تحت لوحة"الخلق"لمايكل انجيلو بدأ 115 كاردينالاً، من 52 دولة في ست قارات جميعهم من الرجال متوسط اعمارهم 71 عاماً ويمثلون سدس سكان العالم 57 في المئة فيه من الاناث، اختيار"الزعيم الروحي"الجديد لكاثوليك العالم و"القائد السياسي"لحاضرة الفاتيكان الذي سيواجه تحديات صعبة ابرزها تجديد شباب الكنيسة، ولم الشمل ومواصلة الحوار مع الاسلام واليهود وايجاد الحلول لمشاكل وقضايا بدأت تُبعد المؤمنين عن الكاثوليكية ومنها الأجهاض وكهنوتية المرأة وحتى ترفيع احداهن في الربع الاول من الألفية الثالثة الى منصب كاردينال. وخلافاً لأي انتخابات في العالم يختار مجمع الكرادلة الخليفة 264 للقديس بطرس في فندق جديد في الفاتيكان، كلف بناؤه 20 مليون دولار، بعيداً عن الكاميرات التلفزيونية والحملات الانتخابية والمقابلات الاذاعية والمواكب الامنية والمسلحين بعدما تخلى الجميع عن اجهزة الهاتف النقالة واجهزة الانترنت وحتى الصحف واجهزة التلفزيون... كما لجأ الفاتيكان الى تكنولوجيا جديدة لضمان"سرية الاقتراع"حيث بنى سقفاً معلقاً في الكنيسة ثُبتت فيه اجهزة الكترونية مضادة للتنصت وامر جميع الكهنة والحراس في الداخل بقسم اليمين على الصمت وعدم تسريب انباء بين الداخل والخارج. راجع ص 8 وخلافاً لما جرى في القرن الثالث عشر، عندما استمر اختيار البابا عامين وتسعة شهور ويومين، قد يشهد الاسبوع الجاري"الدخان الابيض"الذي يُعلن للعالم نجاح ثلثي"امراء الكنيسة"، في اول 34 اقتراعاً، في انتخاب خليفة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني انسجاماً مع ما جرى طوال القرن العشرين اذ لم يستغرق انتخاب البابا أكثر من خمسة أيام وخلال مرتين انتهى في اليوم الثاني. وكان اختيار البابا الراحل تم عام 1978 بعد 8 دورات اقتراع. وحين يُنتخب البابا يخرج كاردينال كبير في شرفة كاتدرائية القديس بطرس ويقول باللاتينية"هابيموس بابام"اي"أعلن عليكم سعادة عظمى... لدينا بابا جديد"وعندها يتقدم البابا الجديد ليلقي أول خطاب له ويقدم أول مباركة له"للمدينة والعالم"أمام 6 الاف صحافي والحشود المجتمعة في ميدان القديس بطرس. ويواجه البابا تحديات تراجع اعداد المؤمنين والكهنة. وكانت الكنيسة تضم في نهاية السبعينات حوالى 750 الف مؤمن لكل 1800 منهم كاهن لكن الوضع تغير حالياً واصبح كاهن واحد لكل 2800 مؤمن في حين شاخ الكهنة واصبح متوسط اعمارهم في الولاياتالمتحدة، على سبيل المثال، فوق الخمسين عاماً. ومن ابرز العقد التي سيواجهها البابا عقدة"اللامركزية"بين الفاتيكان وما يصل الى 4700 ابرشية او رعية في العالم، خصوصاً في اميركا اللاتينية التي تضم 44.7 في المئة من كاثوليك العالم. ويريد عدد من الكرادلة، الذين عين البابا الراحل نسبة 57 في المئة منهم عام 2001، التخلص تدريجاً من التيار المحافظ الذي يحكم الكنيسة وافساح المجال امام تيار التحديث فيها. ومن بين مطالب تحدث عنها كرادلة اعادة نفوذ الكنيسة الى اوروبا والولاياتالمتحدة حيث شهدت الكاثوليكية فضائح اخلاقية على يد اساقفة. كما ان بعض الكرادلة، ومنهم ابرز المرشحين للمنصب الكاردينال الالماني جوزيف راتسينغر، طالب بالتصدي للنفوذ الاسلامي في العالم الغربي وبعدم ضم تركيا الى الاتحاد الاوروبي. ومن المرشحين الابرز ايضاً الكاردينال انجيلو سكولا اسقف ميلانو الذي يؤيد الحوار العقلاني مع الاسلام كما يفعل اسقف لاغوس، مرشح افريقيا، الكاردينال فرانسيس ارينزي. ولا يريد عدد من الكرادلة ايضاً ان يكون الفاتيكان"جزءاً من الاستراتيجية الاميركية"بل يشيدون بشجاعة البابا الراحل الذي انتقد الهجوم الاميركي على العراق عام 2003. ووفق الترجيحات احتل راتسينغر المركز الاول بينما حل الفرنسي جان ماري لوستيجر المركز الثاني ثم الايطالي كارلو ماريا مارتيني وبعده الكاردينال ديونيجي تيتامانزي ثم النيجيري ارينزي وبعده البرازيلي كلاوديو هيوميز لكن التجارب السابقة عادة ما خذلت التوقعات.