اختلطت الأوراق بشدة في شأن قضية الإصلاح السياسي في مصر، ففي حين واصل البرلمان إجراءات تسبق تعديل المادة 76 من الدستور، بدا أن فئات اجتماعية وليست سياسية دخلت على خط قضية الإصلاح السياسي، معتبرة أن أوضاعها تسوء في ظل"السياسة القائمة". فبعدما أعلن مئات القضاة إصرارهم على تعديل قانون السلطة القضائية وربطوا موقفهم بقضية الإصلاح السياسي في البلاد وهددوا بعدم الإشراف على الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية المقبلة إذا لم يتحقق مطلبهم، تحرّك الصحافيون أمس عبر تظاهر عشرات منهم أمام مقر نقابتهم احتجاجاً على صدور حكم قضائي بسجن ثلاثة صحافيين دينوا بقدح وذم وزير الإسكان الدكتور محمد إبراهيم سليمان، على رغم وعود الرئيس حسني مبارك بإلغاء مادة في قانون العقوبات تسمح بحبس الصحافيين في قضايا النشر. ورأى الصحافيون أن قوى في الحكومة"نجحت في تعطيل مناقشة تعديل تلك المادة في البرلمان"، واعتبروا أن مسألة حبس الصحافيين"تأتي ضمن حزمة من القوانين ومواد الدستور التي يجب تغييرها إذا كان نظام الحكم جاداً في تحقيق إصلاح سياسي حقيقي". وأصدرت منظمات حقوقية عدة بيانات أعربت فيها عن قلقها إزاء"استمرار العمل بالقوانين السالبة للحريات في قضايا النشر في مصر". وفي حين كانت هتافات معادية للحكومة والحزب الوطني الحاكم تتردد أثناء تظاهرة الصحافيين، كانت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب تعقد اجتماعاً وتقرر في نهايته تحديد يوم العاشر من ايار مايو المقبل موعداً لمناقشة قرار رئيس الجمهورية بتعديل المادة 76 من الدستور لفتح باب الترشيح على منصب رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح، بعدما انتهت جلسات الاستماع إلى الخبراء والمتخصصين من السياسيين وفقهاء القانون الدستوري. وقرر رئيس البرلمان الدكتور أحمد فتحي سرور عرض المناقشات والآراء التي طرحت على اجتماع ستعقده اللجنة السبت المقبل على أن تنعقد لجنة صوغ مصغرة يوم 26 نيسان ابريل الجاري لإعداد مشروع التقرير الذي ينظر فيه البرلمان يوم العاشر من ايار، تمهيداً لعرض هذه التعديلات على استفتاء عام لإقرارها والعمل بها. وكشفت مناقشات رؤساء الأحزاب السياسية التي جرت أمس في ظل غياب السيد ضياء الدين داود رئيس الحزب الناصري معطيات جديدة أظهرت التباين في وجهات النظر السياسية بين المعارضة و"الحزب الوطني"الحاكم. إذ دعا رئيس حزب"الوفد"الدكتور نعمان جمعة الى استبعاد أي مرشح حزبي من منصب رئيس الجمهورية لم يمض على مدة تأسيس حزبه مدة معينة لا تقل عن خمس سنوات في الحياة العامة، شرط أن يكون مر ما لا يقل عن سنة على انتخاب رئيس الحزب، وهو اقتراح يعني استبعاد رئيس حزب"الغد"الدكتور أيمن نور من حق الترشيح لرئاسة الجمهورية. وظهرت الخلافات واضحة في تحديد عدد الأشخاص الذين يزكون المرشح لهذا المنصب، إذ طالب جمعة بألا يقل عدد الموقعين عن مئة ألف، بينما طالب رئيس حزب التجمع الدكتور رفعت السعيد بألا يقل العدد عن 50 ألفاً، بينما طالب نور بعشرة آلاف توقيع فقط. وأصر السعيد على ان تكون الضوابط مرنة وقابلة للتغيير وألا توضع تلك الضوابط في الدستور ولكن في قانون خاص لانتخابات رئيس الجمهورية، في حين أكد كمال الشاذلي وزير شؤون مجلس الشعب الأمين العام المساعد ل"الحزب الوطني"أهمية وضع ضوابط بنسبة معقولة من أعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتخبين فقط، وأن يكون للأحزاب حق الترشيح متى كان للحزب تمثيل في المجلسين ولو بمقعد واحد. واختلف رؤساء الأحزاب تجاه تشكيل اللجنة العليا المشرفة على انتخابات رئيس الجمهورية، فأصر السعيد وجمعة على أن تكون قضائية فقط بينما طالب كمال الشاذلي بأن تتضمن عنصراً قضائياً وآخر من الشخصيات العامة. وأجمع رؤساء الأحزاب على شطب أي مرشح يتلقى دعماً من أي جهة أجنبية وتسجيل ذلك في مشروع القانون الخاص بانتخاب رئيس الجمهورية الذي تعده الحكومة حالياً، وعلى كفالة المساواة بين المرشحين. وحذر السعيد من وضع ضوابط تكون مانعة وغير مشجعة على الترشيح. وطالب بحياد جهاز التلفزيون. وأكد وزير مجلس الشعب كمال الشاذلي في تصريحات الى الصحافيين، أن"الحزب الوطني"طالب بضرورة أن يحصل المرشح لرئاسة الجمهورية على نسبة تأييد معينة من ممثلي مجلسي الشعب والشورى المنتخبين، وأيضاً نسبة معينة من أعضاء المجالس الشعبية المحلية على مستوى المحافظات بحد أقصى 12 محافظة. وقال إن"الحزب الوطني"يرى أيضاً إتاحة الفرصة للأحزاب السياسية المصرية أن ترشح أحد قيادتها شرط أن يكون لها ممثل واحد تحت قبة البرلمان سواء في مجلس الشعب أو الشورى. وأشار إلى أن الحزب الوطني طالب بأن تكون اللجنة العليا المشرفة على انتخابات الرئاسة لها كل الصلاحيات، بدءاً من الترشيح وانتهاء بإعلان النتيجة، وأن تتمتع بالحيدة والاستقلال وأن تضم رؤساء هيئات قضائية الى جانب عدد من الشخصيات العامة غير الحزبية، على أن يكون من اختصاص هذه اللجنة مراقبة أي تمويل خارجي للأشخاص أو المرشحين وأن يكون لها الحق في التحقيق مع أي شخص يثبت تلقيه أموالاً من الخارج.