تحدث أمس محافظ البنك المركزي المصري فاروق العقدة بعد صمت طويل دام منذ توليه المنصب في 3 كانون الأول ديسمبر 2003، مفاجئاً الجميع بحديث يمكن وصفه بأنه"شامل"وألقى الضوء على الخطط الرئيسة للمركزي في الفترة الماضية وفي المستقبل فقد استغل العقدة فرصة وجوده ضمن وفد بلاده للمشاركة في اجتماعات دولية في واشنطن، حيث التقى رئيس البنك الدولي جيمس ولفنسون ورئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ألان غرينسبان، فألقى محاضرة أمام جمعية المصرفيين العرب لشمال أميركا بثتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، نورد بعضاً منها. أعلن العقدة أن هناك خطة لخصخصة جميع مصارف القطاع العام وأن البداية ستكون ببنك الإسكندرية"الذي ستحدد تجربته ما إذا كنا سنمضي قدماً في بيع المصارف الأخرى". وقال العقدة في كلمته مساء أول من أمس:"إننا وصلنا إلى قرار بأنه لا حاجة لكل مصارف القطاع العام التي تسيطر على أكثر من 55 في المئة من الودائع والقروض في مصر وسيجرى تخصيص بنك الإسكندرية وهو أحد المصارف الأربعة الكبرى إضافة إلى بنك مصر والبنك الأهلي وبنك القاهرة خلال السنوات الثلاث المقبلة. وقال:"أنه من بين 54 مصرفاً في مصر هناك 30 مصرفاً صغيراً يمكن ان تختفي من دون ان تحدث أي فارق"، مضيفاً إنه"خلال الشهور ال16 المقبلة سنعرض ما بين 25 إلى 30 مصرفاً للبيع وسنفرض ذلك بالقانون لأن القانون ينص على أن الحد الأدنى المطلوب لرأس المال التأسيسي لأي مصرف يجب ان لا يقل عن 500 مليون جنيه وإن بعضاً من هذه المصارف لا يزيد رأس مالها على 50 مليون جنيه". كما أن جميع مصارف القطاع العام تلقت تعليمات بوضع خطة خلال الشهور ال18 المقبلة لسحب جميع أسهمها من مصارف القطاع الخاص تمهيداً لخصخصة هذه المصارف أملاً في دمجها معاً في النهاية"، وقال:"إن هناك ثلاثة مصارف تمت خصخصتها بالكامل". وأشار العقدة إلى أن واحدة من المشاكل الكبرى التي تواجهها مصر في عملية إصلاح النظام المصرفي هي العجز عن سداد القروض، موضحاً"أن الأرقام التي نشرت اقل بكثير من الواقع وان المشكلة أكبر كثيراً من هذا، لكن الوضع ليس أسوأ مما كان عليه في كوريا الجنوبية أو في تايلاندا في السبعينات ويمكن حله خلال فترة تتراوح بين أربع وخمس سنوات". وقال إنه تقرر تشكيل لجنة تحكيم في البنك المركزي توطئة لإنشاء المحكمة الاقتصادية لحسم قضايا التعثر في السداد وتجنب إجراءات التقاضي التي تستغرق سنوات عدة. وتابع قائلاً أن سوق المال كان يتسم بالفوضى عند بداية توليه منصبه كمحافظ للمركزي صبيحة تعويم الجنيه في كانون الثاني يناير 2003"لم يمض أسبوع واحد على قرار التعويم حتى تبددت جميع آثاره الجانبية وبدأنا نرى السوق السوداء تتوحش وتقلص الجنيه بنسبة 25 في المئة تقريباً، إذ كان الدولار يباع في المصارف بسعر 6.2 جنيه وفي السوق السوداء بنحو 7.25 جنيه". وقال العقدة إن جميع المصدرين أحجموا عن الالتزام بقرار رئيس الوزراء الخاص بتسليم 75 في المئة من عوائد القطع الأجنبية إلى الحكومة. موضحاً إنه عندما تولى رئاسة البنك المركزي كان هناك نحو 300 ملف لقضايا سترفع ضد تجار العملة في السوق السوداء لكنه قرر أن ينحيها جانباً. لا حاجة للدفاع عن العملة وقال العقدة إنه كرجل اقتصادي يعتقد ان دولة حققت أربعة بلايين دولار فائضاً في حسابها الجاري لا تحتاج الى الدفاع عن عملتها،"وان مجلس إدارة المصرف أجمع على قرار واحد هو توحيد سعر الصرف كأولوية قصوى تسبق استثمار الاحتياطي من النقد الأجنبي وإصلاح النظام المصرفي"، وقال:"إننا بدأنا بإنشاء لجنة للسياسة النقدية واستغرق الأمر ستة أشهر من كانون الثاني يناير إلى تموز يوليو حتى تلاشت السوق الخفية. وكان هذا في غاية الصعوبة لأن تجار القطع كان وراءهم الكثير من المستثمرين وكانوا يحققون أرباحاً فاقت أرباح تجار المخدرات. لذلك كانوا يدافعون باستماتة عما يعتبرونه مستقبلهم". وأضاف:"إنه بعد الأشهر الستة الأولى بدأت أسس الاقتصاد الصحيح تسود، وتجلى ذلك في فائض بالميزان الجاري وارتفاع الاحتياطي الاستراتيجي من النقد الأجنبي وبدأنا الإعداد لسوق عملة حقيقية بين المصارف في أيلول سبتمبر مع عشرة مصارف فقط لنرى النتيجة. وفي 23 كانون الأول ديسمبر عممنا رسمياً سياسة تداول الدولار بين المصارف". وأنهى حديثه قائلاً أنه خلال كانون الثاني زاد سعر الجنيه في مقابل الدولار بمقدار سبعة في المئة وبدأ في الاستقرار في شباط فبراير حتى وصل اليوم إلى 5.78 جنيه في مقابل الدولار.