهم للترشح على اللوائح المناوئة للسلطة. وعن انقلاب لقاء عين التينة على مشروع قانون القضاء دائرة انتخابية قالت المصادر ان اللقاء لم يقدم على هذه الخطوة إلا بعد حصوله على موافقة رئيس الجمهورية في التوقيع على طلب استرداد المشروع من المجلس النيابي. ويعود تمسك الموالاة بالمحافظة دائرة انتخابية على اساس النسبية، الى ان القانون الجديد سيسمح باستعادة نواب في الموالاة كانوا التحقوا بالمعارضة، اضافة الى ان اللقاء كان استمع الى تقارير اعدتها ثلاثة مراكز تهتم بالشأن الانتخابي، اجمعت على ان للسلطة مصلحة في الدوائر الكبرى بدلاً من القضاء الذي يتيح لخصومها الفوز في غالبية المقاعد. وعن موقف صفير من الدوائر الكبرى التي تخالف الاتفاق الذي كان توصل إليه مع لحود وقاعدته الاساسية القضاء دائرة انتخابية؟ قالت المصادر ان الأخير ابدى حرصه الشديد على مراعاة بكركي من ناحية ورغبته في استيعاب الاحتقان السائد في الشارع المسيحي وأن قوى اساسية في الموالاة كانت تفهمت موقف رئيس الجمهورية، لكن لم يكن من الجائز التسليم بقانون انتخاب يمكن ان يتيح للمعارضة تسجيل انتصار في الانتخابات بعد ان سارت في طريق آخر، وأخذت تراهن على التدخل الدولي للاستيلاء على السلطة. وبالنسبة الى مخالفة قانون الانتخاب الذي يأخذ بالمحافظة مع النسبية، لما هو منصوص عنه في وثيقة الطائف والتي نصت صراحة على اعتماد المحافظة بعد اعادة النظر في التقسيمات الإدارية، قالت المصادر ان الوثيقة لم تشر الى النسبية التي كانت اثيرت في لقاءات النواب. وفي ضوء دفاع الموالاة عن الدائرة الانتخابية مع النسبية، لا بد من الإشارة الى ان الأخيرة التي اتخذت قرارها بدعم اي حكومة يؤلفها كرامي، ما زالت تراهن على تأجيل موعد اجراء الانتخابات النيابية بذريعة ان هناك جملة من الأسباب التقنية واللوجستية تحول دون انجاز هذا الاستحقاق في موعده قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي في 31 ايار مايو المقبل. ولا تجد الموالاة ما تقوله ازاء كيفية احتساب النسبية على اساس الحفاظ على حصص الطوائف والمذاهب اللبنانية في البرلمان سوى ان اعتماد المحافظة دائرة انتخابية يفسح في المجال امام اعادة الاعتبار للخطاب السياسي الجامع. وفيما ترفض المصادر التعليق على ما يقال من ان اعتماد الدوائر الكبرى مع النسبية يهدف الى ضمان عودة ابرز الرموز في الموالاة الى البرلمان باعتبار ان حظوظها في الفوز ستكون متدنية جداً في حال اعتماد القضاء دائرة انتخابية، اكدت في المقابل ان هناك قدرة على اقناع اللبنانيين بنظام النسبية في الانتخابات نافية ما يتردد من ان تثقيف الناخبين على اساس هذا النظام الجديد يحتاج الى فترة طويلة من الزمن. وتتصرف المعارضة وكأنها نجحت في انتزاع ورقة تشكيل الحكومة الجديدة من يد الموالاة التي كانت تتريث في تأليفها وتراهن على عامل الوقت كذريعة لتأجيل الانتخابات النيابية. وفي هذا السياق، اكدت مصادرها انها تخشى من ان تكون الموالاة من خلال موافقتها القسرية على تأليف الحكومة قررت ان تعطي بيد قضية تشكيل وزارة جديدة لتأخذ باليد الأخرى تأجيل اجراء الانتخابات خصوصاً أن مسألة الوقت تعتبر ضرورية ولم يعد في مقدور السلطة إتمام الاستحقاق الانتخابي. وعلى رغم ان المعارضة - بحسب مصادرها - تبدي ايجابية في التعاطي بانفتاح مع التوجه الجديد للموالاة، وتعتبر ان لا مشكلة في اقامة حوار جدي حول اعتماد المحافظة دائرة انتخابية مع النسبية، فإنها ترفض تأجيل الانتخابات الى تشرين الأول اكتوبر المقبل، مبدية استعدادها للبحث في التأجيل شرط ألا يتجاوز تموز يوليو المقبل. ولفتت الى وجود صعوبة في تسويق المحافظة مع النسبية وعزت السبب الى ان السلطة تحاول التهويل على النواب الذين يقفون في منتصف الطريق في محاولة للضغط عليهم لضمان عودتهم اليها، اضافة الى انها تعرف جيداً ان هناك صعوبة في اعتماد النسبية في نظام طائفي تتوزع فيه المقاعد النيابية على اساس احترام حصص الطوائف والأقليات في البرلمان. وأكدت عدم صحة ما تردد من ان بعض سفراء الدول الكبرى وخصوصاً سفيري الولاياتالمتحدة الأميركية وفرنسا، يوافق على تأجيل الانتخابات الى تشرين الأول المقبل وقالت ان نائب رئيس المجلس النيابي ميشال المر كان ابلغ السفير الفرنسي برنار ايمييه عندما التقاه اخيراً ان هناك صعوبات فنية وتقنية تمنع حصول الانتخابات في موعدها، وأنها تحتاج الى فترة زمنية تراوح بين شهرين وثلاثة ليكون في مقدور وزارة الداخلية الانتهاء من كل التحضيرات المطلوبة. وقالت المصادر ان المعارضة ماضية في معركتها باعتماد القضاء دائرة انتخابية وأن النواب المنتمين إليها سيوقعون عريضة في هذا الخصوص سيرفعونها الى رئاسة المجلس مشيرة الى انها لن توافق على تأجيل الانتخابات لمدة ستة اشهر، وبالتالي فهي تصر على اتمامها بين آخر حزيران يونيو المقبل وأوائل تموز وأن لديها القدرة في الضغط على السلطة من اجل إلزامها بألا يتجاوز التأجيل شهر تموز على ان يكون التمديد للمجلس النيابي الحالي مقروناً بمدة زمنية محددة وإلا فلتتحمل الموالاة كامل المسؤولية ازاء احداث فراغ في السلطة التشريعية.