عرف فول الصويا منذ آلاف السنين في بلدان الشرق الأقصى لكن البلدان الأخرى لم يحصل لها شرف التعرف عليه إلا في الحرب العالمية الثانية بسبب المجاعة التي دهمت شعوبها فكانت مناسبة لاعتماده ونشر زراعته. يمتاز فول الصويا بغناه بالبروتينات. فكل 100 غرام منها تعطي حوالى 35 غراماً، وبناء على ذلك يوضع فول الصويا في مصاف اللحوم والبيض والسمك، لا بل ان فول الصويا هو النبات الوحيد الذي يحتوي على كمية عالية منها البروتينات. والبروتينات الموجودة في الصويا تحتوي على كل الأحماض الأمينية الأساسية الضرورية لجسم الإنسان الذي لا يقدر على صنعها، ولهذا فهو مضطر لتأمينها من طريق الطعام شاء ام ابى. وفول الصويا مفيد للقلب والشرايين، فهو يخفض الكوليستيرول السيئ ويرفع الكوليستيرول الجيد، ويرجع ذلك الى غنى فول الصويا بالأحماض الدهنية غير المشبعة، خصوصاً الأحماض الأساسية منها مثل حمض اللينوليئيك وحمض اللينولينيك. وفي استطلاع شمل عشرات الدراسات التي تناولت العلاقة بين الكوليستيرول في الجسم وفول الصويا بينت النتائج اهمية هذا الأخير في تحسين الصيغة الدموية لمستويات اجزاء الكوليستيرول وبخاصة رفع الجيد منه الذي يحمي القلب والشرايين، وفي هذا النطاق سبق لدراسة صينية طاولت 150 فرداً يعانون ارتفاع الكوليستيرول في الدم ان كشفت ان اعطاء فول الصويا بمعدل 40 غراماً يومياً يساهم في زيادة الكوليستيرول الجيد بنسبة 5 في المئة مقارنة مع آخرين اعطوا مادة البلاسيبيو العديمة النفع فقط. ولفول الصويا باع طويل في اجهاض السرطان. ففي دراسة قام بها باحثون من جامعة الينوي الأميركية تمكن البحاثة من تحقيق تراجع في عدد الأورام السرطانية المثارة بنسبة 37 في المئة بعد استعمال مستخلص من فول الصويا, وفي دراسة اخرى جرت فصولها في جامعة كاليفورنيا اوضح البروفسور الأميركي ويليام ارمسترونغ ان اعطاء مسحوق خاص من فول الصويا ل32 مريضاً ساهم في تقهقر الإصابات السرطانية الفموية بمعدل 40 في المئة، اكثر من ذلك فالمسحوق المستعمل حال دون ظهور التقرحات الحمر والطبقات البيض في الفم والتي تعتبر بمثابة آفات ما قبل سرطانية. وفول الصويا صديق النساء بلا منازع، خصوصاً للواتي اقتربن من سن اليأس او دخلن في رحابها، فالأبحاث اشارت الى فائدة فول الصويا في كبح جماح العوارض الجانبية التي تلقي بظلها على المرأة في مرحلة سن اليأس. فالصويا غنية بمركبات"فيتواستروجين"القريبة جداً من هورمون الإستروجين الأنثوي الطبيعي الذي ينحدر مستواه كلما توغلت المرأة في سن اليأس. ايضاً فإن الصويا تقي من حدوث داء هشاشة العظام الذي يشاهد بكثرة عند النسوة في مرحلة ما قبل سن اليأس، وقد فسر العلماء ذلك باحتواء الصويا على مواد"ايزوفلافين"التي تقف حجر عثرة امام نهش الثروة المعدنية للعظام، ايضاً فإن مواد الإيزوفلافين تملك اهمية في الحماية من سرطان الثدي الذي يعتبر الخطر الأول الذي يهدد حياة المرأة. وفي هذا السياق ينصح الدكتور لي جين لو من جامعة تكساس النساء بتناول الصويا في شكل منتظم، ولو بكمية ضئيلة، لأنه يسهم في تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء المعرضات له اكثر من غيرهن، أي اللواتي يملكن صدراً عارماً او اللاتي لم ينجبن اطفالاً ولم يرضعن قط. رب سائل قد يسأل: وماذا عن معشر الرجال؟ افادت الدراسات ان فول الصويا مهم للرجل كما للمرأة، فالباحثون يعتقدون انه نافع في الحد من الآثار الضارة لهورمون الذكورة تيستوستيرون المتهم بأنه المحرض الأول لنشوء الخلايا السرطانية في غدة البروستاتة. ففي دراسة طاولت 8 آلاف رجل اتضح ان الذين تناولوا اكثر من اقرانهم الصويا كانوا الأقل تعرضاً لخطر سرطان البروستاتة. وبالمختصر المفيد، فإن فول الصويا غذاء ممتاز، فهو اغنى من الحبوب بالمواد البروتينية وأغنى من الحليب بمعدن الكلس وأغنى من كل الحبوب والبقول بالفيتامينات والمعادن، ولا غرابة اذا وافقت منظمة الغذاء والدواء الأميركية المعروفة بصرامتها في منح الأذونات، على السماح للصناعيين بالكتابة على منتجاتهم الحاوية على الصويا عبارة"منتج صحي"شرط ان يكون حاوياً على ما لا يقل عن 6.5 غ من فول الصويا وأن يكون قليل الدهن. إن موافقة الإدارة الأميركية المهتمة بشؤون الغذاء والدواء لم تكن شكلية ولا لفض العتب بل لأن الأبحاث اجمعت تقريباً على ان فول الصويا يحتوي على عناصر ومركبات غذائية تجعله يشغل مكان الصدارة ما بين الاغذية التي تزود الجسم بما يفيده ويدفع عنه شر الأمراض.