تجميع البطاقات الهاتفية الفارغة... هواية جديدة انضمت إلى قائمة الهوايات الشائعة والتقليدية لتحجز لها مكاناً على خارطة ممارسات يومية ظهرت بعد ثورة الاتصالات الهائلة التي نعيشها في وقتنا الراهن. وأصبح لهذه الهواية مريدون، وصل عددهم إلى الآلاف في بعض الدول الغربية، لتزاحم أخيراً الهوايات الأخرى وإن كانت لا تزال في طور الانتشار في العالم العربي. حيث بدأت هذه الهواية تستقطب الاهتمام، خصوصاً أن للبطاقات العربية ملامح وصوراً تميّزها كثيراً عن بطاقات الدول الغربية. بداية القصة ويعتبر المهندس خليفة عبد اللطيف، مدير المركز المصري للهواة في القاهرة، هواية تجميع البطاقات الهاتفية الفارغة إحدى أحدث هوايات العصر. ويوضح ان الفكرة ظهرت للمرة الأولى عام 1979 في إيطاليا، باعتبارها الدولة الأولى التي تستخدم نظام البطاقات الهاتفية سابقة الدفع في إجراء المكالمات الهاتفية من طريق الأكشاك الهاتفية المنتشرة في الميادين والشوارع. ثم تلتها اليابان التي استخدمت هذه التقنية الجديدة في الاتصالات بداية من عام 1981. ويشير عبد اللطيف إلى أن انتشار هذا النظام الجديد أسهم في اتسّاع دائرة عملية الاحتفاظ بالبطاقات بعد استعمالها، مما دعا إلى تأسيس عدد من الأندية العالمية، فضلاً عن صدور بعض النشرات والكتيبات المتخصصة في عرض نماذج وأشكال مختلفة من البطاقات التي طرحت للبيع. وذلك فتح المجال أمام الهواة لتبادل البطاقات على غرار النظام المتبع في هواية تجميع العملات وطوابع البريد والصور النادرة. وأوضح عبد اللطيف أن الإصدارات الإيطالية واليابانية الأولى من البطاقات الهاتفية تعد من أندر البطاقات في العالم لأن الدولتين كانتا اول من استخدم هذه التقنية الحديثة في إجراء المكالمات والاتصالات الهاتفية. وما يدل على أهمية وقيمة الإصدارات الأولى من البطاقات الإيطالية واليابانية انه في عام 1986 بيع كارت ياباني فارغ بمبلغ 60 ألف دولار في مزاد عالمي. وكان هذا المبلغ أعلى قيمة تدفع في بطاقة هاتفية فارغة حتى اليوم، على رغم أن سعره قبل الاستخدام كان لا يتجاوز 3 دولارات فقط. ويشير عبد اللطيف إلى أن إيطاليا تضم أكبر نسبة من هواة تجميع البطاقات الهاتفية اذ يقدر عددهم بنحو 50 ألف هاو، تليها اليابان التي يبلغ عدد الهواة فيها 300 ألف في حين لا يتجاوز عددهم في مصر 5 آلاف، فيما تعد السعودية والإمارات والبحرين والكويت والمغرب وتونس من أكثر الدول العربية بعد مصر استقطاباً للهواة. "الحدوتة المصرية" وشهد العام 1985 بداية استخدام هذه البطاقات في مصر في عدد من المدن الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية. وعممت بعد ذلك في معظم محافظات ومدن وربوع البلاد. وظهرت أول بطاقة لهيئة الاتصالات المصرية في ذلك الوقت، مكتوباً عليها كلمة"أرينتو"بالإنكليزية، وهي اختصار لإسم الهيئة القومية للاتصالات بالإنكليزية. ثم توالت بعد ذلك إصدارات البطاقات سابقة الدفع التي كانت تتباين وتتنوع أشكالها وتصميماتها وفئاتها، وكانت أسعارها تندرج من 5 إلى 40 جنيهاً. ولاقت هذه التكنولوجيا الحديثة إقبالاً لافتاً مع بدء طرحها في الأسواق. وأصدرت الشركة بطاقة تذكارية من فئة 5 جنيهات كتبت عليها"هدية مجانية وليس للبيع". ووزعها بالفعل مجاناً على الجمهور لفترة محدودة مع بداية طرح هذه الشركة لإنتاجها كشكل من أشكال الدعاية لمنتج الشركة. ووصل سعر البطاقة في ما بعد إلى نحو 150 جنيها بعد الاستخدام، في حين أن سعرها قبل الاستخدام هو 5 جنيهات فقط، وذلك بسبب ندرتها. وذكر عبد اللطيف انه مع بدء تطبيق نظام الخصخصة في مصر ظهرت شركات اتصالات أخرى منافسة للهيئة بلغ عددها 4. وبدأت تطرح إنتاجها الجديد من البطاقات في شكل متطور وجذاب جنباً الى جنب مع إنتاج الشركة المصرية للاتصالات. واصبح الجميع يتنافس على جذب مزيد من العملاء من طريق بعض الامتيازات التي تتخصص بها كل شركة. وأكد عبد اللطيف ان على رغم ما تحمله هذه البطاقات من مميزات، فإنه مع بدء انتشار الهاتف المحمول في مصر، بدأت أهمية خاصية الاتصال عبر البطاقات سابقة الدفع تتراجع وتفقد جزءاً كبيراً من بريقها وجاذبيتها. وبدأ الكثيرون يعزفون عنها بعد أن أصبحت الكلمة الفاصلة لمراكز الاتصالات والسنترالات الخاصة التي انتشرت في شكل هائل في فترة قصيرة في معظم الأحياء والمدن والمحافظات والقرى المصرية. ويغلب على أبرز الأشكال والتصميمات التي تميز البطاقات الهاتفية المتداولة في مصر طابع المعلومات والصور والرسومات التي تعكس جانباً من تاريخ مصر واهم المعالم السياحية والمرافق والمنشآت المهمة مثل الأهرامات والمتحف المصري وأبو الهول ومعابد الأقصر والقلعة ومكتبة الإسكندرية ومترو الإنفاق وغيرها. ويوضح عبد اللطيف أن كل دولة تتفنن في تصميم بطاقاتها، لتبدو جذابة وأنيقة وتحوي بعض المعلومات أو الصور التي تعكس ملامح من تاريخها وحضارتها وتراثها. وعلى سبيل المثال فإن معظم البطاقات الصادرة في دول الخليج العربي تشتمل على بعض المعالم والصور التراثية التي ترمز إلى كل بلد مثل القلاع والحصون القديمة وسباق الخيول والهجن وصيد اللؤلؤ والمحميات الطبيعية وغيرها. أما عن أغرب وأغلى البطاقات التي ظهرت حتى الآن فيشير عبد اللطيف الى انها بطاقة تذكارية قد صدرت في الولاياتالمتحدة الأميركية في أوائل الثمانينات من القرن الماضي وصنعتها من الذهب الخالص ورسمت عليها صورة مارلين مونرو، وبيعت في مزاد عالمي بنحو 100 ألف دولار.