تعرض الان في العاصمة البريطانية لندن مسرحية جديدة ترصد خطى الاميركية ريتشل كوري في رحلة بدأت بحياتها الناعمة في الولاياتالمتحدة وانتهت بمقتلها في مخيم للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة في محاولة لتقديم صورة للشابة التي دافعت عن السلام لا تظهر فيها خائنة أو قديسة. قتلت الناشطة الاميركية عن 23 عاما في عام 2003 وهي تحاول منع جرافة اسرائيلية من تدمير منزل فلسطيني في مخيم برفح في قطاع غزة، جنوبفلسطين. والواقع أن العرض الذي يقدم شهادة شخصية لا يدعي الحياد. لقد تحولت كوري بعد مقتلها الى بطلة للانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي الا أن آخرين هاجموها واعتبروها ساذجة وبلهاء بل وخائنة. وبعيدا عن الجدل السياسي الصاخب، ترسم مسرحية"اسمي ريتشيل كوري"التي يخرجها الممثل البريطاني الان ريكمان صورة شخصية لكوري من خلال رسائلها عبر البريد الالكتروني ويومياتها للكشف عن كاتبة شاعرية تتدفق منها الافكار وتنضح بالحيوية وروح الفكاهة. تقوم الممثلة ميغان دودز بدور كوري وتتلو فقرات من آخر رسائلها الالكترونية الى أمّها والتي قالت فيها:"أعتقد انها فكرة جيدة لنا جميعا أن نتخلى عن كل شيء ونكرس حياتنا لوقف هذا الذي يحدث. لا أعتقد انه تطرف أن نقوم بذلك". وقالت كاثرين فاينر الصحافية في صحيفة"ذي غارديان"اللندنية التي ساعدت ريكمان في معالجة كتابات كوري:"اننا فقط نحاول أن نظهر شخصيتها وأن نقدمها بحياد. لا كقديسة ولا كخائنة". وتابعت:"بعض كتاباتها شاعرية للغاية وعميقة. يقول المرء لنفسه: يا الهي انها كاتبة جيدة حقا. كان بمقدورها كتابة الكثير من الاشياء العظيمة لو عاشت". تعرض المسرحية في مسرح رويال كورت حتى نهاية الشهر الجاري. ويقبل الجمهور البريطاني على المسرح السياسي في لندن ويرجع ذلك جزئيا الى معارضة الرأي العام لغزو العراق. وحظيت مسرحيات منها"غوانتانامو"التي عرضت العام الماضي عن السجناء الذين تحتجزهم الولاياتالمتحدة في قاعدة بحرية في خليج غوانتانامو في كوبا بنجاح كبير. وبصورة عامة استقبلت مسرحية"اسمي ريتشل كوري"بصورة ايجابية في أوساط النقاد رغم أن صحيفة"ذي تايمز"قالت ان بعض المشاهد قدمت جانبا واحدا للنزاع في الشرق الاوسط ووصفتها بانها"دعاية فجة". لكن"ذي غارديان"ردت بقولها ان"المسرح غير ملزم بتقديم الصورة كاملة". وحيت"ذي ديلي تليغراف"اليمينية"قوة وشجاعة مثالية الشبان". في بداية المسرحية تقول كوري"النار متقدة في احشائي". ترفع الستار عليها في غرفتها التي تعمها الفوضى مدينة اوليمبيا بولاية واشنطن وتنتهي في رفح حيث الدمار والمنازل التي اخترقها الرصاص. تلك النار هي التي جعلت كوري تسجل خططها ويومياتها وأحلامها وآراءها باستمرار. تأملاتها الفلسفية عن الموت والاصدقاء اللاهين غير الاوفياء وتجميل العالم اصبحت أكثر الحاحا في سيل من الرسائل العاجلة لاصدقائها واسرتها بعد وصولها الى الشرق الاوسط في كانون الثاني يناير عام 2003. حضر والدا كوري الى لندن لمشاهدة العرض ووصفاه بأنه صورة صادقة لابنتهما. وقالت سيندي والدة كوري:"انه يساعد في شرح ما دفعها للتوجه الى رفح. انه يشرح بقوة ما وجدته هناك". ورفعت عائلة كوري دعوى قضائية ضد شركة"كاتربيلر"التي تصنع الجرافات التي تستخدمها القوات الاسرائيلية في غزة لتدمير منازل الفلسطينيين واتهموا الشركة بارتكاب"جرائم حرب". لقد رأت كوري في منامها أحلاماً تنذر بموتها. في آخر رسائلها الالكترونية لوالدتها كتبت تقول:"أمي أحلم بكوابيس مزعجة عن الدبابات والجرافات خارج منزلنا وانت وانا في داخله". وخلص تحقيق اسرائيلي الى أن موت كوري كان حادثا. وفي الاسبوع الماضي برأ الجيش الاسرائيلي ضابطا من ارتكاب أي خطأ في ما يتعلق بمقتل مصور بريطاني شاب في ايار مايو عام 2003، وقدمت الحكومة البريطانية احتجاجا في هذا الصدد.