من بين نحو80 نصاً روائياً وقصصياً، تقدم بها أصحابها من الكتاب الشباب، إلى "جائزة حنا مينة للرواية"، التي أعلنت عنها وزارة الثقافة، في العام الماضي، فازت رواية"لولو"لعبير اسبر في الجائزة الأولى للمسابقة. واللافت أن معظم النصوص المشاركة، تعود إلى كاتبات شابات، إذ ذهبت الجوائز الثلاث الأولى إلى روائيات يكتبن للمرة الأولى، الأمر الذي يؤكد وجود موجة جديدة من الكاتبات، وحساسية نسوية مختلفة، في المشهد الإبداعي السوري. وإذا كانت رواية عبير اسبر، ذهبت نحو مشهدية سردية مبتكرة، تتعلق بتحولات شاب مراهق يجد نفسه في مواجهة تجربة عاطفية وحياتية قاسية، فإن رواية"أبنوس"لروزا ياسين حسن الجائزة الثانية، أثارت سجالات ساخنة في الصحافة الثقافية السورية، حيث تبين أن دائرة الرقابة في وزارة الثقافة، حذفت مقاطع كاملة من الرواية، على رغم أن لجنة تحكيم الجائزة، أجازت النص كما هو، لكن مدير دائرة التأليف في الوزارة ارتأى صعوبة في نشر النص، من دون حذف بعض العبارات التي يعتقد أنها مكتوبة بقصد اختراق المحرم والإثارة المجانية، أكثر من أنها ضرورة فنية، ما جعل الكاتبة تحتج على"تشويه"نصها، واللجوء إلى الصحافة لكشف ملابسات الحادثة. وتقول روزا حسن في الحوار المنشور معها في صحيفة"المبكي"، التي أثارت القضية:"عندما وصلت إلى يدي النسخة الأولى من روايتي"أبنوس"، اكتشفت أن هناك بعض المقاطع والجمل محذوفة بالكامل، كما تغيّر اسم المكان من"اللاذقية"، إلى"المدينة"، وهناك بعض المشاهد الجنسية، تم حذفها واقتطاعها من السياق في شكل صارخ، إضافة إلى حذف كل ما يتعلق بفجور أو شذوذ إحدى الشخصيات المحورية في الرواية". وإثر هذا التصريح، وزعت مديرية التأليف والترجمة ورقة مطبوعة تحتوي على عبارات جنسية خليعة مقتطعة من الرواية، معتبرة أن عبارات من هذا النوع كفيلة بالرد على ادعاءات كاتبة النص. يعلق أحد النقاد على ما جرى لهذه الرواية بقوله""ان المشكلة لا تتوقف عند حدود حذف مقطع أو عبارة من نص أدبي، بل في الاجتراء على حرية التعبير، والإطاحة بجرأة الكاتب في مقاربة المحرمات". ربما ينطبق هذا الواقع على لجان"اتحاد الكتاب العرب"في الدرجة الأولى، كمحصلة لممارسات طويلة في عرقلة نصوص إبداعية مهمة، لمصلحة نصوص بائسة من المحسوبين على الاتحاد. فوزارة الثقافة هي نفسها التي أفرجت عن رواية"قصر المطر"لممدوح عزام، بعدما رفض اتحاد الكتاب طباعتها والموافقة على تداولها، إضافة إلى عشرات النصوص لشعراء شباب ينتمون إلى تيار"قصيدة النثر"الممنوعة تقريباً ضمن مطبوعات الاتحاد. لكن اللافت في هذا السياق، أن وزير الثقافة محمود السيد، أصدر تعليمات جديدة، إثر المشكلة التي أثارتها رواية روزا حسن بمنع الموافقة علي أي نص، يحتوي على عبارات"تخدش الحياء العام"، وهو ما يؤكد مخاوف حقيقية في التضييق على حرية التعبير. من جهتها تروي سمر يزبك صاحبة روايتي"طفلة السماء"و"صلصال"، أن روايتيها منعتا رقابياً، فاضطرت إلى طباعتهما من طريق دور نشر بيروتية، وتقول:"عندما كنت في العاشرة من عمري، فزت بمسابقة"رواد الطلائع"في مجال التأليف الأدبي، فسافرت إلى دمشق، وهناك قام بتكريمي أحد المسؤولين، وأثنى على موهبتي، وبعد نحو عشرين عاماً، كان الرجل نفسه، هو من رفض مخطوط روايتي"طفلة السماء"، بعدما أصبح رقيباً في اتحاد الكتاب العرب". وحول اتهامها وجيلها في اختراق المحرمات في كتابتهن الروائية، توضح قائلة: لا أفكر بهذه الطريقة الميكانيكية، فأنا لا أضع فكرة المحرم في رأسي وأكسوها بفكرة روائية، لأن طريق الشهرة لا يمر بمقاربة المحرم، ولعل المشكلة التي نواجهها ككاتبات، تتلخص في النظرة الذكورية التي تماهي بين ذات الكاتبة وبطلاتها، وهذه النظرة هي الورقة الرابحة في يد من يرغب في الفضائحية، كما جرى يوماً مع غادة السمان".