اقترب حزب"المؤتمر الوطني"الحاكم و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"من تجاوز الخلاف على بعض الوزارات الاقتصادية والخدمية، واستمرت المشاورات بينهما لوضع اللمسات الأخيرة على تشكيلة الحكومة الانتقالية المتوقع إعلانها الأسبوع المقبل، فيما انتهت المحادثات بين الحكومة و"التجمع الوطني الديموقراطي"التي استمرت شهراً في الخرطوم من دون اتفاق على مشاركة التحالف في السلطة بعد رفضه القبول بثلاثة وزراء وعشرين عضواً في البرلمان، واعتزامه طرح الأمر على هيئته القيادية للبت فيه. لكن الحزب الحاكم أكد انه سيمضي في تشكيل الحكومة ولن ينتظر قرار"التجمع". وعلم ان الشريكين -"المؤتمر الوطني"و"الحركة الشعبية"- أوشكا على القبول بصيغة توفيقية في شأن وزارة الطاقة، بحيث تتولى"الحركة"الوزارة على ان يكون نصيب"المؤتمر"وزير الدولة والأمين العام للوزارة، وفي المقابل يحتفظ"المؤتمر الوطني"بوزارة المال على ان تتولى"الحركة"منصب وزير الدولة وأحد وكلاء الوزارة. ويرجح ان ترشح"الحركة" وزير النقل السابق الدكتور لام أكول لشغل وزارة الطاقة. وينتظر ان تبدأ لجنة مشتركة من الطرفين في تلقي ترشيحات المجموعات الحزبية العشر التي وافقت على المشاركة في السلطة وفق النسب التي عرضت عليها. ورجح قيادي في"الحركة الشعبية"إعلان تشكيل الحكومة الجديدة بحلول السابع من أيلول سبتمبر المقبل. وأكد قيادي بارز في"الحركة الشعبية"ل"الحياة"ان تشكيل الحكومة لن يتعطل في انتظار قرار من"التجمع"المعارض، موضحاً ان النسبة المخصصة للقوى السياسية الشمالية في مجلس الوزراء وهي 14 في المئة، لن تظل شاغرة حتى يحسم"التجمع"أمره لأن هذه النسبة ليست له وحده. وأضاف ان حركته استدعت قياداتها من الجنوب الى الخرطوم التي وصلها نائب رئيس حكومة الجنوب الدكتور رياك مشار والمشرفون على الولايات، مشيراً الى ان قادة الحركة في لقاءات مستمرة للتشاور في شأن استكمال الاجهزة الدستورية، بعدما سمت مرشحيها للمواقع البرلمانية والتنفيذية. وذكرت مصادر في"المؤتمر الوطني"ان الحزب راعى التوازنات في ترشيحه للوزراء، إذ سمى ثلاثة وزراء من دارفور واثنين من شرق البلاد. وكشفت ان بعض الوزراء الذين سيغادرون مواقعهم سينتقلون الى أخرى مثل وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل الذي سيصبح مستشاراً رئاسياً، وكذلك وزير الحكم الاتحادي الدكتور نافع علي نافع والأمين العام السابق للحزب الحاكم البروفسور ابراهيم احمد عمر الذي سيعود الى موقعه السابق مساعداً لرئيس الجمهورية. وأضافت المصادر ذاتها ان وزير الزراعة الدكتور مجذوب الخليفة مرشح لوزارة الصحة، ووزير الداخلية السابق اللواء عبدالرحيم محمد حسين مرشح لوزارة الطيران أو الشؤون الانسانية. ولم تستبعد انتقال وزير الطاقة الدكتور عوض احمد الجاز الى وزارة الداخلية، مشيرة الى ان الحزب الحاكم سيحسم مرشحيه بصورة نهائية قبل نهاية الأسبوع. الى ذلك، أنهت اللجنة السياسية المشتركة بين الحكومة و"التجمع الوطني الديموقراطى"المعارض أعمالها وأصدرت بيانها الختامي، فيما آثرت اللجنة العسكرية الانفضاض من دون الاعلان عما توصلت اليه من نتائج. وأفاد البيان انه جرى الاتفاق على تشكيل ثماني لجان لتنفيذ اتفاق القاهرة الموقع في حزيران يونيو الماضي، يباشر بعضها العمل خلال أسبوع. ورُهن تشكيل لجان أخرى سُمّيت بالقومية بقرار في هذا الشأن يصدره مجلس الوزراء. وترك البيان الذي وقعه مساعد رئيس"التجمع"السيد فاروق ابو عيسى ومسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الحاكم الدكتور كمال عبيد - وشمل ملخصاً لما دار في المفاوضات التي استمرت شهراً كاملاً - الباب مفتوحاً أمام مشاركة"التجمع"في الحكومة الانتقالية، في وقت لوح فيه"المؤتمر الوطني"بعامل الزمن، مؤكداً أن جداول تشكيل الأجهزة الانتقالية ستمضي وفقاً لما هو موضوع من دون انتظار. وأكد فاروق ابو عيسى ان مشاركة"التجمع"المعارض في المرحلة الانتقالية أمامها صعوبات، لكنه لم يقطع في شأنها نهائياً، مشيراً الى ان الحكومة ما زالت عند موقفها في شأن نسب المشاركة. وقال:"نحن نرى انها غير واقعية وغير عادلة ولا تمثل قدر التجمع وفصائله المختلفة". وتابع:"شعرنا اننا سنكون غير فاعلين أو مؤثرين وفضلنا ان يكون لنا رأي آخر، ولكن هذا الأمر سيحسمه اجتماع هيئة قيادة التجمع المنتظر ان يعقد في اسمرا في وقت لاحق"، مشيراً الى ان قيادات المعارضة ستعود الى ممارسة نشاطها من داخل البلاد، شاركت في السلطة أم لم تشارك. أما الدكتور كمال عبيد فقال، من جهته، ان الجانبين اتفقا على تكوين ثلاث لجان، هي اللجنة القانونية واللجنة السياسية ولجنة لرفع المظالم ورد الضرر، موضحاً ان اللجنة السياسية تشتمل على لجنة برنامج الاجماع الوطني التي تختص بصوغ مشروع الاجماع الوطني استناداً الى ورقتي الحكومة و"التجمع"، الى جانب مناقشة المشروع مع القوى السياسية الأخرى وحشدها للمشروع واتفاق السلام. وأضاف ان اللجنة السياسية تحوي أيضاً اللجنة القومية لتقويم تجربة الحكم الفيديرالي واللجنة القومية لدرس ومراجعة قوانين الخدمة المدنية والتي تُشكّل بقرار من الحكومة، وأخرى لترتيب أوضاع الهيئة القضائية التي تتكون من ذوي الخبرة والدراية مناصفة بين الطرفين، بحسب ما ذكر البيان المشترك الذي أشار أيضاً الى لجنة لتأكيد قومية القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى وجهاز الأمن. وتختص هذه اللجنة بصوغ تصور مشترك. في غضون ذلك، قال الاتحاد الافريقي ومسؤولو مساعدات إن قطاع طرق صعدوا هجماتهم على قوة الاتحاد وقوافل المساعدات الإنسانية في إقليم دارفور. وأعلن الضابط المسؤول فى الاتحاد جان بابتيست ناتاما أن شخصاً واحداً أصيب بجروح طفيفة عندما هاجم مسلحون مجهولون دورية قرب عاصمة الإقليم نيالا، مشيراً إلى أن المنطقة تفتقر الى حكم القانون وأن المسلحين يهاجمون الجميع. وأضاف أن الاتحاد يجري تحقيقات في تلك الهجمات، لكنه أضاف أنه لم يتضح هل كان المسلحون يعملون بمفردهم أم أن لهم صلات بجماعات مسلحة أخرى في المنطقة..