وجهت قارئة فرنسية سؤالاً إلى المحللة النفسية كاثرين مارشي عبر صفحات مجلة"بسيكولوجي"تسألها كيف السبيل لتخطي ولعها بأحد المشاهير بعد أن وقعت في غرامه... وهي لا ترى فيه عيوبا، ولا تعرفه بالطبع إلاّ من خلال شاشة التلفزيون. هذه القارئة التي تبحث عن حل لمشكلتها قد تكون أكثر جرأة من آخرين كثر في مختلف دول العالم، يستولي النجوم على تفكيرهم فيحبونهم ذلك الحب الذي يعرف بأنه من طرف واحد، وينشغلون بهم، ويقاسمون آخرين الهوس بمتابعة أخبارهم وتحركاتهم، فيصير أي شخص مشهور عرضة لملاحقات كاميرات ال"باباراتزي"ولأقلام صحافيين وإعلاميين، كما تكثر الإشاعات التي تتناوله، وتفقد حياته جزءاً كبيراً من الخصوصية والسرية التي يرغب في الحفاظ عليها. كان لصحافة المشاهير الدور الأبرز في تغذية هذه الظاهرة، وقد ولدت بعد الحرب العالمية الثانية، وتخصصت مجلاتها منذ عام 1948 في متابعة أخبار الملوك والأمراء والرؤساء، ثم اختارت متابعة أخبار المشاهير بشكل عام، وحققت هذه الصحافة نجاحاً ملحوظاً في دول أوروبا الخارجة من الحرب، وصارت تتزايد مبيعاتها، واعتبرت إدارة مجلة"فرانس ديمانش"أنها حققت تقدماً كبيراً عندما وصلت مبيعاتها عام 1963 إلى 2،3 مليون نسخة في الأسبوع. وظهر تعبير"صحافة الفضائح"في أوروبا والولايات المتحدة، أو ما يعرف في العالم العربي بالصحافة الصفراء التي تتناول الحياة الخاصة للمشاهير بأسلوب تجاري أو مبتذل، وكان عقد الثمانينات المسرح الحقيقي لإنطلاقة كبيرة لهذه الصحافة ، عرف المصورون"الباباراتزي"منذ تلك الفترة استقبالاً كبيراً لعملهم وترويجاً له. واتسع النقاش منذ وفاة الأميرة ديانا حول عمل"الباباراتزي"وحق الصحافة في التدخل في حياة المشهور الخاصة، ولكن صانعي هذه الصحافة لم يستسلموا للانتقادات الموجهة إليهم وذكروا بأن المشاهير أيضاً يشاركون فيها، وأن عدداً لا بأس منهم يمد صحافيين بأخبار خاصة عن حياتهم في إطار الترويج لأنفسهم. مارشي أجابت سائلتها مستندة إلى ما جاء في كتاب الباحث الإيطالي فرانشيسكو ألبيروني بأن المرأة تبحث في الحب عن الكمال، عن رجل فذ، وهذه الإجابة تلفتنا إلى تلك الصناعة المزدهرة المعروفة ب image de marque التي يبذل المشاهير قصارى جهدهم لترويجها فلا يظهرون القبيح في شخصياتهم. وتحدثت مارشي عن الصفات التي يتمتع بها المشاهير عادة، فهم معروفون وناجحون ويتمتعون بكاريزما وباعتراف المجتمع بمكانتهم، وحذرت من ظاهرة الولع بالمشاهير لأن ترك العنان لهذا الولع قد يوصل صاحبه إلى حالات من الاكتئاب النفسي. من الولع بمشاهير إلى تحسس خطاهم، يتحول الافتتان ب"النجوم"إلى رغبة بالإنضمام إلى عالمهم، من هنا نفهم أسباب نجاح برامج"تلفزيون الواقع"والرغبة في الفوز بفرصة الاشتراك فيها مهما تنوعت مواضيعها، فهي قادرة على تحويل أي كان - حتى وإن كان لا يتمتع بموهبة فنية أو رغبة في العمل السياسي والاجتماعي - إلى إنسان مشهور بلمح البصر. وفي الإطار ذاته قد تكون نتائج استطلاع أجري في العاصمة البريطانية ونشرته مجلة"نيو وومن"خير دليل على الحالة التي يمثلها المشاهير في العالم، فقد قال 67 في المئة من نساء المدينة أنهن يشعرن بأنهن تافهات ولا قيمة لهن عندما يقارن أنفسهن بالمشاهير الذين تروّج لهم وسائل الإعلام. وحال نساء لندن ليست فريدة إنما بالإمكان الحديث عن ولع عالمي بالشهرة، وقد صدر أخيراً لأستاذ العلوم الإجتماعية البريطاني كريس روجك كتاب بعنوان"العطش إلى الشهرة"، ينطلق فيه من سؤال حول القاسم المشترك بين مشترك في أحد برامج تلفزيون الواقع وقاتل متسلسل ورجل أعمال مصاب بجنون العظمة؟ الجواب ببساطة هو ما سماه روجك ب"الحاجة العالمية"لنيل اعتراف الآخرين بنا مضافة إلى النرجسية المتصاعدة في المجتمع المعاصر.