أدت الهزات الأرضية المصحوبة بارتفاع الموج في سواحل دول جنوب وجنوب شرقي آسيا الى كوارث اقتصادية والآلاف من القتلى والغرقى في زلزال هو الأشد من نوعه بهذه القوة والامتداد. وعادت التفسيرات الميتافيزيقية من جانب الخطباء. فالسبب هذه المرة هو أن الشعوب البوذية في غي وضلال مبين يستوجب أن تدفع الثمن جراء بهتانها. ويمكن أن تقع هذه الظاهرة، أو أي ظاهرة أخرى تشبها من حيث الوقت أو الأثر، على أي مجتمع. وقد ضربت الزلازل كثيراً من المناطق في العالم. وكان نصيب الجزائر منها وافراً، وأشهرها زلزال الأصنام الذي كان مناسبة لدعوة رجال الدين الى تغيير اسم مدينة الأصنام. وبالفعل تم لهم ذلك فسميت المدينة الشلف، نسبة الى النهر الذي يمر فيها. ولكن الزلازل لم تفارق المنطقة. وممن تحمل النوع الفردي من العقاب الدنيوي إساف ونائلة. فيروى أن إساف كان رجلاً من جرهم، يقال له إساف بن يعلي. وكانت نائلة من جرهم كذلك، يقال لها نائلة بنت يزيد. فعشقها إساف في أرض اليمن واجتمع بها في الحج، فأدخلها في غفلة من الناس الى الكعبة وفجرا معاً. فمُسخا حجرين، فأصبح الناس ووجدوهما ممسوخين حجراً. فوضعوا أحدهما بلصق الكعبة، والآخر في موضع زمزم. ولما طال مكثهما، وعبدت قريش الأصنام، عبدت معهما هذين الصنمين. وطاف بهما الناس مع طوافهم بالكعبة، حتى عُبدوا من دون الله. ولعل مرد هذا كون الفعلة الشنيعة المُشينة التي ارتكبها إساف ونائلة تخدش الحياء العام, وتلطخ مرآة الفضيلة، بدليل أن عقوبتها حتى في النواميس هي الأشد. وقد تصل الى القتل على رغم انها برضى ورغبة الطرفين. ولكن المقام مقدس، ويجب ألا تعبث فيه المخلوقات البشرية. ذلك هو المنطق البشري المبتكر. وهذا المنطق ليس بمنطق الذات الإلهية، ومن المستحيل أن يكون كذلك لأنها لا تفكر مثلما يفكر البشر. لذا لا يمكن أن تكون الكوارث والآفات المسلطة على هذا الكائن، بما فيها"الإيدز"، علامة من علامات العقاب كما يرى كثيرون. إذ كيف يفسر أنها تقع بالضرر الأكبر على الفقراء والمغلوب على أمرهم في العالم؟ إن المعايير الاصطفائية والانسانية لا يعقل أن تجد لها صدى، لأن الأقدر والأعلم بحقائق الأمور وخباياها، والأدرى بسرائر عباده، وإن اختلفت ألوانها وأديانها، يتنزه عن هذه المعايير. لبنان - بن غربي ميلود طالب جزائري، ماجستير علاقات دولية وديبلوماسية